باسيل يمهّد لترشّحه في غياب التوافق

30 يناير 2023
باسيل يمهّد لترشّحه في غياب التوافق


سجلت كلمة مطولة لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، تناول فيها الملف الحكومي والملف القضائي، وملف التفاهم مع حزب الله، وتوقف أمام الاستحقاق الرئاسي طارحاً ثلاثة خيارات، أولها التوافق على اسم من خارج الأسماء المتداولة، والثاني التغاضي عن الاسم مقابل التفاهم على مشروع تلتقي الكتل النيابية المعنية على تحقيقه وتكون الرئاسة والحكومة والتشريع هي أدواته، وقال باسيل في حال الفشل في الخيارين سيدرس ترشيح نفسه من باب حفظ الحق بمعزل عن الربح والخسارة.

وكتبت” الاخبار”: مُعادلات جديدة استوقفت الدوائر السياسية في بيروت، مهّد لها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي أطلّ أمس في كلمة كرّس فيها تباعده عن حزب الله، من دون حرق المراحل والذهاب إلى كسر الجرّة نهائياً. رسم لنفسه دوراً مفصلياً، مؤكداً تموضعه في معسكر «خاص» من دون حلفاء، ثم قام بعملية استطلاع بالنار السياسية لمناخات على صلة بالاستحقاق الرئاسي، وفي انتظار ما سينتج منها، «يبنى على الشيء مقتضاه». ولعلّ الأكثر تعبيراً عن ذلك، اختصره باسيل بقوله إنه «في حال تمّ تعذر الاتفاق على اسم واحد من الأسماء، وبحال لم نلق نتيجة، سندرس المواقف لأي مرشح يصل، شرط أن يتعهّد قبل انتخاب الكتل المؤيدة له بتنفيذ مطالب إصلاحية فيها خير لكل اللبنانيين، وأبرزها قانون اللامركزية وقانون استعادة الأموال المحوّلة وغيرهما. وهذا للتأكيد أنه يهمنا المشروع وليس فقط الشخص».
صحيح أن كلمة باسيل هي تكرار لهجومه المعتاد على «المنظومة» وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكنها هذه المرة حملت مواقف جديدة تؤشر إلى تحولات كبيرة قد تشهدها الأسابيع المقبلة:أولاً، إشارة لافتة حيال مستقبل العلاقة مع حزب الله، بقوله إن التيار «مستعدّ لعقد تفاهم جديد ليس مع الحزب وحسب، إنما مع أي مكوّن جديد تحتَ عنوان بناء الدولة»، رافضاً تسوية الخلافات في الغرف المغلقة لأن «من حق جمهورنا أن يعلم بما يجري»، ما فسر على أنه رد على طلب الحزب أن تبقى المناقشات بين الجانبين بعيدة من الإعلام.
ثانياً، أقفلَ الباب نهائياً في وجه أي محاولة للنقاش بشأن سليمان فرنجية، بالقول إن «ما يحمي المقاومة هي الدولة المحمية والمحصنة من الفساد، لأن مشروع المقاومة لا يجب أن يتناقض مع مشروع الدولة، وأن الناس هي من تحمي المقاومة وليسَ فقط بيئتها».ثالثاً، أعطى إشارة استعداد للانفصال عن الحزب والذهاب إلى بدائل أخرى، لافتاً إلى أن «هناك أشخاصاً اليوم يخافون على التفاهم وأنا أولهم، وهناك من ينتظر انتهاءه ليشمت. أتوجه للحريصين على التفاهم: ماذا يمكننا أن نفعل بعد وماذا علينا أن نقدم؟ المسألة هي مسألة كرامة ووجود، ومن ليس لديه بديل يموت. ولكن نحن لا نموت».رابعاً، أشار باسيل إلى أن الانتقال إلى المعارضة خيار وارد في حال «رُفضت كل مساعينا وتأكدت نوايا الإقصاء، وسنذهب إلى الممانعة الشرسة ضد كل المنظومة».خامساً، للمرة الأولى هاجَم باسيل بشراسة قائد الجيش جوزيف عون الذي «يخالف قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية ويأخذ بالقوّة صلاحيات وزير الدفاع ويتصرّف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش». وللمرة الأولى، يؤكد وجود حسابات موازية تعكس في جانب منها رغبة الدخول «رسمياً» إلى نادي المرشحين الرئاسيين، إذ لفت إلى أنه يفكر «جدياً بالترشح لرئاسة الجمهورية للتمسك بأحقية التمثيل، وحتى لو لم تكن لديّ حظوظ، أما إذا كان تنازلنا من دون مقابل ونذهب إلى نهاية الدولة فالأفضل أن نحافظ على حقنا».
وبينما أكد أن على بكركي مسؤولية جمع الكلمة المسيحية ومسؤولية رفض أي تخطٍ لهذه الكلمة، اعتبر أن «من يفكر بانتخاب رئيس جمهورية من دون المسيحيين يرتكب ضرب جنون وطني وسياسي»، وبعث برسالة إيجابية إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من دون أن يسمّيه قائلاً «موقف وطني لمن يرفض تخطي المسيحيين، ويعوّل عليه لبناء حياة مشتركة ومتشاركة في قلب الجبل».وكتبت” نداء الوطن”: في حلقة جديدة من حلقات مسلسل “الغرام والانتقام” المحتدمة أحداثه بينه وبين “حزب الله”، أطلق رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمس فصلاً جديداً من فصول التناحر والاقتتال على خشبة الترشيحات الرئاسية بين أركان محوره السياسي، مستعيداً مشهدية “دور البطولة” في تحصيل حقوق المسيحيين والتصدي لـ”المنظومة” التي تشارك وإياها الحكم رئاسياً ونيابياً وحكومياً وإدارياً ومالياً على مدى نحو قرابة عقدين من الزمن قبل أن يقرر اليوم استخدامها كشماعة للاستثمار الشعبوي والابتزاز السياسي والرئاسي في محاولة لإخضاع شركائه في هذه المنظومة لشروطه في لعبة ترتيبات وتركيبات العهد المقبل.فتحت شعار “الوفاق والشراكة” استكمل باسيل حربه المفتوحة مع المرشحين المطروحين على طاولة الخيارات الرئاسية الداخلية والخارجية، وفي مقدمهم قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بلغ أمس حدّ التشهير بمسلكيته ومناقبيته العسكرية والتشكيك بذمته المالية، متهماً إياه بأنه “يتصرّف على هواه بالملايين في صندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش”، أما في صراعه الرئاسي المستميت مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، فلم يجد رئيس “التيار الوطني” أمام ما لمسه من إصرار “حزب الله” على ترشيح فرنجية، سوى التهديد باستخدام “آخر خرطوشة” في معركته الرئاسية، عبر التلويح بإعلان ترشّحه لرئاسة الجمهورية “بغض النظر عن الخسارة والربح”.وعزت مصادر واسعة الاطلاع الهجوم المزدوج الذي شنّه باسيل على عون وفرنجية إلى استشعاره خطر وصول أي منهما إلى سدة الرئاسة تحت وطأة الضغط المتزايد الذي بدأ يمارسه “حزب الله” على الحلبة الرئاسية، خصوصاً في ظل تبدّل موقف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من معارض لوصول قائد الجيش إلى قصر بعبدا إلى مؤيّد لانتخابه رئيساً للجمهورية، فبادر باسيل إلى تسعير نار الخلافات بين الوزير موريس سليم والعماد عون لـ”حرق” ترشيح الأخير، بدايةً عبر ضخ معلومات وأنباء صحافية ترمي إلى تأجيج الخلاف بينهما بذريعة تجاوز عون صلاحيات وزير الدفاع، إلى درجة تولت معها دوائر ميرنا الشالوحي التسريب عن لسان سليم كلاماً يلوّح به بطلب إقالة قائد الجيش، الأمر الذي سارع وزير الدفاع إلى نفيه من بكركي شخصياً.وأوضحت المصادر أنّ مسألة “تجاوز الصلاحيات” هي مجرد بدعة اختلقها باسيل في مواجهته الرئاسية مع قائد الجيش “رغم علم جميع المعنيين بأنّ العماد عون لم يتخط صلاحياته وما قام به أنه فصل ضباطاً ولم يكلف ضباطاً وهناك فرق بين الفصل والتكليف، ففي الحالة الاولى هي صلاحية كاملة منوطة بقائد الجيش، بينما الثانية هي صلاحية مشتركة بين قائد الجيش الذي يقترح ووزير الدفاع الذي يُكلف”.وكتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”:بدا واضحاً من كل الخطاب أن المقصود الأول هو «حزب الله» في محاولة لوضع النقاط على الحروف في العلاقة من دون أن ينسى تذكيره بتغليب علاقته مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على غيرها، وإطلاق يده لعقد جلسات للحكومة بينما هو لم يتوقف عن محاولات كسر باسيل وضمن هذا الإطار يندرج التوقيع مع الشركة القطرية للتنقيب عن النفط في السراي الحكومي علماً أن الحفل كان يجب أن يتم في وزارة الطاقة. وجّه باسيل الدعوة للتلاقي، من دون أن يفوته التذكير بمسؤولية بكركي في جمع الكلمة ليؤكد أنّه «ضرب جنون، وطني وسياسي، التفكير بانتخاب رئيس جمهورية من دون المسيحيين» قاصداً الثنائي الشيعي على وجه التحديد. في تفسيرها تعتبر مصادر «التيار» أنّ ما قاله باسيل رسالة موجهة إلى «حزب الله» ليعيد حساباته في العلاقة مع «التيار» إن من ناحية التفاهم أو التمسك بمرشح يعاكس رغبة المسيحيين، وللمسيحيين ومن بينهم «القوات اللبنانية» للإتفاق في استحقاق مسيحي قبل أي إعتبار آخر.