حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن بعض الأطفال في لبنان قد يتعرّضون للخطر إثر عدم اعتراف السلطات بزواج أبائهم عبر الانترنت، ودعت الحكومة إلى إصدار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية.
وأفادت المنظمة، في تقرير أعده بيل فان إسفلد (مدير مشارك، قسم حقوق الطفل، مختص بالشرق الأوسط)، أن الأمر بدأ في 2020 في المقلب الآخر من العالم بالنسبة إلى لبنان، عندما بدأت مقاطعة في ولاية يوتا الأميركية بإجراء زيجات مدنية عبر الإنترنت. هدفت هذه الخطوة إلى تسهيل الزواج على الرغم من قيود فيروس “كورونا” وكانت مفتوحة للمواطنين الأجانب.
اقترن أول زوجين لبنانيين، خليل رزق الله وندى نعمة، باستخدام إجراءات ولاية يوتا عبر الإنترنت في تشرين الثاني 2021، وبحلول أيار 2022، سجّلت وزارة الداخلية اللبنانية زواجهما. حذا عشرات الأزواج اللبنانيين الآخرين حذوهما بالزواج على الإنترنت، منهم أزواج قالوا إن السلطات اللبنانية أكدّت لهم أن زواجهم سيُعترف به رسمياً.
ثم غيّرت السلطات رأيها. لا يؤثر هذا التغيير على الأزواج فحسب، بل يُعرّض أطفالهم للخطر.
في أيلول، علم رزق الله ونعمة أن “المديرية العامة للأحوال الشخصية” ألغت تسجيل زواجهما بلا إشعار مسبق. في تشرين الأول، وُلد طفلهما الأول. لكن لبنان يشترط على الأهل تقديم شهادة زواج لتسجيل ولادة أطفالهم رسميا. كما رفضت وزارة الداخلية تسجيل الزيجات عن بعد لأزواج لبنانيين آخرين، وبعضهم ينتظرون ولادة أطفالهم.
وبحسب التقرير، قد يتعرض الأطفال غير المسجلين في لبنان لخطر الاستغلال، ويواجهون عقبات في الالتحاق بالمدرسة، وبعد ذلك، فتح حساب مصرفي، أو الحصول على وظيفة، أو الزواج. يوجد إجراء مرهق لتسجيل أطفال الوالدين غير المتزوجين، ولكن الطفل يُسجّل باسم الأب فقط، بلا أي صلة قانونية بالأم. قد يواجهون وصمة اجتماعية باعتبارهم “غير شرعيين” بالإضافة إلى قيود على الحقوق، منها الميراث.
رفع رزق الله ونعمة دعوى قضائية بشأن إلغاء تسجيل زواجهما. كان رد الحكومة، الذي وثقته المنظمة الحقوقية “المفكرة القانونية”، أن على الأزواج السفر فعلياً إلى الخارج للزواج المدني. لكن منذ شباط 2022، فرض لبنان قيوداً استثنائية على استصدار جوازات السفر. ومع الانهيار المالي للدولة ـ تساوي العملة 1/40 من قيمتها في 2019 ـ يعجز العديد من الأزواج عن تحمل تكاليف السفر للخارج.
ولاحظ التقرير أن رد الحكومة يُمثّل تقصيراً في التزامات لبنان بتسجيل الأطفال فور ولادتهم ودعم حقهم في الجنسية. ويشير إلى المشكلة الأساسية. الزواج المدني ممنوع في لبنان. تتحكم السلطات الدينية في الزواج، والطلاق، وأين يعيش الأطفال بعد الطلاق، وهناك 15 نظاماً للمحاكم الدينية، لكل منها قواعد مختلفة. هذا النظام تمييزي، وتدعو منظمات حقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى مجلس النواب منذ سنوات إلى إصدار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية.
تُشكل الحالات الأخيرة سبباً لتحرك لمجلس النواب. في غضون ذلك، على لبنان تسجيل جميع ولادات الأطفال، بمن فيهم أولئك الذين تزوج آباؤهم وأمهاتهم عبر الإنترنت في ولاية يوتا الأميركية.