يدور الملف الرئاسي اللبناني في حلقة شبه مفرغة حتى اللحظة، لا بل يمكن القول انه يدور حول نفسه من دون ان يتمكن من تحقيق اي تقدم او جديد يدفع نحو تقليص المسافة الممتدة بين المرشحين الموارنة المعلنين وغير المعلنين وبين الكرسي الرئاسي الفارغ في بعبدا.
وقد يكون حال النائبين ملحم خلف ونجاة عون صليبا المعتصمين داخل القاعة العامة لمجلس النواب خير مثال عن الركود الذي يعاني منه الملف الرائاسي، فخلف وصليبا وبغض النظر عن طبيعة خطوتهما وأهميتها لم يتمكنا حتى الساعة من احداث اي خرق في حائط العناد والتخبط السياسي اللبناني.لكن وعلى الرغم من عدم تحقيق اي نقطة ايجابية على صعيد الانتخابات الرئاسية، الا ان مجموعة علامات ومؤشرات توحي باحتمال الانتقال الى مرحلة جديدة من مراحل المعركة قد تساعد في التقدم بعض الخطوات الى الأمام او قد تدفع نحو اتمام الاستحقاق ورفع العلم اللبناني من جديد على القصر الجمهوري في بعبدا.
وهذه المؤشرات متمثلة في الديناميكية التي أنتجها اجتماع رؤساء الطوائف المسيحية في لبنان الذي عقد في بكركي والذي قد ينتج عنه اجتماع مسيحي في الصرح البطريركي لم تحدد معالمه حتى الساعة على الرغم من ان بعض الاوساط تؤكد ان بكركي لن تقدم على هذا النوع من الخطوات تفادياً لأي فشل او استغلال قد يزيد الأمور تعقيدا.
كما ان الخطوات المشار اليها، يمكن استخلاصها من خلال التموضع الجديد الذي يحاول خلقه او السعي الى الترويج له رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، فصحيح ان جنبلاط لم يعلن توجهاته بشكل صريح حتى الساعة لكن حراكه سيؤدي حتماً الى تحريك مياه المستنقع الرئاسي اللبناني.وفي هذا الاطار، يؤكد مرجع مطلع لـ”لبنان 24″ ان “المؤشرات والخطوات الفعلية التي يمكن البناء عليها تذهب أبعد بكثير من التحركات والمبادرات الداخلية وهنا لا نتحدث عن اللقاء الخماسي الذي عقد في باريس وحسسب، انما نشير الى محاولة فاتيكانية لا يمكن وضعها في باب المبادرات لكنها قد تستطيع ان تدفع نحو تطور ايجابي معين.
فالفاتيكان الذي اعتاد دائما ان يقف الى جانب لبنان محركاً دبلوماسيته الناعمة من اجله في شتى الاتجاهات الممكنة، لا يقف مكتوف الأيدي خلال هذه الفترة، بل يسعى وبأسلوبه الخاص لانهاء الشغور المميت الحاصل في الكرسي الرئاسي”.ويضيف المرجع ” من الطبيعي جدا ان يستمر التواصل بين الدوائر البابوية وبين البطريركية المارونية، ومعظم الخطوات التي يباركها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي غالبا ما تكون منسقة مع روما.
لكن وعلى الرغم من هذا، تحاول روما ان تلعب دورا استثنائيا بالاضافة الى دورها الظاهر من خلال بكركي، اذ انها لا تنظر الى لبنان انطلاقا من جغرافيته وحدوده المعلنة وحسب، انما وخاصة في الفترة الأخيرة، اصبحت تنظر اليه كمكون أساسي من مكونات الشرق الأوسط وكرافعة للمسيحيين فيه الذين هجروا سوريا والعراق وغيرهما من الدول.
ومخاوف الفاتيكان تتمحور بشكل أساسي حول دور المسيحيين في لبنان ووجودهم بصفتهم حجر اساس للوجود المسيحي بشكل عام في الشرق.
وبناء عليه تتحرك الفاتيكان مؤخرا بشكل لافت عبر التواصل الجدي مع مختلف عواصم القرار الغربية والعربية، وهذه الجدية يلمسها مختلف زوار السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا، الذي لا يتأخر في ان ينقل اليهم رسالة مفادها ان عدم انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية هو جريمة فعلية بحق جميع اللبنانيين والمماطلة في اختيار الرئيس لأسباب سياسية وغير سياسية، ستزيد من الخراب الحاصل، لذلك لا بد من تحكيم لغة العقل والذهاب الى انتخاب رئيس يَعتبر ان جمع الاطراف اللبنانية لاسيما المسيحية منها على طاولة واحدة هدف أكيد لا بد من تحقيقه.