على ايقاع الهواجس الزلزالية المعيشية والحياتية والطبيعية، يمضي اللبنانيون أيامهم ولياليهم في جهنم الحمراء، متكلين على العناية الالهية لانقاذهم بعد أن فقدوا الأمل من السلطة والمنظومة الحاكمة التي لا تتقن سوى سياسة التعذيب والاستبداد، ولا تؤمن سوى بثقافة القتل والموت.
وما يجري من مناكفات واختلافات على الصعد كافة خير دليل. وبالأمس، اشتعلت الجبهة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، اذ نجح ميقاتي في فرملة هجومها المتواصل فصولاً على القطاع المصرفي، بعدما تجاوزت كل الخطوط الحمر، مهددة لبنان واقتصاده .
وفي تفاصيل المعركة بين الطرفين، فإنه غداة اعلان الرئيس ميقاتي عن حل لازمة المصارف يفترض أن يعيدها الى العمل في غضون 48 ساعة، وجّه كتاباً الى وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي طلب فيه عدم تأمين المؤازرة أو تنفيذ أي اشارة أو قرار يصدر عن القاضية عون في أي ملف يثبت أنه قد جرى تقديم طلب مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمالها، وذلك لحين بت المرجع القضائي بهذا الطلب.
واستناداً الى كتاب ميقاتي الذي طلب فيه إتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات تجيزها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في سبيل تطبيق أحكام القانون ولمنع تجاوزه والمحافظة على حسن سير العدالة، وجه مولوي كتاباً الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والى المديرية العامة للأمن العام، طلب فيه منهما “ضرورة التقيد بكتاب رئيس مجلس الوزراء.”
وعلى الأثر، ناشدت عون السلطات الدولية في البرلمان الأوروبي، المساعدة في الدفاع عن سيادة القانون، وقالت في تغريدة على “تويتر”: “السيد ميقاتي يتدخل بشكل فاضح في العدالة من أجل وقف التحقيقات التي أجريها في قضية البنوك وتبييض الأموال، من خلال مطالبة وزير الداخلية بسام مولوي بعدم تنفيذ أوامر مدعي عام جبل لبنان”.
وأتى الرد التوضيحي من المكتب الاعلامي لميقاتي في بيان أكد أن “رئيس الحكومة لم ولن يتدخل في عمل القضاء، بل انطلق في بيانه من كتب وردته وتتضمن عرضاً مفصلاً لمخالفات منسوبة الى بعض القضاة.
القضاء المختص يبقى صاحب الصلاحية في ممارسة مهامه كاملةً وباستقلالية مُطلقة من دون أي تدخّل من أي سلطة أو جهاز، إلا أن ذلك يبقى مشروطاً بأن تكون تلك الممارسة ضمن سقف القانون ولا تشكّل تعدياً صارخاً على القواعد القانونية، وأن مسؤولية الجميع، كلّ من موقعه، هي المحافظة على القطاع المصرفي من دون أن يعني ذلك قطعاً جعل أي مصرف بمنأى عن أي ملاحقة أو مساءلة أو عدم إخضاعه للتحقيق ومحاسبته حتماً في حال ثبوت ارتكابه لأي مخالفة أو تجاوزات قانونية، ولكن مع مراعاة أصول الملاحقة والمحاكمة التي هي بحمى الدستور والقانون”.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر دستوري لـ “لبنان الكبير” أن “من الثابت أن هناك فصلاً بين السلطات في لبنان، ويتبين للوهلة الأولى أن هناك تدخلاً من السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية، لكن الحكومة اليوم هي المسؤولة عن مصير البلاد والعباد، وشئنا أم أبينا هناك مخالفات تقترفها القاضية عون لا سيما لجهة تمنعها عن تبلغ طلبات الرد ومخاصمة الدولة، وتطيح بالقوانين وبالمواد القانونية وبقانون أصول المحاكمات المدنية برمته.
وبالتالي، لا يمكن الظهور بمظهر القاضي المغبون الذي يتعرض لتدخل في اطار عمله خصوصاً أنها لا تلتزم الأصول القانونية الواجب اعتمادها.
تقديم دعوى رد بحق أي قاض يقتضي رفع يده عن الدعوى من تاريخ تبلغه طلب الرد. ويقتضي اليوم وضع حد لهذه التجاوزات والتصرفات التي حاول رئيس الحكومة معالجتها”.
وأكد أن “المعالجة يجب أن تحصل من مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي. أخطأت القاضية عون بعدم احترامها القوانين كما أخطأ الرئيس ميقاتي بتدخله في عمل السلطة القضائية. أما مناشدة البرلمان الأوروبي، فتعني التصعيد والمزيد من التأزم والكباش الحاصل، ونخشى ألا تكون خلفيته سياسية، ونصل الى سواد الأمور.
القاضية عون تلجأ الى المؤسسات الأوروبية من أجل تعزيز موقعها في مواجهتها مع الرئيس ميقاتي. هناك دور يجب أن يلعبه مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي.
ويفترض ألا نسمح بتدخل أوروبي لأن هذا يظهر عجز مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي. وبالتالي، عنوان المعركة يجب أن يكون بين مجلس القضاء الأعلى والقاضية عون”.
من جهة ثانية، وفيما يستعد الرئيس ميقاتي لزيارة الفاتيكان كما كشف في حديث صحافي، استغرب المكتب الاعلامي في البطريركية المارونية “إثارة الموضوع المتعلّق بالعدد في لبنان طالما أنه قد تمّ تجاوزه في متن الدستور، وبإجماع اللبنانيين على قاعدة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين”، مؤكداً أن “البطريركية المارونية لم تصدر أي تقرير يتضمن احصاء لنسبة المسيحيين، وبالتالي لم تسلّم أيّ مرجع داخلي أو خارجي أي تقرير أو احصاء من هذا النوع”.
بدورها، استغربت “المؤسسة المارونية للانتشار” في بيان “ما تفضّل به الرئيس ميقاتي عن أن نسبة المسيحيين تبلغ 19.4% من اللبنانيين، وأن يصدر عن دولته هذا الكلام فيما أظهرت الانتخابات الأخيرة في العام 2022 أن نسبة المسيحيين في القوائم الانتخابية تناهز الـ34.42% وأن نسبة المقترعين المسيحيين من مجمل المقترعين ليست بعيدة عن هذه النسبة”.
أما الجبهة الجنوبية، فليست بأفضل حال اذ أكّد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “إسرائيل بعثت برسائل إلى حماس وميليشيا حزب الله بأنها مستعدة عسكرياً لأي عمل في غزة أو لبنان”.
ثم تحدثت المعلومات عن سقوط قذيقة إسرائيلية من عيار 155 ملم، بصورة مفاجئة، على منزل قيد الإنشاء في مزرعة وادي خنسا في قضاء حاصبيا، والتي تبعد 2 كلم من الحدود، شمال قرية العباسية، في منطقة القطاع الشرقي جنوباً، فيما توزّعت ثلاث قذائف مدفعية أخرى بين حيٍ سكني، ولم يبلغ عن إصابات.
وحضرت قوة من “اليونيفيل” لاستطلاع الوضع، ومعاينة الإعتداء الاسرائيلي.
وليل أول من أمس، إشتعلت المنطقة بالقنابل المضيئة بعيد منتصف الليل، حين كان الجيش الإسرائيلي يُجري تدريبات عسكرية في مزارع شبعا المحتلة ومرتفعات الجولان.
والسؤال اليوم: هل من تصعيد عسكري اسرائيلي باتجاه لبنان؟ وما هي الرسائل التي أراد نتنياهو ايصالها الى الداخل والخارج؟
أجاب أحد الخبراء العسكريين في تصريح لموقع “لبنان الكبير” بأن “نتنياهو لن يقوم بأي مغامرة حربية انما سيقوم بعمليات أو ما يسمى معارك بين الحروب في سوريا وغزة، لكن ليس في الجنوب اللبناني لأنه كما بات معلوماً، اسرائيل بدأت بتصدير النفط من حقل كاريش، وتعرف ما هو ثمن فتح الجبهة الجنوبية.
في ظل المشكلات والانقسامات الاسرائيلية الداخلية، يصرح نتنياهو بمثل هذه التصريحات ليهرب من مشكلاته الداخلية.
بالاضافة الى أن العلاقة مع الولايات المتحدة ليست كما يجب بسبب الحرب التي لا تريدها.
اذاً، هذا التصريح يعني التحذير، والهروب من المشكلات الداخلية واظهار نوع من القوة.
وكل ما قاله نتنياهو بشأن لبنان، يبقى في اطار التهويل والتهديد لا أكثر ولا أقل”.