كتب صلاح سلام في “اللواء”: على طريقة «ضربني وبكى.. وسبقني وإشتكى»، تتعامل المصارف مع المودعين الذين خسروا أموالهم في غفلة من الزمن، في أكبر عملية نصب يتعرض لها شعب في العالم، بتواطؤ مكشوف بين السلطات الرسمية والمصارف، في لعبة مشبوهة تقضي بتوزيع الأدوار بينهما.
Advertisement
المصارف تُقفل أبوابها إسبوعين، وتتوعد بالعودة إلى الإضراب بمجرد تحريك الملفات القضائية، والحكومة ماضية في سحب ما تبقى من قروش في جيوب الناس، من خلال رفع الرسوم والضرائب، عبر الزيادات المضطردة لدولار «صيرفة»، الذي تضاعفت قيمته مقابل الليرة مرتين خلال أقل من شهر واحد.
وجاء رفع الدولار الجمركي ثلاثة أضعاف من ١٥إلى ٤٥ ألفاً دفعة واحدة، وفي وقت تجاوز فيه سعر الدولار الأسود الثمانين ألفاً، لتكتمل حلقة الأسعار على خناق اللبنانيين، دون رقيب أو حسيب، ودون أن يرف جفن لمسؤول سياسي أو مالي.
ألا يُسائل المسؤول نفسه، كيف يُمكن لهذا المواطن المسكين، الذي يتقاضى راتبه بالليرات اللبنانية، أن يؤمن حاجات عائلته المعيشية الضرورية، مع موجات الجنون بأسعار السلع الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها الرغيف؟
ألا يُدرك المسؤول أن الزيادات التي تُقر على الرواتب وبدل النقل، تتبخر قيمتها قبل أن يجف حبر قراراتها، وبالتالي فإن الدولة تتبع سياسة لحس المبرد، وتفرض على المواطنين أن يحذوا حذوها، في غياب خطة إصلاحية وإنقاذية قادرة على إنقاذ البلاد والعباد من دوامة الإنهيارات الراهنة؟
إلى متى يستطيع هذا الشعب المغلوب على أمره تحمّل هذه الأعباء المتزايدة، والتي تنوء بحملها الجبال، ويبقى ساكتاً على هذا الضيم، وعلى هذا التدحرج المتسارع نحو القعر الأسفل في جهنم؟
قد تكون المساعدات الدولارية القادمة من الأبناء والأقارب في الخارج، على تواضعها، تسد بعض رمق العائلات المستورة، وتُبرّد تيارات الغضب ، ولكن الإنفجار الكبير آتٍ لا ريب فيه، طالما بقيت المعالجات الجذرية غائبة، والسلطة تكتفي بأساليب الترقيع للسياسات البالية.