يتابع المسؤولون الأوروبيون باهتمام الوضع الاقتصادي والمالي المتردي في لبنان، وغالباً ما يعبّرون عن قلقهم من التدهور الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي “الدراماتيكي” للبنانيين، في غياب تام ومطلق لأي خطة لمعالجة هذه الأزمة، التي تزيد أوضاع اللبنانيين فقراً وعوزاً. كما تؤدي الى مزيد من التقهقر في مؤسسات الدولة نتيجة تدنّي رواتب موظفي القطاع العام ونقص الحوافز، وهذا ما أدى الى استمرارهم بالإضراب، والى اقفال المصارف والتلاعب بسعر صرف الدولار، و”بهدلة” المواطنين على أبواب المصارف غير قادرين على سحب رواتبهم ولا ودائعهم.
ويشدد الأوروبيون، أمام زائريهم من مسؤولين ونواب ومعنيين بالشأن اللبناني، على ضرورة توقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، الذي هو الممر الالزامي للإصلاحات وكذلك للمساعدات الدولية والعربية المالية للبنان، خصوصاً أن الاتفاق المبدئي سيبقى “ساري المفعول” ويجب أن يستتبع باتفاق نهائي يتضمن خطة وتصوراً شاملين لحلّ الأزمة يترافقان مع إصلاحات بنيوية أساسية في الإدارة والمؤسسات ومحاسبة للذي تسبّب بهذا الانهيار الكارثي، ومع مقاربة تعيد الثقة الى المستثمرين وتعيد رؤوس الأموال، إضافة الى اعتماد الحكم الرشيد والشفاف، وهذا ما تفتقر اليه الدولة اللبنانية، وفق نظرتهم.
ولهذه الغاية هم يتابعون عن كثب المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد، وتحديداً لجهة وضع خطة متوازنة وعادلة لتحديد الخسائر وتوزيعها، والتي أصبحت تفوق الـ27 مليار دولار، وانتظام الموازنة العامة، وفي الوقت عينه يتوقفون عند عدم الالتزام بإقرار كل القوانين الاصلاحية المطلوبة لغاية الآن.
وقد لمس زائرو بعض الدول الأوروبية أخيراً أنه بالنسبة الى الأوروبيين، فإن الاستقرار السياسي يبدأ عبر انتخاب رئيس للجمهورية، لا ينتمي الى أي محور ويملك رؤية اقتصادية وسياسية، يشكّل مفتاحاً للحلّ، من ثم تشكيل حكومة فاعلة وقادرة على تسلم زمام السلطة والسير بالإصلاحات المطلوبة، وتغيير العقلية السياسية التي تدير البلد لناحية تحكّم الدولة الرشيدة بمفاصل الحكم وتغيير الفاسدين منهم سياسياً ومالياً والذين استفادوا من الدولة على مرّ أعوام وسرقوا ونهبوا على حسابها من دون أي محاسبة.