لم يعد أمراً غريباً دولرة كل القطاعات في ظل هذا التلاعب المستمر بسعر صرف الدولار، لكن المواطن اللبناني لم يعد باستطاعته تلبية ما عليه من دفوعات والتي أصبحت أسعاراً مضاعفة.
فبعد الغلاء الفاحش الذي طال أسعار المواد الغذائية وفاتورة المستشفيات والمولدات الكهربائية وشمل المواصلات وكل القطاعات ولم تستثنَ منها الاتصالات، بات تشريج هاتف واحد يوازي نصف راتب، لأنّ الرواتب في معظم الوظائف لا تزال بالليرة اللبنانية وإن كانت بالدولار فهي “لا تحرز”.
في الواقع، هناك كماليات كثيرة يمكننا التخلي عنها في حياتنا في ظل الأزمة التي نمر بها، لكن الهاتف بات اليوم من الأساسيات لغالبية الأشخاص، ولا سيما الموظفون والعاملون والطلاب الذين لا يمكنهم الاستغناء عنه ولا عن مواقع التواصل أو أي تطبيقات أخرى سواء للتواصل أو العمل أو الدراسة، اضافة إلى أنّ التكنولوجيا تطورت وصار الهاتف وتطبيقاته ركيزة أساسية فيها.
وجاءت التسعيرة الجديدة لبطاقات التشريج التي اعتمدت على دولار “صيرفة” 79 ألف ليرة لبنانية على الشكل التالي: 1$ = 110 آلاف ليرة لبنانية، كارت تشريج “تاتش” و”ألفا” 7.5$ = 800 ألف ليرة لبنانية، 4.5$ = 550 ألف ليرة.
أمّا الخدمات فأبرزها 500mb بـ3.5$، 10 gb بـ10$ “ألفا” و11$ “تاتش”، 100gb بـ35.5$ “ألفا” و36$ “تاتش”، وبالطبع الأسعار قابلة للتغيير عند تغير سعر صرف الدولار وتغير “صيرفة” معه.
في هذ الاطار، أشار وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم الى أنّ “القفزة الكبيرة التي شهدتها تعرفة صيرفة من 45 ألفاً إلى 79500 ليرة أدّت تلقائيّاً إلى زيادة تعرفة الاتصالات وتحميل المواطنين عبئاً إضافيّاً من دون أي رؤية للقطاع ومصيره.
وكانت قد سبقتها سرقة لأرصدة المشتركين عن طريق تحويلها من الدولار إلى الليرة على السعر الرسمي حينها الـ1500 ليرة، ومن ثمّ تحويلها من الليرة إلى الدولار على أساس سعر صيرفة وخفض سعر البطاقات بالدولار”.
وأوضح أنّ “تأمين مصاريف قطاع الاتصالات تكون إمّا من المساعدات غير المؤمنة في الوقت الراهن، أو من خلال دعم الدولة للقطاع والذي لن يحصل في ظل اتخاذ قرار بعدم دعم أي سلعة أو خدمة. وفي غياب المساعدات والدعم وخفض كلفة الخلوي إلى الحدّ الأدنى تبقى الطريقة الثالثة والوحيدة هي أن يُموّل القطاع نفسه بنفسه وأن يكون له اكتفاء ذاتي، وخيارات الوزارة محدودة”.
ويؤكد عدد من المواطنين أنّهم يتأقلمون مع هذه الحال التي فرضت عليهم شيئاً فشيئاً، لكنهم لا يتخيلون أنفسهم يوماً من دون هاتف، مؤكدين أنّهم “مجبرون” على تحمّل هذه التكاليف.
وأشار أحدهم الى أن هذه التكلفة قد تبدو غير مرتفعة، فالكثيرون يعتبرون أنّ 3 أو 5 دولارات لا تعتبر مبلغاً كبيراً في ظل هذا الوضع الاقتصادي، لكن الغالبية لا تزال تتقاضى رواتبها على الليرة اللبنانية وبالتالي هذا يشكل فارقاً كبيراً لدينا.