عوْد على بدء.. لماذا اشتعلت جبهة القوات والتغييريين فجأة؟!

31 مارس 2023
عوْد على بدء.. لماذا اشتعلت جبهة القوات والتغييريين فجأة؟!


من خارج السياق العام، وبالتزامن مع “واقعة” اشتباك النواب داخل اللجان المشتركة في مجلس النواب، والتي استُخدِمت فيها مختلف أنواع “الأسلحة”، وتجاوزت الحدود والضوابط المرسومة، سُجّل اشتباك “كلامي” من نوع آخر، بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، والنائبيَن “التغييريّين” حليمة قعقور وإبراهيم منيمنة، ترجِم على منصّات التواصل الاجتماعي عبر منشورات وتغريدات وبيانات مضادّة.

Advertisement

 
بدأت القصة بتداول فيديو، لم يُعرَف تاريخه تحديدًا، لرئيس حزب “القوات” ينتقد فيه كلاً من قعقور ومنيمنة، بوصفهما “بغير دني”، على حدّ قوله، ويعتبر أنّ أفكارهما لا تتماشى مع الواقع الراهن. وسرعان ما ردّ النائبان المذكوران بعنف على جعجع، حيث اعتبرت قعقور أنّه جزء من النظام الطائفي، وليس من يحدّد شكل المعارضة أو دورها، فيما وضعه منيمنة ضمن “أحزاب المنظومة”، ولو أصرّ على تقديم نفسه “مرشدًا سياسيًا وواعظًا ومنظّرًا”.
 
من جهتها، لم تتأخّر الدائرة الإعلامية في “القوات اللبنانية” في الردّ من جديد على النائبين، معتبرة أنّ هجومهما “منافٍ للواقع وللمنطق”، ومتحدّية إياهما الكشف عن “واقعة فساد واحدة مرتبطة بحزب القوات”، لتُطرَح بالنتيجة العديد من علامات الاستفهام، فلماذا اشتعلت “الجبهة” بهذا الشكل وفي هذا التوقيت؟ ولماذا “حصر” جعجع هجومه أساسًا بمنيمنة وقعقور، دون غيرهما من النواب “التغييريين”، وبعضهم يدورون في فلكهما أصلاً؟!
 
اعتراض “القوات” 
ليست المرّة الأولى التي توجّه فيها “القوات اللبنانية” انتقادات مباشرة للنواب “التغييريين”، ومن بينهم قعقور ومنيمنة، وهو ما يؤكده المحسوبون عليها، الذين يشيرون إلى أنّ مشكلة “القوات” مع هؤلاء تكمن في الأداء “الشعبوي” في مكانٍ ما، الذي يضرّ أكثر ممّا ينفع، بل لعلّه يخدم “أجندة” معسكر “حزب الله”، وهو ما تجلى مثلاً في مقاربة استحقاق الانتخابات الرئاسية، الذي ظهرت معه قوى المعارضة مشتّتة ومنقسمة على نفسها.
 
ورغم أنّ المحسوبين على “القوات” لا ينكرون وجود “استياء” لدى قاعدتها وجماهيرها من الهجوم المكرّر وغير المبرّر الذي يكرّره النواب “التغييريون” على جعجع، والإصرار على وضعه في خانة “المنظومة” التي يشكّل عمليًا “رأس حربتها”، فإنّهم يشدّدون على أنّ جعجع في انتقاداته، لا يوحي من قريب أو من بعيد بأنّ هؤلاء ملحقون بـ”حزب الله” أو موالون له، وهو ما أكّده جعجع أصلاً في الفيديو المتداول، حين وصفهما بأنّهما “كتير مناح كأشخاص”.
 
 وفيما ينفي المؤيدون للموقف “القواتي” أن يكون جعجع قد سخّف من بعض الشعارات التي يرفعها منيمنة وقعقور وغيرهما، ولا سيما إلغاء الطائفية السياسية، يشيرون إلى أن الأهم من ذلك مدى القدرة على ترجمتها على أرض الواقع، وهو ما ليس ممكنًا اليوم، ويشدّدون على أنّ الانتخابات الرئاسية أثبتت أنّ الدور الذي يجب أن تلعبه المعارضة مغاير، في مواجهة مشروع “حزب الله”، وهو ما يقف “التغييريون” حجر عثرة في طريقه، بذريعة “الحساسيّات”.
 
لماذا منيمنة وقعقور؟ 
لكنّ هجوم جعجع أثار في المقابل، الكثير من علامات الاستفهام، وربما الريبة، في صفوف “التغييريين”، والمؤيدين لهم، فلماذا الهجوم على منيمنة وقعقور حصرًا، علمًا أنّ بعض زملائهما على الأقلّ، كفراس حمدان وسينتيا زرازير مثلاً، هما في الجو نفسه؟ وما الهدف من “تحقير” بعض القضايا المحقّة التي يرفعها هؤلاء، فضلاً عن إقحامهما في قضايا لم يذكراها، كتحرير فلسطين والوحدة العربية، للإيحاء وكأنّ هذه الأمور هي “أولويتهما” رغم كل شيء؟
 
لا ينكر المقرّبون من الجو “التغييري” وجود “تنوّع” في صفوف النواب المحسوبين على هذا الخط، أدى عمليًا إلى إنهاء “تكتل النواب التغييريين” منذ مبادرته الرئاسية التي لم تُحدِث أيّ خرق، بدليل أنّ نوابًا اصطفّوا إلى جانب جعجع في الخيار الرئاسي، كوضاح الصادق ومارك ضو مثلاً، في مقابل نواب آخرين تمسّكوا بخيارات أخرى، يعتقدون أنّها لا تمتّ لـ”المنظومة” بصلة، انطلاقًا من قناعات راسخة ومواقف “مبدئية” ربما.
 
لكنّ هؤلاء يتّفقون، وفق ما يقول العارفون، على أنّ هجوم جعجع يضرّ ولا ينفع، خصوصًا أنّ هناك من فسّر حديثه عن منيمنة وقعقور حصرًا بمنحى طائفي، باعتبار أنّه اختار نائبَين من لون مذهبي واحد، فيما ذهب آخرون لاعتبار أنّ الأوْلى بجعجع كان السعي لاستقطابهما، أو بالحدّ الأدنى “التقاطع” معهما ولو بصورة غير مباشرة، إن كان “صادقًا في نواياه” توحيد المعارضة، بدل افتعال هجوم قد لا يستفيد منه سوى الخصوم.
 
ثمّة من يؤكد أنّ العلاقة بين “القوات” وبعض نواب “التغيير” وصلت إلى حائط مسدود، باعتبار أنّ الأولى تحمّل هؤلاء أكثر ممّا يحتملون، لجهة المسؤولية عن شلل المعارضة وانقسامها، وقد سبق أن جرّبت معهم كلّ وسائل “الترغيب والترهيب” من دون أن تفلح. لكن ثمّة في المقابل، من يعتقد أنّ المشكلة في مكانٍ آخر، فالمعارضة لن تستطيع فرض خيارها ولو اتحدت، كما أنّ الموالاة لا تستطيع، ما يتطلب الانتقال إلى خطة الحوار والتفاهم!