كتب محمد شقير في” الشرق الاوسط”: التأزّم المسيطر على علاقة «التيار الوطني الحر» بـ«حزب الله»، بسبب اختلافهما في العمق، في مقاربتهما لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية، لم يكن عائقاً أمام توحّدهما في طرح مجموعة من الهواجس المشتركة، المؤدية إلى ترحيل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في حال تعذّر على وزارة الداخلية والبلديات توفير الحلول والمخارج لتبديدها.
ويمكن أن يكون «حزب الله» و«التيار الوطني» من موقع اختلافهما في مقاربتهما لانتخاب رئيس للجمهورية، على رأس السبّاقين إلى تظهير هواجسهما للعلن من دون أي إحراج، بخلاف معظم القوى السياسية الأخرى التي لا تمتلك الجرأة للتعبير عن حقيقة مواقفها، وتدخل في مزايدات شعبوية، بدعوتها إلى إجراء الانتخابات البلدية بلا أي تأخير أو تردّد، على الرغم من أن تحضيراتها على الأرض للانخراط في المنافسة البلدية ما زالت خجولة.وفي هذا السياق، لم يتردد «حزب الله» في سرده للأسباب الموجبة التي تقف وراء شكوكه في إجراء الانتخابات البلدية، وقال كلمته في هذا الخصوص في البيان الذي صدر أخيراً عن كتلة «الوفاء للمقاومة»، وأبدت فيه شكوكاً صريحة وواقعية إزاء الجهوزية المطلوبة لإنجاز الانتخابات، وفق القواعد والضوابط الضامنة لإنجازها في المرحلة الراهنة، ودعت الحكومة إلى تحمُّل مسؤولياتها بجرأة تتطلبها الظروف الاستثنائية الراهنة التي تمر بها البلاد، والتي تفرض -كما يقول مصدر نيابي في «حزب الله»- التنبُّه والحذر من تداعيات أي خطوة ناقصة إزاء استحقاق الانتخابات البلدية أو غيره من الاستحقاقات.
ويلفت المصدر النيابي إلى جملة من الاعتبارات التي تملي على «حزب الله» التفرد بطرح رزمة من الشكوك، لتبرير ترحيلها إلى موعد آخر، بذريعة تفاديه إقحام البلدات الشيعية في مبارزة بلدية تدور بين العائلات التي تحتضن المقاومة، ويمكن أن تؤدي إلى زعزعة الحاضنة الشيعية للمقاومة، في ظل الاحتقان المذهبي والطائفي في البلاد، والمزاج الشعبي الغارق في همومه المعيشية والاقتصادية التي تدفعه إلى عدم الإقبال كما يجب على صناديق الاقتراع، لتمرير رسالة يتطلع من خلالها إلى تحميل المنظومة الحاكمة مسؤولية الانهيار الذي يتدحرج من سيئ إلى أسوأ.ويؤكد أن الثنائي الشيعي؛ وإن كان يتحسّب لردود الفعل التي قد تصل إلى الدعوة بمقاطعة الانتخابات، فإنه لا يتخوّف في حال تقرّر إنجازها من دخول القوى التغييرية على الخط لمنافسة اللوائح المدعومة منه.
بدوره، اعتبر المجلس السياسي في «التيار الوطني الحر» أن لا غبار على دعوة الهيئات الناخبة للمجالس البلدية والاختيارية؛ لكن من باب الحرص على أن تكون الانتخابات محطة ديمقراطية وتغييرية نطرح على الحكومة والوزير مولوي أسئلة تتعلق بتوفير التمويل، لإنجازها وتأمين الجهوزية الإدارية في ضوء إضراب المعلمين والموظفين، ما يعيق حصول المرشحين والناخبين على المعاملات القانونية المطلوبة، ما دام معظم الدوائر معطلاً. لذلك تشارك «حزب الله» و«التيار الوطني» في طرحهما للهواجس التي تدفعهما للتشكيك في إجراء الانتخابات، بينما تقف القوى الأخرى على الخط السياسي المناهض لهما، مع أن الاستعدادات الجارية على الأرض تبقى حتى الساعة أقل بكثير مما هو مطلوب منها لخوض المبارزة الانتخابية، التي تتميز في حال حصولها بمشاركة القوى التغييرية فيها، وللمرة الأولى.