كتب طوني فرنسيس في ” نداء الوطن”: كان قرار نقابة المحامين إخضاع الاعضاء لإذن مسبق من النقيب كي يتمكّنوا من الادعاء بآرائهم في القضايا العامة بمثابة عودة مئة سنة إلى الوراء، إلى ما قبل قيام النقابة وزمن السلطان و”أفِق شفيق يدعوك” على وصف ولي الدين يكن لاستدعاءات البوسفور. حصل ذلك (٣ اذار) فيما كان القضاء مكبّلاً ومعتقلاً وفيما كان الجميع ينتظر انتفاضة النقابة ومحاميها من أجل الحق والعدالة وقدرة القضاء على القول والفعل.
التحق مجلس النقابة بمجلس قيادة السلطة الفاسد والمسؤول عن استمرار الاهتراء، فاستعاد واستعار حجّته التي باتت تستخدم لإرغام الهيئات القضائية على التدخل لكفّ يد قضاة تجرأوا على المسّ بالنظام السائد أو بحصاناته، ولتبرير تدخل السلطة التنفيذية للحؤول دون تنفيذ قرارات قضائية، ما شكل حصان طروادة للانقلاب على مساعي المحقق العدلي طارق البيطار لإعادة تحقيق المرفأ إلى السكة بعد تجميد طال سنة ونصف السنة، وللانقلاب على مبدأ فصل السلطات في أول مسعى لرفع السرية المصرفية.
اذا لم يتحدث المحامون بحرّية عن هذه القضايا فماذا يفعلون بعلمهم وقسمهم؟ أليست جريمة المرفأ وقضايا المودعين والسجون والحقوق العامة والخاصة قضايا رأي عام تستوجب متابعة وحسماً، ثم هل من مهمة جليلة أمام نقابة “ام الشرائع” أكبر وأهمّ من الدفاع عن القضاء كمدخل للوصول إلى الحقيقة والعدالة؟
بدلاً من ذلك نرى نقيبها ومجلسها ينصرفان إلى مساءلة محام سيكون هو الفائز سلفاً بالاحترام والصدقية، فيما سيسقط الرهط الجديد المتخصّص بكمّ الأفواه في شرّ فعلته.لقد آن أوان التراجع عن قرار ٣ آذار والانخراط الكامل في معركة حماية القضاء والقانون، وفي كلّ الأحوال لن يجرؤ أصحاب الإذن المسبق على مساءلة من تستحيل مساءلتهم في قضايا ابسط بكثير، فلماذا البهدلة؟