أثارت حادثة تعرّض طفل لا يتجاوز عمره سبعة أعوام لاعتداء جنسي في ملاعب منطقة قصقص، والتابعة لبلدية بيروت، موجة واسعة من الغضب بين اللبنانيين.
وبعدما أُشير بداية إلى اغتصاب، كشف مصدر لـ”بيروت نيوز” تعرّض الصغير لـ”تحرّش جنسي” ارتكبه في حقّه “متعاقد مع بلدية بيروت، بحسب ما خلصت إليه نتائج التحقيقات”.
وكانت معلومات تداولها الإعلام، أمس الثلاثاء، قد أشارت إلى أنّ جريمة الاغتصاب استمرّت لمدّة نصف ساعة. أضافت المعلومات نفسها أنّه بعد رفض الطفل العودة إلى الملعب لمدّة أكثر من شهر، أخبر والده بما تعرّض له.
وبعد إبلاغ القوى الأمنية بالحادثة، أُوقف المعتدي.
وفي هذا السياق،كتابَين صادرَين عن محافظ بيروت القاضي مروان عبود، أحدهما موجّه إلى لجنة الملاعب لدى البلدية، ويطالب بـ”إجراء التحقيقات اللازمة وبالسرعة القصوى مع المتعاقد بالفاتورة محمد ضاهر بالتهم الموجّهة إليه، حول قيامه باغتصاب طفل، وبإنهاء تعاقده فوراً مع بلدية بيروت، ومنعه من التردّد والدخول إلى كلّ الملاعب والحدائق العامة التابعة للبلدية”.
أمّا الكتاب الثاني، فوجّهه المحافظ إلى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، آملاً منه “متابعة التحقيقات الجارية وإنزال أقصى العقوبات بحقّ المتّهم في حال ثبوت التهم الموجّهة إليه”.
وفي معلومات خاصة لـ”بيروت نيوز”، كشف مصدر مسؤول أنّ “التحقيقات خلصت إلى تعرّض الطفل لتحرّش جنسي وليس لاغتصاب، بحسب ما أُشيع”.
يُذكر أنّ العمليّتَين أو الجريمتَين (التحرّش والاغتصاب) تُصنّفان في الخانة نفسها، وهي “الاعتداء جنسي”.
وبحسب تعريف الأمم المتحدة، فإنّ “الاعتداء الجنسي على الأطفال هو فرض أفعال جنسية أو أفعال ذات طابع جنسي من قبل شخص أو أكثر على طفل دون سنّ البلوغ”.
أضاف المصدر المسؤول أنّ “المتّهم في الخمسينيات من عمره، وهو سوري الجنسية متعاقد مع بلدية بيروت كعامل مياوم منذ قرابة 13 عاماً.
ويقوم عمله على فتح أبواب ملاعب قصقص وإغلاقها، وأعمال التنظيف، وقيادة مركبة بيك آب (شاحنة نقل صغيرة)، وأحياناً حجز مواعيد تمارين كرة القدم”، مشيراً إلى أنّه “لم يسبق له أن ارتكب أيّ عمل مشبوه من قبل”، بحسب المعلوم.
وأوضح المصدر المسؤول نفسه أنّ “الحادثة وقعت قبل نحو ثلاثة أشهر، لكنّ الطفل لم يكشف عن ذلك. وقبل شهر، لم يعد يرغب في الذهاب إلى الملعب”.
وتابع بأنّ “والده تقدّم بشكوى مفادها أنّ ابنه تعرّض للتحرّش. وعلى الفور أوقفت القوى الأمنية المتّهم، واتّخذت بلدية بيروت إجراءاتها الإدارية اللازمة”.
بدوره أكّد أحد أفراد عائلة الطفل أنّه “تعرّض للتحرّش على يد المتّهم المذكور قبل نحو ثلاثة أشهر، غير أنّنا علمنا بالحادثة فقط قبل أيام، وتقدّمنا بدعوى، على أن يأخذ القضاء مجراه”.
وقد شدّد على عدم الكشف عن هويته، “حفاظاً على كرامة الطفل والعائلة”، بحسب ما قال. وشدّد على أنّه “نحرص على توجيه الطفل ودعمه نفسياً، ونترك له حرية اختيار العودة إلى الملاعب من عدمها.
وقد سمعنا أنّ المتّهم له سوابق، لكنّنا نترك الأمر للقضاء والعدالة”.
وفي الإطار نفسه، أفاد مصدر مطّلع من داخل الملاعب بأنّ “المتّهم كان مسؤولاً عن حجز مواعيد تمارين كرة القدم للأكاديميّات والمدارس والأفراد، بما في ذلك وجهاء المنطقة والشخصيات الأمنية والعسكرية الذين يقصدون ملاعب قصقص ليلاً للتمرين.
كذلك فإنّه يملك أكاديميّة السلام في داخل الملاعب، التي تضمّ نحو 200 لاعب”.
وقال المصدر المطّلع: “تفاجأنا بالحادثة، إذ كنّا نعتقد أنّ محمد آدمي وسمعته حسنة.
لكنّه ليس في إمكاننا الجزم بالأمر”.
وإذ أشار إلى أنّ “الأندية الكبيرة تحجز الملاعب بالتواصل مع البلدية مباشرة”، تخوّف من أنّ “الحادثة مؤسفة لجهة وضع الطفل النفسي، وسوف تنعكس سلباً على ملاعب قصقص”.
وشرح المصدر المطّلع نفسه أنّ تلك الملاعب تُعَدّ “متنفّساً للأهالي والشباب والأطفال في العاصمة، كذلك فهي تحتضن أكاديميات كثيرة متخصّصة في كرة القدم، ومن الممكن أن يتقلّص عدد المتدرّبين فيها، ولا سيّما من فئة الأطفال الذين يشكّلون عدداً كبيراً، إذ قد يخشى ذووهم من إرسالهم مجدداً إلى الملاعب”.
أضاف أنّه “على سبيل المثال، تضمّ إحدى الأكاديميّات نحو 40 لاعباً تراوح أعمارهم ما بين ستّة أعوام وثمانية.
لكنّ الإشارة تجدر إلى أنّ ثمّة أكاديميّات تشترط، منذ أعوام طويلة، وجود الأهل مع أطفالهم، حرصاً على سلامتهم، حتى كي لا يخرجوا إلى الشارع بعد انتهاء التمرين ويضيعوا بالتالي”.
وفي اتصال ببلدية بيروت، أوضح مسؤول فيها فضّل عدم الكشف عن هويّته أنّ “المحافظ مسؤول عن إدارة أملاك البلدية وشؤون الموظفين جميعاً، ولا علاقة للمجلس البلدي بهم”،
مضيفاً: “ونحن لم نتلقَّ نتائج التحقيقات التي طلبها المحافظ، علماً أنّ الأخير اتّخذ كذلك الإجراءات القانونية اللازمة، وسيُحال المتّهم على القضاء المختصّ تفادياً لتكرار حوادث مماثلة”.
وبحسب المسؤول البلدي، “هذه الحادثة الأولى من نوعها في ملاعب تملكها بلدية بيروت، ويُصار إلى التحقيق في الموضوع مع جميع الموظفين لتحديد المسؤولية، لمعرفة احتمال تسجيل تقصير ما في المراقبة أو غير ذلك، فتُتّخذ بالتالي الإجراءات اللازمة”.