اختصرت عبارات قليلة قالها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت، طبيعة مهمته. والعبارات هي “لا احمل مبادرة فرنسية، مهمتي استشكافية استطلاعية وأحضّر لسلة من الاصلاحات، اما الحل بيد اللبنانيين”.
وكتبت” النهار”: لم ينتظر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان تصنيفات الساسة اللبنانيين والاعلام اللبناني لتثبيت مواصفات مهمته “الاستثنائية” التي يبدو واضحا انها ستطول، فسارع بنفسه غداة وصوله الى بيروت الى تأكيد الطابع الاستطلاعي لجولته الراهنة واعدا بزيارات أخرى مما يبقي الباب مفتوحا على توقع الانتقال من الاطار “الاستطلاعي” الى طرح خطة او وساطة فرنسية جديدة .وإذ بدا لافتا اختيار لودريان لمحطة بكركي وحدها، من دون كل المحطات الأخرى في لقاءاته السياسية حتى قصر الصنوبر نفسه، لاطلاق تصريحه الأول والوحيد حتى الان، فربما تشكل التأكيدات التي نقلت عنه بان المرحلة السابقة طويت وأن مرحلة جديدة بدأت من خلال جولته وان الاساس يبقى الحوار اللبناني اللبناني، ابرز الانطباعات التي شكلت خلاصات اليوم الثاني الماراثوني من لقاءاته وجولته الممتدة حتى ساعات الليل.وتكشف أوساط مطلعة على محطات عدة من لقاءات لودريان لـ”النهار” ان الموفد الفرنسي لم يناقش فكرة انعقاد طاولة حوارية برعاية فرنسية حتى اللحظة، لكنه طرح نقاطا محدّدة وسط أسئلة منطلقة من مقاربة الخيارات الممكنة. وهو لم يتحدث مباشرة عن دعم مرشح معيّن بل تطرّق إلى الاصطفافات السياسية القائمة وضرورة الوصول إلى حلول ناجعة. وأوضح لمن التقاهم انه جاء في إطار زيارة استطلاعية بهدف طرحه للأسئلة والاستماع إلى أجوبة لمعرفة الآراء وإلى أي مدى هناك إصرار على مواقف معينة من القوى السياسية، مع الاستماع إلى سبل الحلّ على مستوى رئاسة الحكومة، وماذا يمكن أن تفعله، وأنه يتوجب بداية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل مجلس للوزراء كامل الصلاحيات مع التأكيد على قيام الحكومة بواجباتها رغم أنها لا تتمتع بالصلاحية الشاملة. وقد كان لودريان مستمعاً أكثر منه متحدّثاً، وأكّد أنه سيعود بعد شهر بهدف جوجلة الأفكار والطروحات التي يناقشها. وطرح لودريان مجموعة أسئلة معبراً عن معرفته بكيفية انقسام البلاد على مستوى الرئاسة.وعلم ان مرشح فريق المعارضة و”التيار الوطني الحر” الوزير السابق جهاد ازعور تلقى اتصالا لتحديد موعد اجتماع مع لودريان الموجود في بيروت ، فابلغ ازعور الجهة الفرنسية انه خارج لبنان، وهو الان في واشنطن وتم الاتفاق على تحديد موعد لاحق بين الطرفين. ويأتي طلب لقاء ازعور من ضمن العزم الفرنسي على الاجتماع بالمرشحين لرئاسة الجمهورية ممن نالوا اصواتا في الجلسة الانتخابية الأخيرة.وكتبت” نداء الوطن”: لم يكن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أمس، أي خلال اليوم الثاني من زيارته لبنان في حاجة الى أن يقول لمن التقاهم إنّ صفحة المبادرة الفرنسية القائمة على مقايضة تتضمّن مرشح الممانعة سليمان فرنجية قد طويت كلياً. فالسؤال الذي طرحه على محاوريه كان كافياً للتأكيد أنّ الدور الفرنسي دخل مرحلة جديدة لا صلة لها بمبادرة أصبحت من الماضي. أما السؤال فهو: “ما هي أسماء المرشحين الوسطيين الذين ترونهم يتلاءمون مع مرحلة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟”.ولأنّ “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، تأكد للذين التقاهم لودريان، وهم غالبية القيادات المسيحية، وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أنّ ضيفهم لم يحمل مبادرة، إنما طرح أسئلة تتمحور على سبل الخروج من ازمة استحقاق الانتخابات الرئاسية المعطّلة منذ نحو 8 أشهر.ووفق معلومات “نداء الوطن”، إنطلق موفد الرئيس الفرنسي في مداخلاته مع القيادات بسؤال عما يمكن عمله لإخراج لبنان من الانسداد الذي يسيطر على الانتخابات الرئاسية؟ كما سأل عن تأثير عدم التوصل الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية على لبنان، في ظل الازمات التي غرق فيها على كل المستويات؟ وانتهى الى توجيه سؤال مباشر الى مضيفيه: “هل ترون ان المرشح الوسطي هو الحل”؟. بعض من التقاهم لودريان، شرحوا له ما انتهى اليه السباق الرئاسي في الجلسة 12، فقال إنّ الوزير السابق جهاد أزعور كان يتمتع فعلياً بمواصفات “المرشح الوسطي”. وعليه، فإن لبنان مرّ في 14 حزيران الحالي بتجربة مثل هذا المرشح الذي نال 59 صوتاً، لكن مرشح “الثنائي الشيعي” الذي تنطبق عليه صفة المرشح الطرف، جاء في مرتبة تالية، بنيله 51 صوتاً. وعلى الرغم من هذا الفارق، الذي يؤكد تبنّي الغالبية البرلمانية المرشح الوسطي، ما زال “الثنائي” على موقفه الفئوي.ومع تشعب الطروحات، دخل لودريان في تفاصيل وأسماء تتصل بمرشحين معلنين وغير معلنين، وبينهم وزراء سابقون ونواب حاليون وقائد الجيش العماد جوزاف عون، وهل يمكن تصنيفهم “وسطيين”. وتجاوب عدد من القيادات فطرح أسماء، فيما تريث آخرون من أجل تقييم كل من هؤلاء المرشحين على حدة. أما المحسوبون على “الثنائي”، الذين اجتمع بهم لودريان، فرشح عنهم قولهم إنّ الجانب الفرنسي مستمر في العمل وفق “الحل المتكامل”، ما يعني ان ورقة فرنجية لم تسقط بعد. لكن “نداء الوطن” علمت من اوساط شخصيات التقت لودريان انه لم يتكلم في موضوع “السلة” أو ما يشبهها، وأنه خرج من عند الرئيس نبيه بري بانطباع أن فرنجية لا يزال مرشحه لكن البحث مفتوح.وخلال محادثات لودريان مع البطريرك الراعي علمت “نداء الوطن” أنّ الجانب الفرنسي أكد على انتخاب رئيس إصلاحي ووضع خطة طريق إنقاذية وعدم تكريس الإنتخابات الرئاسية لتغليب فريق على آخر، ووعد لودريان بتكثيف الجهود الفرنسية مع الخارج، خصوصاً مع طهران للإفراج عن الإنتخابات الرئاسية وعدم عرقلة الفريق الموالي لها الإستحقاق الرئاسي.وكتبت” البناء”: واصل المبعوث الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان جولاته ولقاءاته، وكان أبرزها لقاء البطريرك بشارة الراعي وما نقل عن استكشاف استعداده لرعاية الحوار الوطني، حيث قالت مصادر مقربة من البطريرك انه قال بانه لا يريد تكريس المرجعيات الطائفية فيرعى رئيس الطائفة الحوار المتصل برئيس ينتمي إلى الطائفة ذاتها، وانه اذا كان لا بد من حوار فيمكن أن يجري في المجلس النيابي، وهو ما رأت فيه مصادر نيابية تمهيداً لطرح استضافة الحوار في الخارج، دون أن يتضح من هي الجهة التي ستبادر للدعوة إلى الحوار، فرنسا او السعودية او قطر.وكتبت” اللواء”: ان لا جديد في المشهد، سوى تعبئة الفراغ، او الدخول في مشاهدة مهرجان (Festival) الصيف الرئاسي، حيث يحلّ لودريان زائرا لمرات ومرات بحثاً عن الاصلاحات التي يعكف على إعدادها، او البحث عن المتغيرات والتحولات، سواء في ما خصَّ هوية الرئيس وما يسميه، وامكانية السير بفترة استرضاء طويلة،واشارت مصادر سياسية إلى أن خلاصة لقاءات لودريان مع المسؤولين والسياسيين الذين التقاهم حتى الان، بأنه لا يحمل اي مبادرة او طروحات فرنسية جديدة او بديلة عن المبادرة التي تم فيها دعم ترشيح فرنجية للرئاسة وسلام لرئاسة الحكومة، ولفتت الى انه لم يتطرق الى المبادرة المذكورة، لا من قريب اوبعيد، وحرص في بداية كل لقاء على طرح سؤال واحد على من يلتقيهم، وهو كيف يمكن الخروج من الازمة الخطيرة التي يتخبط فيها لبنان حاليا، وما هي الحلول الممكن مقاربتها، وتلقى قبولا من كافة الاطراف، لان البديل لحل الازمة، مزيد من انهيار وضعف المؤسسات والادارات العامة، وبالتالي تزداد الامور سوءا، ويصعب على الدول والمؤسسات المالية الدولية مساعدة لبنان للخروج من ازماته.وكتبت” الديار”: خرج الجميع رابحا من جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، فكل من زاره او التقاه في قصر الصنوبر، سرب عبر مصادر، او صرح، قائلا «بانه مرتاح والاجواء ايجابية». «بنشعي» مرتاحة و«معراب» ايضا «البياضة» كذلك، وقبلها بكركي «وعين التينة»، وحزب الله. رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يؤكد ان المبادرة الفرنسية طويت،واصبحت من الماضي، في المقابل لم يشعر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية انه تم التخلي عنه فرنسيا، على عكس ما استشفت «معراب» من اللقاء مع لودريان. كل «يغني على ليلاه»، فاما يترجم هؤلاء ما يقوله المبعوث الفرنسي كما يناسبهم، او ربما يتقصد لودريان «المستطلع» اسماع كل طرف ما يطربه في غياب مبادرة فرنسية واضحة المعالم. ولهذا كل الاطراف ترى نفسها «رابحة» في هذه الجولة التي ستكرس الانقسام اللبناني على اوضح وابهى صوره، وسيعود لودريان الى بلاده وهو على قناعة تامة بانه لن يستطيع بالدبلوماسية الناعمة اقناع احد بتغيير موقفه، والمهمة التي سبق ووصفها دبلوماسي فرنسي بانها شبه مستحيلة تبدو مستحيلة بعدما تبين للفرنسيين انه اذا بقيت المعطيات الراهنة على حالها ولم تتغير مواقف الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية وتتخذ قرار التدخل على نحو مباشر لفرض تسوية، فان فرص النجاح تبقى ضئيلة.في السراياوكان لودريان استهل يومه الثاني من السرايا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حضور سفيرة فرنسا آن غريو وجرى عرض مفصل للوضع في لبنان وللمساعي التي تقوم بها فرنسا لحل الازمة السياسية، حيث شدد ميقاتي على “أن المدخل الى الحل يكمن في انتخاب رئيس جديد”. واشار الى”ان الحكومة انجزت المشاريع الاصلاحية المطلوبة ووقعت الاتفاق الاولي مع صندوق النقد الدولي، وان اقرار هذه المشاريع في مجلس النواب يعطي دفعا للحلول الاقتصادية والاجتماعية المرجوة”. أما الموفد الفرنسي فاكد “أن الهدف من زيارته الاولى للبنان استطلاع الوضع سعيا للمساعدة في إيجاد الحلول للأزمة التي يمر بها لبنان والبحث مع مختلف الاطراف في كيفية انجاز الحل المنشود”.وكتبت” الشرق الاوسط”: سرت تقديرات في الأوساط السياسية والحكومية اللبنانية أن «الاستعصاء الماثل يؤكد أن انتخاب الرئيس لن يكون قبل أيلول المقبل». وشرحت مصادر وزارية مطلعة على أجواء الزيارة الواقع بالإشارة إلى أن لودريان سيحمل خلاصة محادثاته إلى باريس، ويعود لاحقاً، وهذا أمر سيستغرق وقتاً.وعلى ضفة موازية، قالت مصادر نيابية مواكبة للزيارة إن الاستعصاء الماثل «يثبت أن العقدة اللبنانية لن تُحل إلا بتدخل من الخارج»، بمعنى نقل المقترحات من الاتفاق بالداخل وإبلاغ الخارج بها، وانتظار ضغوطات من الخارج للسير بمرشح. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كل فريق قادر على التعطيل، وليس هناك أي دافع أو سبب يمهد لحوار أو تفاهم داخلي، بعدما فشلت الضغوط الكنسية والسياسية والشعبية».