فيما ذكر استطلاع سابق لـYouGov ، أنه في حال تأمين وظيفة الفرد 100 ألف دولار سنوياً، فإن هذا الفرد يعد من الأثرياء.وحدّدت دراسة سابقة لمصرف UBS، الثراء عند الوصول لثروة تقدر بـ5 ملايين دولار، منها مليون دولار في صورة سيولة.
الضغوط الاقتصادية ترفع حد الثراء
أوضحت أستاذة الاقتصاد والطاقة في القاهرة الدكتورة وفاء علي، أن ما يمر به العالم من ظروف اقتصادية شديدة التعقيد والصعوبة، وفي ظل الصراعات الجيوسياسية، ربما يسهم ذلك في تغير مفهوم الثراء في ظل وجود أشخاص استفادوا من الاستثمار في الصراع العالمي وآخرون تضرروا بشدة، مشيرة إلى “أننا أصبحنا نسمع عن أرقام ثروات لأشخاص حول العالم تعدت الـ 250 مليار دولار”.كما يأتي ذلك في وقت تتطور فيه عديد من القطاعات، مثل قطاع التكنولوجيا على سبيل المثال، وبما يوفر عوائد واسعة.وبحسب الخيبرة الاقتصادية، فإن امتلاك الشخص المبالغ التي كانت تعد في وقت سابق حداً أو معياراً للثراء فإن تلك المبالغ لم تعد الآن رقماً مهماً في معادلة الثروة، بعد تجاوزها بكثير من قبل أثرياء العالم، مضيفة: “أصبحنا في عصر الذكاء الاصطناعي والچين الوراثى والروبوت.. الثراء اليوم أصبح مرتبطاً بشكل كبير بالتكنولوجيا سواء صناعياً أو حتى بصفة شخصية عن طريق السوشيال ميديا التي حولت البعض إلى أثرياء عبر الثراء السريع غير المكلف”. حتى أنه صار هنالك “ملياردير جديد كل 30 ساعة”.ولقد انضم حوالى 573 شخصًا إلى صفوف المليارديرات منذ العام 2020، ليصل العدد الإجمالى العالمى إلى 2668، وفقًا لتحليل أصدرته منظمة أوكسفام في أيار 2022.وتوضح أن حد الثراء اختلف عما كان عليه من قبل سنوات، فقد كان الوصول إلى طريق المليون دولار أمر عظيم بالنسبة للكثيرين، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وأسعار الصرف أمام الدولار، أصبحت هنالك المزيد من الفرص لمضاعفة الأرباح مع زيادة الضغوط الاقتصادية وفي ضوء الصراعات الجيوسياسية التي يستفيد منها البعض.على الجانب الآخر، تشير إلى أن العالم ما كاد أن يلتقط أنفاسه من الجائحة حتى جاءت الحرب في أوكرانيا لتعمق الفجوة بين طبقات المجتمع، بسبب حالة التضخم المتزايدة جراء تلك الحرب، والتي أثرت على مستوى الاستثمارات وخروج الأموال الساخنة وتراجعت مكاسب أصحاب الثروات، ووقع الفقراء فى مصيدة أخطاء الكبار وأطماعهم من الدول المتسارعة، والتي أثرت بشكل مباشر على سلاسل الإمداد مما أثر على الأسعار والتضخم وزيادة المساحة والفجوة بين القادرين وغير القادرين.التضخم وتآكل الثروةمن جانبه، يقول المدير التنفيذي لشركة VI Markets أحمد معطي، إنه بفعل الأزمات العالمية تغيرت الطبقات الاجتماعية في العالم، موضحاً أن هناك طبقات ازدادت ثراءً وأخرى خسرت الكثير، بينما طبقة أخرى تلاشت، منوهاً إلى أنه من الطبيعي خلال الأزمات أن يزداد الثري ثراءً إذا ما أحسن استغلال الأوضاع لصالحه.ويوضح أن هناك تفاوتاً كبيراً في تأثير الأزمات العالمية، ففي الوقت الذي قد يحصل فيه الأغنياء على مكاسب تزيدهم ثراءً، تتأثر الطبقة المتوسطة التي يقترب منها شبح الفقر بينما تعاني الطبقة الفقيرة وتزداد فقراً.ويشير إلى أن التضخم يعد من أكثر الأمراض الاقتصادية التي تسبب تآكلاً في الثروة، وهو يقلل من دخل الأسر الأفقر مقارنة بدخل الأسر الأكثر ثراءً، لافتًا إلى أن ارتفاع معدلات التضخم يجعل القوة الشرائية للمواطنين تقل في أي مكان في العالم، وقد يزيد حدود الثراء في بعض الأحيان.ويعني ارتفاع معدل التضخم زيادة أسعار السلع والخدمات، ما يؤدي بدوره إلى رفع تكلفة المعيشة.ويُعرف التضخم بأنه “ضريبة على الفقراء” لأنه يؤثر على ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى تضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت وعدم المساواة في أنحاء العالم.ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم ويعتمد عدد متزايد على بنوك الطعام.ويشير المدير التنفيذي لشركة VI Markets، إلى أنه في آخر البيانات الصادرة حول أثرياء العالم، لوحظ انضمام أثرياء جدد لها، متوقعاً دخول أسماء جديدة بشكل متسارع إلى عالم الأثرياء خلال الفترة المقبلة، على اعتبار أن الثراء سوف يرتبط أكثر بالاستثمار في قطاع التكنولوجيا الجديدة، إضافة إلى دخول البعض في القطاعات التنموية الجديدة والصناعات المرتبطة بتغير المناخ. كما يشير إلى أن تلك القطاعات يتنبأ لها أن تحقق ثراء بينما القطاعات الأخرى أوضاعها تتسم بالتذبذب.وحول العوامل التي يحدد من خلالها ثراء الشخص، يوضح معطي أن حجم التكاليف الواقعة على كاهل الفرد من ضرائب وأجور ومستوى معيشة، إضافة إلى مستوى التضخم في الدولة، مقارنة بمستوى دخله، جميعها عوامل يتحدد بناءً عليها مفهوم الثراء.ويشدد على أن أغلب الثروات يتم تحديدها وفقاً للأصول السائلة وأسهم الشخص، مشيراً إلى أنه إيلون ماسك الذي يتصدر أثرياء العالم، يتم تقييم ثروته بناء على حجم أسهمه، إذ لا يقاس حجم الثراء بالأصول من ذهب وعقارات لعدم القدرة على حصرها، لكن الأسهم يتم حصرها بشكل ربع سنوي، وبناء عليها يحدد أثرياء العالم.وفقاً لتصنيف “فوربس” في آذار 2023، اقتحم للمرة الأولى على الإطلاق ملياردير فرنسي المركز الأول على لائحة المجلة، وهو برنار أرنو، الذي تصدر قائمة العام 2023، مبعدا عن القمة الأميركي إيلون ماسك.وفي حزيران الجاري استعاد إيلون ماسك، الملياردير الأميركي رئيس مجلس إدارة شركتى تسلا وتويتر، لقب أغنى رجل في العالم، وفقا لمؤشر مليارديرات بلومبرج.أثر الأزمات الاقتصاديةالخبير الاقتصادي وائل النحاس، يرى أن أي أزمات يكون فيها رابح وخاسر، لافتاً إلى أن هناك نسب كبيرة من الأثرياء تبخرت أموالهم في السنوات الأخيرة، ولم يحسم بعد ما إذا كانت خسائرهم فعلية أو مؤجلة، لأنهم لم يبيعوا أصولهم، ويحتاجون إلى فترة زمنية كبيرة حتى يستطيعوا استعادة تلك الأموال.ويضيف أن الأزمات العالمية تسببت في انخفاض قيمة الأصول نتيجة تآكل العملات المحلية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وبما أثر على حجم ثروات الأثرياء، وفي المقابل طبقة أخرى اغتنت وظهرت أخرى جديدة في المجتمعات عبارة عن “سماسرة”، وهي ممن اغتنموا الفرصة واستفادوا ماليًا من الخاسرين.ويفيد الخبير الاقتصادي، بأنه لا يوجد حد معين للثراء، وفي دول العالم توجد طبقة مليارديرات وأخرى مليونيرات، فأصبح التقسيم الطبقي بحسب الثروة لا يقتصر على فقير ومتوسط الحال وغني، منوهاً إلى أن الفترة الأخيرة شهدت “حرب عملات” أدت لتبخر أموال أثرياء وصناعة أثرياء جدد.ويتابع الخبير الاقتصادي: فترات التضخم بينما صنعت أغنياء وأثرياء، فإنها قضت على شريحة كبيرة بالمجتمع وأدت إلى تدهور حال الكثير من المواطنين نتيجة تآكل الدخل الحقيقي وانخفاض القوة الشرائية. (سكاي نيوز)