أعقب الاختفاء المفاجئ المسؤول السابق للحرس الثوري الإيراني في مدينة البوكمال شرق سوريا الحاج عسكر، الكثير من الشائعات حول مصيره، بين من قال إنّه نُقل إلى خارج سوريا، ومن ذكروا أنّه وُضع قيد المحاسبة بسبب تقصيره وإخلاله بواجبات منصبه، بخاصةً حماية قوافل تهريب الأسلحة من العراق إلى سوريا التي تعرّضت لضربات إسرائيلية متتالية خلال فترة وجيزة في أواخر العام الماضي، في حين ذهبت أوساط موالية للميليشيات الإيرانية إلى أنّ عزل الحاج عسكر جاء بهدف تأمين حمايته، بعد تزايد الأخطار المحدقة به نتيجة أدواره الأمنية المعقّدة في المنطقة.
وذكرت مواقع سورية معارضة في كانون الثاني الماضي، أنّ قيادة الحرس الثوري الإيراني قرّرت عزل الحاج عسكر من منصبه وتعيين الحاج عباس، مسؤول الإمداد والتدريب واختصاص الصواريخ، مكانه.
ومنذ ذلك الحين، اختفى الحاج عسكر عن المشهد، وهو ما كاد يُثبت فرضية نقله إلى خارج سوريا، لولا تسريب معلومات أثناء زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة في أيار إلى دمشق، عن لقائه الحاج عسكر في منطقة السيدة زينب.
وفي أعقاب هذا اللقاء، أكّدت مصادر إعلامية معارضة، أنّ الحاج عسكر عقد اجتماعاً موسعاً لقادة الجماعات الإيرانية في دير الزور والميادين والبوكمال.
وقالت المصادر، إنّ الحاج عسكر وبعد عودته من منطقة السيدة زينب في دمشق ولقائه الرئيس الإيراني هناك برفقة كل من الحاج مهدي والحاج كميل، عقد اجتماعاً لكل قيادات الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.
وأفادت المصادر، بأنّ الاجتماع الذي عُقد في حويجة صكر في مدينة دير الزور، نقل خلاله الحاج عسكر مجريات لقائه الرئيس الإيراني في السيدة زينب.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد حضر الاجتماع كل من الحاج ميسر والحاج سراج والحاج باقر والحاج عباس، وهؤلاء جميعهم من قادة الميليشيات الإيرانية في دير الزور والميادين والبوكمال، بالإضافة إلى حضور قيادات من حزب الله في عياش.
ومع ذلك، ظلّ الغموض يكتنف الدور القيادي الجديد الذي أُوكل إلى الحاج عسكر.
وكشفت أخيراً معلومات مهمّة حول ذلك، إذ تبيّن أنّ عزل الحاج عسكر لم يكن سوى غطاء لتكليفه بمهمّة أكبر من التي كان يتولاها في مدينة البوكمال، لتصبح لدوره أبعاد إقليمية واضحة، ويشمل نشاطه كلاً من دمشق وبيروت، وفق تقرير صادر عن شبكة “عين الفرات”.
وقالت المصادر، إنّه مع بداية شهر شباط عام 2023، أرسل الحرس الثوري الإيراني الحاج عسكر في مهمّة استخبارية سرّية ما بين العاصمة دمشق والعاصمة بيروت وإيران. وذكرت أنّ منصبه الجديد أصبح المنسّق العام للحرس الثوري بين العاصمة دمشق والشرق السوري، وأنّ مهمّته الأساسية هي تنفيذ تعليمات طهران بضرورة هيمنة الميليشيات الإيرانية الكاملة على محافظة دير الزور.
وكشفت المصادر أيضاً، عن إعادة الحرس الثوري تعيين الحاج حسين قائداً عاماً لمنطقة الميادين وريفها بدلاً من الحاج ميسر الذي غادر المنطقة، وتعيين الحاج ربيع اللبناني نائباً للحاج حسين وقائداً للمربّع الأمني الإيراني في حي التمو، وتعيين الحاج مُسيب نائباً للحاج ربيع. علماً أنّ الحاج حسين كان مطروحاً من قِبل خليفة للحاج عسكر في قيادة مدينة البوكمال.
وأفادت المصادر، بأنّ الحاج حسين كان في مهمّة سرّية، وكان يتنقل ما بين لبنان وإيران ومنطقة جبل التركمان في محافظة اللاذقية، حيث يُعدّ من أبرز قادة الحرس الثوري في سوريا، كونه يتحدث اللغة العربية بشكل جيد، وتربطه علاقة قرابة بالحاج سليماني المرافق الخاص لمتزعم فيلق القدس السابق قاسم سليماني الذي قُتل بغارة جوية أميركية في محيط مطار بغداد الدولي بداية عام 2020.
ويُعتبر الحاج عسكر من أبرز قيادات الحرس الثوري التي يجري تداول اسمها في التقارير الإعلامية، نظراً إلى ما لهذه الشخصية القيادية من دور محوريّ في تنفيذ استراتيجية إيران في المنطقة، فضلاً عن كونه يتمتع بكاريزما قيادية جعلته محطّ أنظار، بهدف متابعة كل تحرّكاته ورصد اللقاءات والاجتماعات التي يقوم بها، في ظلّ توقعات بأن تكون لهذه التحرّكات واللقاءات تأثيرات مباشرة على نشاط الميليشيات الإيرانية وطريقة عملها.