يؤكد نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، أنهم سيلغون منصة “صيرفة” بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة، وستستبدل بمنصة جديدة “دولية” وفق قولهم، ولكن كلمة دولية أثارت استغراباً، فكيف ستكون هناك منصة لبنانية دولية لشراء الدولا وبيهر؟ أليست هناك منصات لبيع الدولار أصلاً؟
النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين أشار في حديث لوكالة “رويترز” أمس الى أن “قيادة المصرف تجري محادثات مع صانعي السياسات في الحكومة والبرلمان، وكذلك مع صندوق النقد الدولي، بشأن الحاجة إلى وقف العمل بهذه المنصة نظراً الى افتقارها إلى الشفافية والحوكمة”، لافتا الى أن “الأمر يتعلق بالطريقة التي سيتم بها الالغاء التدريجي لصيرفة”. وأوضح أن محل “صيرفة” ستحل “منصة إلكترونية لتحديد أسعار الصرف” ستتولى جهات دولية متخصصة إنشاءها، قائلاً: “نفهم أن وقف صيرفة قد يؤثر بالسلب على الليرة وعلى الظروف المعيشية لنسبة كبيرة من الشعب اللبناني تعتمد على الليرة وحدها”.
ولكن هل تعني منصة دولية أنه سيتم التداول بالليرة عالمياً؟ هل يحاول نواب الحاكم إعادة لبنان إلى العصر الذهبي أم هناك شيء آخر؟
خبير المخاطر المصرفية محمد فحيلي علق على موضوع المنصة الدولية البديلة عن “صيرفة” في حديث لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن “هذه التعابير الرنانة لا تمت الى الواقع بصلة. هناك منصة للتداول في السوق اللبنانية، تسمى بالسوق الموازية، أو السوق الحرة، وهناك من يطلق عليها السوق السوداء، ولكن في الحقيقة هي ليست كذلك، لأن هناك صرافين مرخصاً لهم فئة أ وفئة ب”، موضحاً أن “لا شيء اسمه منصة دولية، فصيرفة ليست منصة للتداول، بل هي منصة لبيع الدولار على سعر مدعوم من السلطة النقدية، يستفيد منها القطاع العام من خلال الرواتب، ويستفيد منها المودعون، من خلال السماح بتبديل دولاراتهم، ولا أحد يبيع دولاراً على صيرفة، كل من يستعملها يشتري دولاراً منها”.
ورأى فحيلي أن “هناك استنسابية في الافادة من صيرفة من خارج الجسم الوظيفي للدولة اللبنانية، وذلك بسبب غياب الرقابة، وإذا أراد نواب الحاكم القيام بعمل إيجابي، فليتجهوا إلى تفعيل الجهة صاحبة الاختصاص بالرقابة، أي لجنة الرقابة على المصارف، التي جرّدها الحاكم رياض سلامة من مهامها بسبب ممارساته، وهي إذا أعيدت لها أهميتها في الرقابة على السلطة النقدية، يمكنها أن تضع النقاط على الحروف ومنع الاستنسابية بالنسبة الى منصة صيرفة، حتى لو بشكلها الحالي”.
ووصف كلمة “منصة دولية” بأنها “فقاعة لا أكثر”، قائلاً: “لن يقدم مواطن لبناني في بلاد الاغتراب مثلاً على شراء ليرة لبنانية عبر هذه المنصة، فحتى اللبناني المقيم فقد ثقته بالليرة، ولن يتجه مثلاً الى شراء الدولار عبر صيرفة مقابل دولار أسترالي، فهو يمكنه القيام بهذه العملية في أستراليا، ولذلك هي لن تكون فعلياً منصة دولية”.
وأكد فحيلي “أننا لسنا بحاجة الى بلومبيرغ ولا غيرها، المنصة الموجودة جيدة ولكنها تحتاج إلى الرقابة فقط”.
أما الخبير المالي والاقتصادي زياد ناصر الدين فاعتبر أن “هناك اتفاقاً لا نعرف مضامينه الحقيقية، والجواب هو عند النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين، فهو من أنجز الاتفاق، وحسب ما فهمنا أنهم يعملون من أجل أن تكون هناك مؤسسات دولية على المنصة الجديدة، ويكون هناك إشراف دولي عليها، وبالتالي هكذا تتسم بالشفافية أكثر، وهذا الأمر موافق عليه من صندوق النقد”، لافتاً الى “أننا لا يمكننا معرفة كيفية طريقة عمل هذه المنصة، ولا يمكن التعليق عليها قبل البدء بتنفيذها، وبطبيعة الحال هي ستدخل ضمن البازار اللبناني، فكل من يستفيد من صيرفة سيهاجمها، وهي ليست قادرة على الدفاع عن نفسها لأنها لم تبدأ عملها بعد، وفي النهاية تبقى العبرة بالتنفيذ”.