ينتظر اليوم وصول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت في زيارة وصفها بيان الخارجية الفرنسية، بأنها “في إطار مهمته في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول إلى حل توافقي لجميع الجهات المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية”، ما يعني أن المهمة أقرب إلى استطلاع الآراء المتباعدة، والتي يصعب التوفيق بينها دون عرض مبادرة للنقاش، ليست على جدول أعمال لودريان.
وكتبت” النهار”: تترقب الأوساط الرسمية والسياسية الفصل الثاني من مهمة الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون لبنان جان ايف لودريان وما سيحمله من اقتراحات وتوجهات جديدة في ظل المتغيرات الملموسة والمؤثرة التي طرأت علِى المبادرة الفرنسية عقب اجتماع المجموعة الخماسية في شأن لبنان في الدوحة .وعشية وصول لودريان الى بيروت أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي لشؤون لبنان جان إيف لودريان سيزور بيروت في الفترة من 25 إلى 27 تموز.واشار في بيان، إلى أن هذه الزيارة الثانية إلى لبنان “تأتي في إطار مهمته في التسهيل والوساطة، بهدف خلق الظروف المؤاتية للوصول إلى حل توافقي لكل الأطراف المعنية بانتخاب رئيس الجمهورية”. وشدد على أن “هذه خطوة أساسية لإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية التي يحتاجها لبنان بشكل عاجل للمضي قدما نحو الانتعاش”.ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن لودريان، وفي زيارته الأولى من 21 إلى 24 حزيران الماضي، التقى بممثلي جميع التشكيلات السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني، كما أجرى مباحثات مع السلطات السياسية والدينية والعسكرية.ثم زار الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي لشؤون لبنان المملكة العربية السعودية من 10 إلى 12 تموز، ثم قطر حيث شارك في اجتماع حول لبنان مع السعودية وقطر والولايات المتحدة الأميركية ومصر في 17 تموز، قبل أن يعود إلى المملكة العربية السعودية مرة أخرى في 18 تموز.وقبيل عودة لو دريان، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة السفيرة الفرنسية آن غريو. كما استقبل ميقاتي غريو التي أعلنت بعد اللقاء “انها زيارة وداعية قمنا خلالها بجولة افق حول السنوات الثلاث الأخيرة، والتعاون الفرنسي اللبناني، وتناولنا أيضا الأوضاع في لبنان عشية زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، وكان لقاء بناء”. وردا على سؤال قالت “سأتولى منصب مديرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية وسأستمر في وظيفتي الجديدة بالاهتمام أيضا بلبنان”.وبدا لافتا ما كشفه عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب فادي كرم من معلومات تفيد بأن الموفد الفرنسي يحمل جديدا رئاسيا سيطرحه في زيارته بالاستناد الى مجريات اجتماع الدوحة. وعن الكلام عن بحث “التيار الوطني الحر” عن مرشح ثالث بعد طيّ صفحة الوزير السابق جهاد أزعور قال كرم “الأجواء التي تصلنا من التيار تفيد بانه مستمر بالتقاطع على ازعور”.وكتبت” نداء الوطن”: عندما تهبط طائرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان اليوم في مطار رفيق الحريري الدولي آتياً من باريس، سينتقل فوراً الى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري. هذا في لبنان، أما زميله في اللجنة الخماسية لأجل لبنان وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي، فقد سبقه الأحد الماضي إلى طهران، في مهمة تتصل بالاجتماع الأخير للجنة في الدوحة.وبدا التحرك الفرنسي والقطري في اتجاه العاصمتيّن اللبنانية والايرانية في صورة متلاحقة بمثابة إشعار بأنّ اجتماع «الخماسية» لم يكن مجرد لقاء عابر. وبحسب معلومات «نداء الوطن» فإنّ لودريان والخليفي ينطلقان، كل على طريقته، بالتحضير لهدف رئيسي هو إنجاز الاستحقاق الرئاسي وفق «خريطة طريق» وضعتها «الخماسية». من الناحية القطرية، أفادت المعلومات أنّ وفداً أمنياً زار لبنان في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، والتقى قيادات في «حزب الله» من أجل التشاور حول موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية حصراً، ومستطلعاً الرأي في احتمال ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لمنصب رئيس الجمهورية، فكان جواب مضيفيه الاستمرار في خيار ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. ونقل الوفد القطري معطيات هذا اللقاء الى الخليفي قبل ان يصل طهران كي يستند اليها في حواره مع المسؤولين في ايران. وفي مقدمة من التقاهم في طهران أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان ، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وفق وكالة «فارس» للأنباء.من الناحية الفرنسية، أبلغت مصادر واسعة الاطلاع «نداء الوطن» أنّ الهدف الأول في زيارة لودريان للبنان هو القول إنّ فرنسا متمسكة بحل الازمة الرئاسية، وانها لم تستسلم ولم تحبَط بسبب العراقيل والمطبّات ولن تتراجع عن سعيها لإخراج لبنان من النفق المظلم الذي هو فيه، وسيطلع لودريان من يلتقيهم على نتائج الاجتماع الخماسي. وأضافت: «أتى الموفد الفرنسي لجس النبض وبيده حجة، هي عرض وقائع اجتماع اللجنة الخماسية. وأهمية هذا الاجتماع، أنه صارت هناك وثيقة تضمّنها بيان بمثابة خريطة طريق حددت بشكل واضح «ان الاستحقاق الرئاسي يتم عن طريق الانتخابات في مجلس النواب واحترام الآليات». وخلصت الى القول: «نسفت هذه الخريطة بتوقيع فرنسي أمرين كانت باريس تسعى الى تحقيقهما، هما الحوار والمقايضة او ما يسمى السلة المتكاملة».ويكشف مصدر ديبلوماسي في باريس لـ»نداء الوطن» أن «لودريان جاد جداً في تحقيق اختراق نوعي في ملف الأزمة السياسية المتمثلة بانجاز الاستحقاق الرئاسي، لأن ذلك سيسهل عليه الانتقال الى مهمة ثانية يزاوج بينها وبين متابعته للملف اللبناني، لذلك هو أمام تحديين:الأول: مسألة تعيينه خلفاً لجيرار ميستراليه على رأس الوكالة الفرنسية لتطوير العلاقات بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، مع الاستمرار في مهمة متابعة الملف اللبناني، وهذا التعيين في طور التثبيت.الثاني: الانتقال من مرحلة المبادرة الفرنسية التي تم نعيها في اجتماع الدوحة الأخير، الى مرحلة التعبير الحقيقي عن توجهات اجتماع الخماسية العربية والدولية في كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي مدى قدرته على دفع الفرقاء اللبنانيين الى الاتفاق على شخصية قادرة على جمع القيادات اللبنانية، وخارج كل الاصطفافات، يتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا يؤدي الى الحوار اللبناني حول كل الملفات العالقة».ويؤكد المصدر ان «عودة لودريان لا تعني وجود حلول سحرية، لأنّ بين ما يسعى اليه لودريان من إنجاز يستثمره شخصياً وبين الواقع بوناً شاسعاً من الخلافات يحتاج الى قرار صادم لمّحت اليه اللجنة في بيانها المشترك، فهل يتم الانتقال من الاقناع الى الفرض؟ هذا ما ستكشفه مهمة لودريان الجديدة التي ستكون حاسمة في تحديد اتجاه الامور».وكتبت” البناء”: وفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإن لودريان سيجري مروحة واسعة من اللقاءات مع المسؤولين السياسيين ورؤساء الكتل النيابية تمتدّ ليومين وسينقل لهم خلالها أجواء اجتماع اللجنة الخماسية الذي انعقد في قطر على أن يطرح اقتراحات للحل من وحي توصيات خماسية الدوحة، مرجحة أن يعزف لودريان عن فكرة الحوار بين القوى السياسية لكونه لم يذكر في البيان الخماسي وكذلك الأمر عن التسوية الفرنسية التقليدية أي رئيس للجمهورية – رئيس الحكومة.وأشارت أوساط مواكبة للحراك الديبلوماسي باتجاه لبنان لــ»البناء» الى أن «الأمور تعقدت بعد بيان الخماسية الذي وجّه ضربة قاسية للمبادرة الفرنسية، لكنها لم تسقط، حيث يعمل لودريان على تعديلها وطرحها بصيغ أخرى تتضمن خيارات عدة وعدم حصرها بخيار واحد»، ولفتت الى أن «أطراف الخماسية سبق ومنحوا الفرنسيين مهلة بغطاء منهم لاختبار نجاح مبادرتهم، لكن لم تسوق عند القوى السياسية اللبنانية وقد بدا ذلك جلياً في نتائج زيارة لودريان الشهر الماضي وعكس هذا الجو اللقاء الخماسي في الدوحة الذي جاء ليلجم المبادرة الفرنسية لصالح تقدم المبادرة القطرية». ولفتت الأوساط الى أن «الظروف الاقليمية والدولية غير مؤاتية لإنتاج تسوية في لبنان ولا مهيأة لانتخاب رئيس للجمهورية»، كاشفة أن «الملف اللبناني ليس على جدول المفاوضات الإقليمية – الدولية كملف بحد ذاته بقدر ما هو إحدى نتائج المفاوضات الخارجية وحصيلة اي تسوية أميركية إيرانية سعودية فرنسية»، وأوضحت أن «الأميركيين لم يسيروا بالمبادرة الفرنسية لأنها تمنح حزب الله رئيساً من فريقه فسارعوا عبر القطريين للتشويش على المبادرة الفرنسية وتعطيل مفاعيلها؛ وهذا ما جرى في اللقاء الخماسي». ورأت الأوساط أن أفق الحل مسدود وقد يطول أمد الفراغ الى العام المقبل إلا إذا حصلت مفاجأة خارجية، أو تغير ما في خريطة الاصطفافات النيابية، مشيرة الى أن «الأميركيين والسعوديين لن يسهلوا انتخاب رئيس في لبنان قبل أن يقبضوا أثماناً في اليمن والعراق وسورية وفي ملفات أخرى».