كيف يُفسّر الخبراء المخاطر التي تُهدّد سلامة الأطفال في لبنان؟

29 يوليو 2023
كيف يُفسّر الخبراء المخاطر التي تُهدّد سلامة الأطفال في لبنان؟


تعذيب وضرب أطفال بإحدى دور الحضانة، ومقتل طفلة على إثر اغتصابها ببيت عائلتها وتوقيف جدها للاشتباه به، والاعتداء الجنسي على طفلتين بالبقاع وطفل بعكار، هذه أمثلة على انتهاكات وجرائم عدة شهدها شهر تموز فقط، بحق الأطفال والقاصرين في لبنان.

وبينما يربط خبراء تنامي هذا العنف بالانهيار الاقتصادي وانحلال الدولة، يدقون ناقوس الخطر بالسؤال عن مسؤولية الجهات الرسمية وغير الحكومية المتولية حماية الأطفال والفئات الأكثر ضعفا.وأعربت اليونيسيف عن قلقها من تفاقم أشكال العنف الشديدة ضد الأطفال، وحثت على منع نشر أسماء وصور الضحايا، حفاظا على خصوصيتهم، ولعدم خلق حواجز تحول دون الإبلاغ عن العنف خوفا من وصمة العار.ويقول الخبير الدستوري والعميد بالجامعة الدولية للأعمال بستراسبورغ بول مرقص، إن هناك جهات حكومية وقضائية مسؤولة عن رعاية حقوق الأطفال، ومنها: وزارتا الشؤون الاجتماعية والصحة، ووزارة العدل بالإشراف على المحاكم القضائية، وهيئة حقوق الإنسان، والمجلس الأعلى للطفولة، والقوى الأمنية.ويرى أن الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي يؤثر على تطبيق المواثيق والقوانين. ويرصد ظواهر عززت العنف بحق الأطفال، ومنها: النزاعات المسلحة التي شهدها لبنان تاريخيا، والاتجار بالبشر، وعمالة الأطفال، والاستغلال والاعتداء الجنسي في البيئات غير الآمنة، والعنف الأسري وتخلي آلاف الأسر عن أطفالها، وواقع اللجوء الذي جعل أطفال اللاجئين السوريين والفلسطينيين عرضة للمخاطر عينها.في المقابل، يربط خبراء المشكلة بعدم إلزام الجمعيات العاملة بمجال الرعاية بالخضوع لسلطة وزارة الشؤون الاجتماعية الرقابية.وهنا، يقرّ رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب ميشال موسى، بضرورة فرض الحكومة رقابة إلزامية وشروطا صارمة بمنح التراخيص للمؤسسات الاجتماعية والرعائية. ويقول إن “الجرائم بحق الأطفال، هي جرائم أخلاقية غير مبررة حتى بالمناخ الاقتصادي والمعيشي للبنان”.ويرفض النائب تحميل البرلمان مسؤولية عدم تشريع قوانين جديدة للحد من الجريمة، معتبرا أن القوانين قائمة ومعدلة، و”المطلوب الحكم القضائي بأقصى درجات العقوبة”.وتربط الخبيرة الدولية بمجال حماية الطفل زينة علوش، تصاعد الجرائم بتراجع ثقة المواطنين بالدولة، إضافة لعامل الأزمة الاقتصادية.وتعتبر أن مرتكبي الجرائم بحق الأطفال تحديدا، يتفلتون من الضوابط القانونية والاجتماعية والأخلاقية، و”تعزز هذا مع الموقف من الدولة كجهة لم تحمِ المواطنين من عملية السطو على أموالهم بالمصارف ولم توفر الأمان لهم”.وترى أن فورة الانتهاكات والأذى بحق الأطفال والنساء أيضا، “ردة فعل غير طبيعية، ولكن لها جذورها، مع تدني مستوى أداء الدولة تجاه شعبها”.ويعتقد مرقص أن حماية الأطفال مسؤولية حكومية تتطلب تشريعات صارمة وآليات قضائية فعالة، وفرض عقوبات رادعة لمرتكبي الجرائم.بالتوازي، تعتبر علوش أن الحل الجذري يتحقق فقط بتحمّل الدولة مسؤولياتها في حماية الأطفال، بتوفير الخدمات الأساسية؛ كالتعليم الإلزامي والمجاني، والرعاية الاجتماعية والصحية العادلة، ومحاربة عمالة الأطفال، ودعم الأسر المهددة والفقيرة ليس بالمال فحسب بل بتوفير خدمات متعددة الأبعاد، وتفعيل دور فرق عمل متعددة الاختصاصات للمراقبة والمتابعة، حيث “لا يمكن فصل واقع الأطفال عن تحلل للدولة”. (الجزيرة)