لماذا الحوار بين حزب الله والسعوديّة أكثر من ضروريّ؟

30 يوليو 2023
لماذا الحوار بين حزب الله والسعوديّة أكثر من ضروريّ؟


يُعتبر “حزب الله” من أبرز الأفرقاء الذين أيّدوا التقارب السعوديّ – الإيرانيّ، وهو لا يزال يُولي أهميّة كبيرة لهذا التطوّر الدبلوماسيّ بين هذين البلدين، كيّ يعود بالإستقرار على لبنان، ويتمّ انتخاب رئيس للجمهوريّة من محور “الممانعة”، إذ يُدرك “الثنائيّ الشيعيّ” أنّ هناك رغبة سنّية داخلية بانتخاب رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، غير أنّ وقوف الرياض على الحياد في الموضوع الرئاسيّ، هو الذي يحول دون حسم البعض لخيارهم، وإنجاز الإستحقاق.

 
ويرى مراقبون أنّ السعوديّة تتحاور مع حارة حريك عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وعبر وسيطٍ هو فرنسا، فموفدها الرئاسيّ جان إيف لدوريان يلتقي كافة الأفرقاء عند كل زيارة يقوم بها إلى لبنان، ويحمل مواقفهم للدول الخمس، بما فيها المملكة، التي تُدرك جيّداً أنّ “حزب الله” يُريد إيصال فرنجيّة، وهي عبر عدم دخولها في الأسماء الرئاسيّة، تعكس عدم معارضتها بانتخاب مرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، فالأخير لو قُدّر له الوصول إلى بعبدا سيعمل على تطبيق “إتّفاق الطائف” الذي ترى الرياض أنّه أساس الحلّ لمشاكل لبنان، على الرغم من مدى قربه من سوريا وإيران و”المقاومة”.
 
ويقول مراقبون إنّ إيران فوّضت “حزب الله” بالملف الرئاسيّ، أيّ أنّها لن تتدخّل لا من قريبٍ ولا من بعيد مع الرياض في هذا الشأن، إلّا إنّ طلبت الدول الخمس منها مشاركتها في إيجاد حلّ للأزمة الرئاسيّة. فحالياً، يبدو أنّ على “حزب الله” توسيع مروحة إتّصالاته لتشمل المملكة، وخصوصاً إنّ فشل مرّة جديدة في إقناع حليفه المسيحيّ رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل بانتخاب فرنجيّة. فقرار السعوديّة حاسمٌ لجهّة حسم “اللقاء الديمقراطيّ” و”كتلة الإعتدال” لموقفيهما.
 
وبحسب المراقبين، فإنّ السعوديّة تتشارك مع “حزب الله” أهميّة في أنّ يكون التوافق أساس الإنطلاق نحو فكفكة العقد السياسيّة، فهي أيّدت التقارب بين اللبنانيين لاختيار رئيس لبلادهم، وبعدم تفضيلها لأيّ مرشّح، فإنّها تُبارك أيّ حوارٍ قد يخرج منه اللبنانيون بإجماعٍ حول أيّ شخصيّة، أيّا تكن هويّتها.
 
كما أنّ لـ”حزب الله”دورٌ فاعلٌ في سوريا والعراق واليمن وفلسطين، فبعدما نجحت السعوديّة بإيقاف الهجمات الحوثيّة على مدنها ومناطقها وعلى شركاتها النفطيّة، فإنّ “الحزب” لديه عناصر في سوريا، وهو أعلن مراراً أنّه يقوم بتدريب الحوثيين، وهو لديه علاقات ممتازة مع الشيعة في العراق، ودَعَمَ حربهم ضدّ داعش والمنظّمات الإرهابيّة. كذلك، فإنّه يُنسّق مع الفصائل المقاومة في فلسطين، ويلتقي قادتها كلّ فترة. وصحيحٌ أنّ “حزب الله” أيّد التهدئة بين إيران والمملكة، غير أنّ دوره يبقى فاعلاً في المحافظة على الإستقرار الأمنيّ في البلاد العربيّة حيث يتواجد.
 
من هذا المنطلق، يُشدّد المراقبون على أنّه يجب على الرياض أنّ تفتح قنوات التواصل مع “حزب الله”، فهي أعادت سوريا إلى جامعة الدول العربيّة، وتُؤكّد ضرورة وحدة أراضيها، ومن دون إنتهاء الحرب هناك، وانسحاب إيران وأتباعها من دمشق، يصعب أنّ تستعيد سوريا عافيتها وسيطرتها على كافة حدودها. ويُوضح المراقبون أنّه بانسحاب الجيوش والمقاتلين من دمشق، وعلى رأسهم “حزب الله” والحرس الثوريّ الإيرانيّ، فإنّ نفوذ طهران سينخفض في المنطقة، والأخيرة ملزمة بحسب بيانها مع السعوديّة بعدم التدخّل بشؤون البلاد العربيّة، واحترام الدول من منطق الأخوة والتعاون.
 
ولأنّ الكثيرين يعتبرون أنّ “حزب الله” هو “ذراع إيران” في المنطقة، فمن مصلحة المملكة أنّ تكون علاقتها جيّدة مع حارة حريك، للمحافطة على الهدوء ليس فقط في لبنان وعلى حدوده الجنوبيّة، إذ يرى البعض أنّ دور “الحزب” فاعلٌ أكثر من طهران في سوريا وفلسطين والعراق واليمن، ومن خلال تعزيز السعوديّة لعلاقتها معه، فإنّها تكون تعمل على المحافظة على الإستقرار في هذه البلدان، بالتزامن مع انشغال إدارتها بتطوير إمكاناتها على الصعد كافة، إقتصاديّاً وعربيّاً ودوليّاً ونفطيّاً، وفضائياً.