لا يُمكن حالياً توقّع النهاية التي سترسو عليها أزمة التوتر في مُخيّم عين الحلوة بين حركة “فتح” وجماعة “جند الشام”، فالأمور قيد الترقّب وقد باتت تأخذُ منحى جديداً من التطوّر على الرَّغم من توقف الإشتباكات المُسلّحة في الوقت الرّاهن.
حتى الآن، يواصل القياديّ في حركة “فتح” عزّام الأحمد جولتهُ التي بدأها في بيروت الأحد الماضي، والهدف منها سحب فتيل التوتر القائم. بشكلٍ واضح، كان الأحمد مؤكداً أمام من التقاهم من مسؤولين لبنانيين وعلى رأسهم الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، أهمية وقف الإقتتال بصورة دائمة، لكن على ما يبدو هو أنّ الأمور قد تأخذُ منحى جديداً من التصعيد ولكن على صعيدٍ خفي.. فما هي التطورات الجديدة؟ وما هي آخر المعلومات عن ملف المُخيّم المُتفجّر؟
“كلامٌ فتنوي” ما يظهر جلياً هو أنَّ المشكلة في عين الحلوة باتت تنتقلُ إلى مكان آخر قد يفتحُ باباً من التوتر المُتجدد. خلال اليومين الماضيين، برزت موجةٌ جديدة تسعى لتصوير الإقتتال الذي شهده عين الحلوة على أنهُ فلسطيني – فلسطيني وتحديداً بين حركتي “فتح” و”حماس”. هنا، تكشفُ معلومات “لبنان24” أنّ جماعة “جند الشام” هي من بدأ بترويج ذاك “الكلام الفتنوي” بين الحركتين لضرب التعاون بينهما في ملف الإقتتال الأخير، في وقتٍ سعت غبر “الغرفة السوداء” للجماعة المذكورة إلى زجّ اسم مسؤول “حماس” في لبنان أحمد عبد الهادي بملف المعارك، واتهامه بتكليف الإرهابي بلال بدر باغتيال القائد السابق للأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو أشرف العرموشي. تشيرُ مصادر “لبنان24” أيضاً إلى أنَّ أحد القادة الكبار في “جند الشام” سعى مؤخراً من خلال خطابٍ علني داخل مخيم عين الحلوة إلى اتهام “حماس” بفتحِ إشتباكات مع الآخرين من دون أن تكون هي نفسها في الواجهة، أي بمعنى أنها تستخدمُ الآخرين لتنفيذ أجنداتها. وفي الواقع، فإن هذا الكلام الذي أقرّ به أحدُ مسؤولي “جند الشام” يتقاطعُ تماماً مع تصريحٍ سابق للقيادي في الجماعة أسامة الشهابي حينما اعتبر أن “حماس” على تنسيقٍ مع العدو الإسرائيليّ وتعتقلُ الإسلاميين في غزة بشكل دائم. وللمعلومات، فإنّ الشهابي ما زال مُتحصناً في عين الحلوة وسط الإشتباكات الأخيرة، وتكشف مصادر “لبنان24” أنهُ يتواجد في حي عرب زبيد قرب حي الصفصاف، وقد اتخذ من هذه المنطقة مقراً له ولا يخرجُ منها، موضحة أنّ لديه مُصلّى قرب منزله يسمى “مصلى الحسين”.
إسمٌ يبرز إلى الواجهة ووسط المشهديّة القائمة والمرتبطة بالتطور الأمني، برز إسم فادي الصالح المُقرّب من “حماس” ببياناتٍ وُصفت بـ”المدسُوسة والمشبوهة”، حيثُ نُسبَ إليه أمر تمويل مسلحي “جُند الشام” ضمن المخيم. كذلك، ذكرت معلومات “لبنان24” أنَّ الصالح زار قبل أسابيع قليلة المدعو محمد جمال حمد داخل حي الصفصاف في مخيم عين الحلوة وذلك بعد خروج الأخير من السجون اللبنانية. “لبنان24” تواصل مع الصالح الذي كانَ مسؤولاً عن أعمال إغاثية في المخيم عبر الأمم المتحدة، وقال إنَّ الإتهامات التي سيقت ضدّهُ باطلة تماماً، نافياً كل المزاعم التي نُسبت إليه عن تمويل جماعة “جند الشام” أو غيرها في عين الحلوة. وفي إطارِ حديثه، يقول الصالح: “أنا أقطنُ في صيدا وأعمل فيها وأخضع لسلطة الدولة اللبنانية، ولو كان الأمر الذي يُقال حقيقياً وواقعياً لما كنتُ الآن متواجداً في منزلي، وأصلاً السلطات الأمنية اللبنانية لا يخفى عليها شيء”.
ولفت الصالح إلى أن الهدف من زجّ إسمه في مسألة مخيم عين الحلوة هو شيطنة “حماس” التي لا مهمة تنظيمية له فيها حالياً، مُرجحا استهدافه شخصياً لسببين، الأول هو صراعات فتحاويَّة داخلية و الثاني هو نشاطه و حضوره وتأثيره في العمل الشبابي والإغاثي في المخيمات الفلسطينية. وأوضحَ الصالح أنّ “الكلام الذي يطالهُ هو ساقطٌ تماماً، وهو عبارة عن بيانات مشبوهة من جهات معروفة من طرفنا و من أجهزة الدولة و ليست بيانات و جهات رسمية”، وأضاف: “على كل جهة تتحدث عني أن تقدّم إثباتاتها وأدلتها بشأني، ونحن لا نخاف شيئاً أبداً لأننا لم نمارس في عين الحلوة ومنذ زمن سوى العمل الإغاثي والإنساني بالتنسيق مع الدولة اللبنانية”. كذلك، أكد الصالح عدم وجود أي علاقةٍ له بأي أحداث شهدها المخيم منذ فترة طويلة، معتبراً أن الإتهامات التي تُطلق جزافاً هدفها تخريب الأوضاع وتشويه سمعة الأشخاص.
وحول مسألة زيارته المدعو محمد حمد في عين الحلوة، قال الصالح: “حمد هو مطلوبٌ سابق للسلطات اللبنانية، وقمت بتسليمه أنا وممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي ومسؤول المكتب السياسي للحركة في صيدا أيمن شناعة والشيخ ماهر حمود. إثر ذلك، جرى سجن حمد لمدّة 6 سنوات، وإثر خروجه من السجن، قمنا بزيارته واصطحبناه إلى ثكنة الجيش في صيدا لمراجعة أحد المسؤولين العسكريين في المخابرات، وبعد ذلك أعدناها إلى مخيم عين الحلوة. اليوم، لا علاقة لنا بمحمد حمد سوى أننا قمنا بتسليمه منذ 6 سنوات، وبعد إطلاق سراحه اصطحبناه إلى الثكنة”. إذاً، في خلاصة القول، فإنّ ما تقومُ به جماعة “جند الشام” أمنياً وعلى صعيد أخبار مدسوسة، يحتاجُ إلى إنتباه كبير سواء من “فتح” أو “حماس”، فيما المطلوب حصوله هو تعاونٌ لإجتثاث تلك الجماعة من داخل المخيم وأطرافه كي لا تُشكل خطراً على أمن الفلسطينيين هناك وعلى أمن صيدا بشكل خاص.. والسؤال: هل سيجري ذلك حقاً عبر حلقة إشتباكٍ جديدة؟