لماذا تبحث مصر عن حلفاء ماليين جدد في الشرق؟

25 أغسطس 2023
لماذا تبحث مصر عن حلفاء ماليين جدد في الشرق؟


تحوّل الوضع الاقتصادي في مصر، أحد أكبر ثلاثة اقتصادات في الشرق الأوسط وثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا، إلى أزمة وطنية.وبحسب موقع “Middle East Eye” البريطاني، “إن تدخل الجيش في اقتصاد البلاد، وضعف العملة الوطنية، والأزمة في أوكرانيا، والتأثيرات السلبية المترتبة عن كورونا، ووجود العديد من القروض الدولية غير المسددة، كلها عوامل جعلت الوضع في البلاد أكثر خطورة. واعتمدت السلطات المصرية في الغالب على مساعدة حلفائها التقليديين العرب والغربيين، الذين حصلت على دعمهم من خلال تعزيز القيم الغربية والاستقرار والحفاظ على توازن القوى الإقليمي. لكن القاهرة أدركت تدريجياً أن هذه المساعدات كانت مصحوبة بشروط مسبقة من شأنها، إما إرهاق الاقتصاد المصري، كما في حالة قروض صندوق النقد الدولي، أو توجيه الثروة خارج البلاد إلى مستثمريها العرب في منطقة الخليج. ولهذه الأسباب، سعت مصر مؤخرًا إلى تنويع مصادر مساعداتها الخارجية وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الآخرين، خاصة أولئك الموجودين في الشرق الأقصى”.

وتابع الموقع، “وفي تشرين الثاني 2016، حصلت مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في أعقاب ثورة 2011 وما تلاها من انخفاض عائدات قناة السويس. ومع تدهور الوضع الاقتصادي بشكل أكبر، وافق الصندوق على قرضين إضافيين بمبلغ 2.72 مليار دولار و5.2 مليار دولار للحد من آثار جائحة كورونا. وحصلت الحكومة المصرية بعد ذلك على الموافقة على قرض رابع من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار في كانون الأول 2022 على مدى 46 شهرًا بشروط مسبقة للتكيف الاقتصادي. وتحتل مصر الآن المركز الثاني في الحصول على أكبر مبلغ من القروض المجمعة في تاريخ صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين”.وأضاف الموقع، “إن الطلب الأكثر أهمية الذي قدمه صندوق النقد الدولي هو خصخصة الأصول الحكومية، على الرغم من قبضة الجيش على الاقتصاد، كما نصح بالتروي في بناء المشاريع الضخمة، والتحول إلى سعر صرف عملة أكثر مرونة. وخيبت هذه المطالب آمال المسؤولين في القاهرة الضعفاء سياسياً، والذين يلومهم الشعب على الأزمة الاقتصادية الحالية، وخاصة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويعتقد القادة المصريون أن الجنيه القوي هو علامة على الائتمان الوطني ووسيلة لإدارة مستويات الدين الخارجي والتضخم وتكلفة استيراد المواد الأساسية، بما في ذلك مواد البناء للشركات العسكرية العاملة في مشاريع البناء والبنية التحتية”.وبحسب الموقع، “كانت المشاريع الوطنية ومشاريع البنية التحتية بمثابة وسيلة لكسب الدعم الشعبي للنظام، وتعزيز العلاقات بين الجيش والسيسي، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي. وفي الواقع، تعهد السيسي، على النقيض من التزام صندوق النقد الدولي، في مؤتمر اقتصادي في تشرين الأول بمواصلة المشاريع الوطنية، وبأن الجيش سيظل نشطا. وأدت مطالب صندوق النقد الدولي الأخرى، مثل الإلغاء التدريجي لدعم الوقود، إلى زيادة الإحباط والضغوط بين الطبقة المتوسطة والعمال المصريين. إن متطلبات القرض مدعومة من قبل الاتحاد الأوروبي، الحليف القديم لمصر، والذي يساهم بحوالي 1.2 مليار يورو سنويًا”.وتابع الموقع، “من جانبها، قامت الولايات المتحدة في بعض الأحيان بتخفيض أو حتى سحب دعمها لمصر. وعلى مدار عامين متتاليين، حجبت واشنطن جزءًا من مساعداتها، 130 مليون دولار من إجمالي 1.3 مليار دولار مخصصة لمصر سنويًا كمساعدات عسكرية. وكانت ممالك الخليج بمثابة الحليف الرئيسي الثاني لمصر. وتلعب مصر دورًا رئيسيًا في المساعدة على استقرار المنطقة وتوفير الأمن لها، وفي المقابل، التزمت دول الخليج بدعم الاقتصاد المصري. ومنذ عام 2013، منحت الأنظمة العربية مصر 12 مليار دولار لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد انقلاب السيسي ضد الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، لم تعد مصر تتمتع بمساعدات مالية مجانية وغير محدودة من حلفائها، كما كانت في الماضي”.وأضاف الموقع، “وقد مارست دول الخليج، إلى جانب صندوق النقد الدولي، ضغوطاً متزايدة على السيسي لتلبية متطلبات صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات. وتعمل هذه الدول في الوقت نفسه على تطوير خطط اقتصادية طموحة لتنويع اقتصاداتها والبحث عن مصادر إيرادات بديلة للنفط، مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، والتي ساعدت دول مجلس التعاون الخليجي، كما في الماضي، على تقليل عجز الميزانية والإنفاق. لقد تغيرت خطة دول الخليج لمساعدة الدول الأخرى، حيث أعطت الأولوية للاستثمارات بدلاً من المساعدات المباشرة أو الودائع أو المنح. وهذا العام، أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في 18 كانون الثاني أن المساعدات السعودية ستأتي الآن بشروط”.وبحسب الموقع، “إن الشروط الصارمة التي فرضها صندوق النقد الدولي وانخفاض استعداد دول الخليج لمساعدة مصر، أجبرت القاهرة على البحث عن شركاء جدد. ورغم أن شركاءها التقليديين ما زالوا يشكلون أهمية حيوية لبقاء البلاد اقتصادياً، إلا أن مصر كانت تبحث عن مانحين شرقيين جددا يفرضون قيوداً أقل. ومن بين حلفائها، تعد الصين الأكثر نفوذا. إن الشراكة الاستراتيجية مع مصر لا تمنح بكين فوائد اقتصادية فحسب، بل أيضا ثقلا جيوسياسيا”.وتابع الموقع، “على مدى العقد الماضي، أصبحت الصين واحدة من أكبر الشركاء التجاريين والمستثمرين لمصر، واجتذبت البلاد نحو 28.5 مليار دولار من الاستثمارات الصينية بين عامي 2018 و2019، مما يجعلها أكبر متلق للاستثمارات الصينية في العالم العربي. كما سعت الصين إلى تمكين مصر من سداد ديونها، وحتى الآن، قدمت بكين قروضا طارئة من دون الضغط على المقترضين لاستعادة انضباط السياسة الاقتصادية. أما بالنسبة للقروض، فإن بكين تميل إلى اتباع مسار مستقل، بدلا من التنسيق مع الدائنين الآخرين وصندوق النقد الدولي. وبهذه الطريقة، أصبحت الصين رابع أكبر دائن لمصر، بقيمة 8 مليارات دولار”.وأضاف الموقع، “بالإضافة إلى ذلك، تعد مصر أول دولة أفريقية تحصل على سندات “باندا” الصينية. وتعتبر القروض ذات الفائدة المنخفضة التي قدمتها الصين لمصر بقيمة 500 مليون دولار جذابة، خاصة وأن مصر سيتعين عليها سداد 11.4 مليار دولار لصندوق النقد الدولي وحده على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وتعد الهند، باعتبارها اقتصادًا سريع النمو، حليفًا محتملاً آخر لمساعدة مصر على معالجة أزمتها الاقتصادية. وتأتي مصر خلف الصين مباشرة كأكبر مستورد للقمح في العالم، وبعد بدء الحرب في أوكرانيا، بدأت البحث عن طرق بديلة لاستيراد الحبوب. إن مكانة مصر كشريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون، وطلبها للانضمام إلى مجموعة البريكس، وإمكانية التخلص من الدولار في التجارة مع روسيا والصين وتركيا، كلها علامات أخرى على التنوع الاقتصادي في القاهرة والتوازن الجديد مع الشركاء التقليديين”.وختم الموقع، “مع ذلك، ستتقدم مصر ببطء في هذه العملية وستواصل تركيز الاهتمام على داعميها الماليين الرئيسيين في الغرب والخليج”.