كتبت آمال خليل في “الأخبار”: «صناعة الموت» في لبنان تأثرت أيضاً بتداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان. ولأن «الموت ما بيوقف»، كان طبيعياً أن ينتعش الطلب على «التابوت الوطني»، في ظلّ عدم قدرة كثيرين، باستثناء قلّة، على مجاراة أسعار التوابيت المستوردة، بالتوازي مع دخول عادات جديدة للتوفير على أهل الميت.
الغبار «يعبق» في معمل بيلان لتصنيع التوابيت الخشبية في عمشيت (قضاء جبيل) بسبب تقطيع الخشب ونشره. ينهمك النجّار في تثبيت ألواح الخشب ودقّ المسامير، قبل أن يحيلها إلى زميله «دهان الموبيليا».
أحد أصحاب المعمل، أباً عن جد، الثلاثيني لويس بيلان، يثبّت صليباً على غطاء النعش بعد جفاف الطلاء، ومقابض على جانبيه لتسهيل حمله، وهذه تكون معدنية أو مذهّبة أو بلاستيكية «حسب طلب الزبون».
لا يزوّد بيلان كل النعوش بالفراش الأبيض، بل يترك بعضها فارغاً. وهو تدبير اعتمده بعد الأزمة الاقتصادية، إذ أجبرت الضائقة المالية وانتشار الموت بسبب جائحة كورونا لجان الوقف في رعايا بعض البلدات على شراء تابوت واحد لاستخدامه في كل الجنائز.
يقول: «صارت هناك ماركة جديدة اسمها: التابوت الجماعي. صمّمنا تابوتاً واحداً بمواصفات جيدة لرعايا بلدات في البترون وجبيل وكسروان والجبل. اشترته الرعيّة واحتفظت به.
وفي حال موت أحد أبنائها، تشتري منا تابوتاً آخر رخيص الثمن، يكون عبارة عن صندوق خشبي خالٍ من أي تفصيل. يوضع الميت في الصندوق الذي يوضع بدوره داخل التابوت، فلا يظهر أمام الناس في الجنّاز سوى التابوت الفاخر».
لم تمر ظروف أقسى على العائلة التي امتهنت صناعة النعوش في الشمال. «رغم أن مصير التوابيت العادية أو الفاخرة هو الاهتراء بعد سنوات قليلة، إلا أن الجميع كانوا يحرصون على الالتفات إلى هذه التفاصيل.
الأزمة أجبرت الناس على الاقتصاد في تكاليف الجنائز وتشاركها بين أهالي الرعية الواحدة» يقول بيلان. «تغيّر السوق منذ 2019. زاد الطلب على صناعة التوابيت في مقابل تكدس التوابيت المستوردة في المستودعات».