منذ اللحظة الاولى لانتهاء الإشتباك الأول في “عين الحلوة”، اكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، كان واضحاً ان ما يحصل هو هدنة مؤقتة ستشتعل بعدها الجبهات للوصول الى الأهداف التي رسمت منذ اللحظة الاولى والتي لا تبتعد ابداً عن الحسابات الإقليمية والدولية في لحظة بالغة الحساسية على المستوى الداخلي، خصوصاً إذا ما أخذ بعين الاعتبار التصريحات والإتهامات الإسرائيلية لفلسطينيي لبنان.
احدى أبرز العناوين الأساسية التي باتت تقلق إسرائيل، اضافة الى خروج “حزب الله” وعملية تراكم القوة لديه عن السيطرة، هو إقحام الحزب لعناصر فلسطينية ولفصائل اساسية في معركته المباشرة مع تل ابيب انطلاقا من الساحة اللبنانية، وقد صوب قادة في الجيش الاسرائيلي مؤخرا على قيادات حركة حماس الموجودين في لبنان بإعتبارهم والتنسيق مع الحزب يديرون أعمال المقاومة وعمليات التسليح في الضفة الغربية.حتى اللحظة، ومنذ الطلقة الأولى في مخيم عين الحلوة قبل اسابيع، كان هناك شعور لدى بعض المتابعين بوجود شرخ ما، بين قيادة حركة فتح في المخيم وبين قيادة الحركة في فلسطين، او اقله لا يبدو ان فتح في لبنان قادرة على الالتزام بكامل التعليمات السياسية، وهذا يعني أن الإشتباك الحاصل لن يكون تحت السيطرة الشاملة، خصوصا وأن الإسلاميين في المخيم وتحديدا الذين يقاتلون ضد “فتح” ليس لديهم مرجعية واضحة يمكن التفاوض معها.لكن ماذا ستحقق اسرائيل من تطور الأمور في عين الحلوة؟ تقول مصادر مطلعة انه وبعيدا عن الدور الاسرائيل وحجمه، الا ان تل ابيب مستفيدة بشكل كبير من تفلت الواقع الأمني في عين الحلوة، خصوصا أن المخيم يقع عند طريق إمداد أساسي ولا بديل عنه لـ”حزب الله” واحداث فوضى امنية عند تلك الطريق سيساهم في عرقلة تحركات الحزب، ولعل ما فشل به الحراك الأمني للشيخ احمد الاسير قد تنجح فيه حرب طويلة في عين الحلوة.وتعتبر المصادر ان الأهم من كل ذلك هو إشغال حركة حماس في لبنان، وانهاء مرحلة الإستقرار التي يعيشها الشتات الفلسطيني في مخيمات البلد، لان ذلك سيجعل من اولويات الحركة ترتيب البيت الداخلي وانهاء المعارك او المشاركة فيها في لحظة ما، مما يقلل من قدرتها على المساهمة في دعم التحركات العسكرية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية التي باتت تشكل قلقاً وجوديا على إسرائيل.وترى المصادر أن تطور المعارك وعدم تمكن الفصائل الفلسطينية من احتوائها، حسماً او تسويةً، قد يؤدي الى نتائج خطيرة مثل تدمير جزئي لعين الحلوة او سيطرة للفصائل المتشددة على أجزاء منه وتثبيتها قاعدة حقيقية عند تخوم معاقل “حزب الله” في الجنوب، وهذه امور، في حال حصولها، ستفتح الباب على سيناريوات خطيرة جدا لا يمكن إحتواؤها من دون كارثة كبرى في لبنان…