يُنهي الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، مهمته في بيروت اليوم، بلقاء ثانٍ مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وسط توقعات بعودة جديدة إلى لبنان لاستكمال مهمته الرامية إلى تسهيل عملية انتخاب رئيس جديد .
وتوقعت مصادر لبنانية رفيعة المستوى عودة لودريان إلى بيروت مجدداً، لاستكمال مساعيه، فيما نفى الرئيس بري طرح لودريان فكرة «الاسم الثالث» مما يعني سقوط ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور.
وقال بري في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «الأمور ممتازة مع لودريان… ونحن على الخط نفسه». وشدد على أن الحوار «ليس مطلبه وحده، بل مطلب عربي ودولي لأنه السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة»، معلناً أنه سينتظر ما يحمله إليه لودريان بعد ختام جولته «ليبني على الشيء مقتضاه»، في وقت ترى فيه المعارضة، انطلاقاً من اللقاءات التي عقدتها مع الموفد الفرنسي، أن المبادرة الفرنسية سقطت وتحديداً لجهة دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ما يعني سقوط خيار الوزير السابق جهاد أزعور وبالتالي التوجه إلى خيار ثالث بديل.وكتبت” النهار”: بدا ممكنا استخلاص نهايات الجولة الثالثة للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان عشية مغادرته بيروت اليوم بنتيجة يتيمة ولو انها تكتسب دلالة بارزة لجهة تبدل مسار المبادرة الفرنسية وهي “تطور” التلميح الى التصريح بضرورة الاتجاه الى “الخيار الثالث” رئاسيا او “المرشح الثالث”. لم تنه هذه الخلاصة بطبيعة الحال “معضلة” الانقسام العمودي حول “الحوار” الذي بدا لودريان مستوعبا اكثر موقف المعارضة الرافض له خصوصا بعدما عاين في دارة السفير السعودي وليد بخاري كثيرا من مواقف النواب السنّة تماهوا في طرح التساؤلات وحتى الشكوك في جدوى الحوار ولو انهم لم يرفضوه. ولذا كانت استعارة لودريان لتعبير النقاش بدلا من الحوار اشبه بلجوء الى تدوير الزاوية علّ وعسى تنفع في استيلاد مسلك تسووي بين رفض مطلق للحوار ومسعى لتزامن جلسات تشاور محدودة في الزمن مع تحديد موعد للجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية.وعلى أهمية بعض الدلالات التي اكتسبها تصاعد بروز “الخيار الثالث” خصوصا عقب اللقاء في دارة السفير السعودي وليد بخاري وما اثاره من جدل وربما من استنتاجات متعجلة الكشف عن زيارة بدت كأنها استثنائية الطابع قام بها امس رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد لرئيس “تيار المردة” ومرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية في دارته في بنشعي من دون تسرب أي معلومات عن مضمونها ولو قيل انها مقررة منذ فترة.وكشف مصدر مسؤول في الثنائي الشيعي لـ«الديار» أن هدف زيارة رعد لفرنجية وفي هذا التوقيت بالذات جاءت لتؤكد له ان حزب الله مستمر بترشيحه وانه لا يزال «مرشحنا الأوحد» بغض النظر عن رأي الموفد الفرنسي لودريان او ما يسرب عن بعض الاجتماعات والشخصيات.ويضيف المصدر نفسه، نحن مددنا يدنا للحوار لفريق المعارضة وهم قابلونا بالرفض، ولقد اصبح واضحاً للقريب والبعيد من يعرقل الحل ويبقي البلاد في دوامة الفراغ، ليختم «على هذه الحال «بيجي لودريان وبفل لودريان ولا انتخابات رئاسية، وبيرجع وبيجي وبيفل وما في انتخابات».ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن «اللقاء جاء في إطار التنسيق بين الحزب والوزير فرنجية، وللتأكيد على تمسك حزب الله كما حركة أمل بدعم ترشيح فرنجية في ظل الحديث عن خيارات أخرى ومرشحين توافقيين كقائد الجيش لا سيما بعد لقاء الأخير مع النائب رعد، حيث جرى تحميل اللقاء أكثر مما يحتمل». وأوضحت الأوساط أن «الملف الرئاسي لا يزال يلفه الغموض بانتظار ظهور نتائج زيارة لودريان وتظهير مواقف الكتل النيابية من الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري ولقاء التقييم بين لودريان والرئيس بري، وبالتالي ظروف انتخاب رئيس الجمهورية الداخلية والخارجية لم تنضج بعد». وشدّدت على أن «زيارة لودريان لم تحمل أي جديد سوى حشد الدعم النيابي لمبادرة الرئيس بري، كما أن لودريان لم يأتِ كممثل عن اللجنة الخماسية بل هناك آراء عدة داخل اللجنة الخماسية».وكتبت” الاخبار”: قالت مصادر نيابية إن لودريان والبخاري أوحيا بأن «انتخاب رئيس للجمهورية ليس قريباً»، كما حاول لودريان إفهام النواب بأن «الأمور عادت إلى النقطة الصفر»، لافتاً إلى «ضرورة البحث عن مرشحين توافقيين، حيث لا إمكانية لوصول أيٍّ من الأسماء المطروحة». ودعا النواب للذهاب الى الحوار قائلاً: إذا «كانت كلمة حوار مستفزة للبعض، فاعتبروه لقاء تشاورياً». أما السفير السعودي فأشار إلى أن «وجهة النظر السعودية هي التي أثبتت واقعيتها، لأن المملكة تملك خبرة كبيرة في الملف اللبناني»، لافتاً الى «أننا منذ البداية طالبنا برئيس على مسافة واحدة من الجميع ويرضي الجميع»، مشدّداً على «تطابق وجهتَي النظر السعودية والفرنسية تحت سقف موقف الخماسية».وقالت مصادر نيابية، حضرت الاجتماع، في دارة السفير السعودي إن «لودريان أكد أنه سيعود الى بيروت في جولة جديدة، وإن مهمته المقبلة في السعودية لن تشغله عن دوره في إدارة الملف اللبناني، ملمحاً الى «مبادرة جديدة».في السياق، لفتت مصادر سياسية بارزة إلى «تناقض في المداولات التي قام بها لودريان»، كاشفة أنه «خلال لقائه برئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم يلمّح أبداً الى انتهاء المبادرة الفرنسية، بل سأل فرنجية عن الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وعن الضمانات التي يُمكن أن يقدّمها كرئيس مقبل»!وكتبت” نداء الوطن”: في معلومات من مصادر مواكبة لاتصالات اللجنة الخماسية أنّ الدور الفرنسي انتهى، وبدأ الدور القطري. والفارق بين الدورين، أن فرنسا لم تبدأ كدولة وسيطة تقف على مسافة واحدة من القوى السياسية، انما تبنّت ترشيحاً يرفضه فريق آخر من اللبنانيين. والخطأ الذي ارتكبته فرنسا، أنها ساهمت في تأجيج الانقسام الداخلي. وعندما فُوّضت في لقاء اللجنة الخماسية الذي انعقد في باريس، لم يصدر عنها أي بيان يشجع على التجاوب مع جهودها. وقد أعطيت فعلياً فرصة إستمرت ثمانية أشهر لإنجاز الاستحقاق الرئاسي. لكنها انطلقت إما من مصالحها، وإما من فرضية تقول إن الواقع لا يسمح بوصول رئيس ضد «حزب الله»، فيما الواقع الحقيقي يفيد بأنّ أحداً لا يريد وصول رئيس ضد «حزب الله»، مثلما لا أحد يريد رئيساً يخضع له. وتقول المصادر: «لا أسف على خروج فرنسا من وساطتها. فهي أخطأت في المقاربة، وفي إدارة العملية الانتخابية الرئاسية. وفي المقابل، فإن قطر وعلى رغم تأييدها مرشحاً هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، فإنّها تستند الى ورود اسمه ضمن اللائحة التوافقية. كما أن قطر تعمل وفق القاعدة التي توصلت اليها فرنسا واللجنة الخماسية، وهي: أولاً، أن في لبنان إنقساماً. ثانياً، أن ميزان القوى لا يسمح لأي فريق بانتخاب مرشحه. ثالثاً، أنّ غلبة فريق ستؤدي الى تأجيج الانقسام. رابعاً، ما سبق يستدعي الذهاب الى توافق داخلي على شخصية، وهذا التوافق المدعوم خارجياً، يؤدي الى إدخال لبنان في عملية الاستقرار المطلوبة، وهذا ما تعمل عليه قطر اليوم. وقد وضعت لنفسها مهلة غير مفتوحة للوصول الى اسم يحظى بدعم خارجي على قاعدة التوافق الداخلي». وتابعت المصادر: «ماذا بعد؟ لا يكفي فقط انتخاب رئيس. إنّ لبنان في مرحلة انهيار وليس في مرحلة معارضة وموالاة. والخروج من الانهيار يتطلب توافقاً داخلياً ينتج رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وحكومة لإدارة مرحلة انقاذية». وخلصت المصادر الى القول: «إذا دخل لبنان مرحلة جديدة للوصول الى رئاسة تمثل إجماعاً لبنانياً وتؤدي الى ردم الهوّة الوطنية بسبب أزمة السلاح، فسيؤدي ذلك الى اعادة ترميم الواقع السياسي الذي انهار منذ ثورة تشرين الأول 2019. وبالتالي تكون مناسبة لإعادة ترميم الجسور واطلاق عملية النهوض».وقالت مصادر نيابية التقت لودريان ل”اللواء»: ان الجديد الذي طرحه مفاده: انه بعد لقاءاته الداخلية والخارجية لا امكانية للسير بالطروحات السابقة ولا بد من طرح جديد وهذا الامر يحتاج الى حوارات بين كل الطراف.واوضح لودريان حسب المصادر النيابية، انه يجمع الافكار والمقترحات النيابية لنلقها الى اللجنة الخماسية العربية الدولية، وهو ابلغ النواب انه يضع «الخماسية» بكل تفاصيل ما يقوم به، وسيحصل اجتماع لوزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.اضافت المصادر: ان تحرك لودريان بالتنسيق مع اللجنة الخماسية يفتح ثغرة واسعة في جدار الازمة الرئاسية.