ما قاله الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمته في ذكرى المولد النبوي الشريف عن الملف الرئاسي لم يتعدّ المئة وخمس كلمات، عدًّا ونقدًّا. ما قاله لم يروِ غليل الحلفاء. وبالطبع أزعج الخصوم.
Advertisement
فهؤلاء الحلفاء، ومن بينهم مرشح “حزب الله” رئيس تيار “المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، كانوا يتوقعون كلامًا رئاسيًا غير الكلام الذي قيل، والذي لم يكن في مستوى الأهمية الكبرى، التي تُعطى لهذا الاستحقاق، لأنه مفتاح الحلّ لكل المشاكل التي يعاني منها لبنان، وقد استفاض “السيد” في الحديث عنها، وبالأخصّ موضوع النزوح السوري وتبعاته.
ما كان يتوقعّه المقرّبون من فرنجية أن يسمعوه ممن يدعم ترشيحه، باعتباره المرشح الوحيد لـ “الثنائي الشيعي”، لم يكن على قدّ الآمال، خصوصًا مع كثرة الحديث عن “الخيار الثالث”، وعن تخلّي فرنسا عن مبادرتها، التي كانت قائمة على دعم وصول فرنجية إلى قصر بعبدا، مع ما يعني ذلك من تراجع حظوظ “البيك”، فضلًا عمّا يصل إلى بنشعي من همسات عن صفقة رئاسية بدأت تتبلور معالمها من خلال ما يقوم به الموفد القطري من تحركات واتصالات يبدو أن “حارة حريك” غير بعيدة عنها.
ما قاله نصرالله عن الملف الرئاسي قليل من كثير كان يجب أن يُقال في هذا الظرف الرئاسي الحسّاس والدقيق. هذا ما كان يتوقعه هؤلاء المقربون، من أجل وضع النقاط النافرة على الحروف الرئاسية، ولوضع حدّ للتأويلات، التي ترافقت مع لقاء رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” الحاج محمد رعد مع قائد الجيش العماد جوزاف عون.
ماذا قال السيد نصرالله في خطاب طويل عريض عن الملف الرئاسي: “كانت هناك فرصة هي فرصة الحوار الذي دعا إليها دولة الرئيس نبيه بري، وكان ممكن العالم أن تأتي إلى الحوار ونتناقش ونطرح مرشحنا ويطرحوا مرشحهم ونتحدث بالضمانات ونتحدث بالمستقبل ونتحدث بكل شيء، هي المبادرة تقول أنه إذا اتفقنا على اسم نذهب وننتخبه وإذا اختلفنا على اسمين نذهب ونصوّت، لكن هذه الفرصة ضُيّعت فقط بالنكد، بالمكابرة، ماذا يؤثر إذا جلسنا يوم ويومين وثلاثة وجلسة وجلستين وثلاثة، هل هذا تضييع وقت؟ “طيب صيرنا أشهر وهلق حيصيرلنا سنة”. على كل حال، المبادرة الفرنسية يجب أن نستطلع أين أصبحت. الوفد القطري ما زال يبذل جهودًا يومية للوصول إلى نتيجة ما.”
فهل ما قيل كافٍ؟
يجيب المقرّبون من “بنشعي” بشيء من خيبة أمل. وكان يكفي أن يعلن “سيد المقاومة” في العلن ما يقوله موفدوه إلى “بنشعي” بالسر من أن سليمان فرنجية هو مرشح “حزب الله” الوحيد، وأن لا تراجع عن هذا الدعم تحت تأثير أي ضغط. لكن هذا الكلام لم يُقل في العلن. وكان من المفيد كثيرًا أن يُقال اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالكلام عن “الخيار الثالث” حمّال لأكثر من معنىً، وهو يتكاثر وينمو وينتشر كالنار في الهشيم بين الأوساط السياسية، حتى أنه بات متقدمًا على غيره من الخيارات، ومن بينها تراجع حظوظ كل من فرنجية يقابله تراجع لحظوظ الوزير السابق جهاد ازعور أيضًا.
ما لم يقله “السيد” كان مقصودًا. ويعتقد كثيرون أن في ما لم يقله كان رسالة إلى الموفدين الفرنسي والقطري، اللذين يجيدان قراءة ما بين السطور، خصوصًا ان ثمة كلامًا كثيرًا عن موافقة ضمنية لمسها الموفد القطري ممن التقاهم من المسؤولين الرسميين في “حزب الله” على الذهاب إلى “الخيار الثالث”، على رغم أن هناك من حاول تقويل هؤلاء ما لم يعلنوه بعظمة لسانهم من أن سليمان فرنجية هو مرشحهم الوحيد.
فلو لم يكن “حزب الله” في وارد الدخول في صفقة معينة لكان أمينه العام أعلن عكس ذلك في كلمته في الذكرى النبوية الشريفة، مع أن ثمة من يرجّح أن يكون كلام نصرالله، الذي يكون عادة مدروسًا بعناية فائقة، قد فتح الباب لتفاوض جديد من دون أن يتخّلى عن ورقة فرنجية، التي لا تزال صالحة كورقة متقدمة وكمقدمة لمزيد من المكتسبات السياسية.