شدد الرئيس فؤاد السنيورة على أنّ “لدى معظم اللبنانيين الان، إيمان وشعور بالتضامن مع القضية الفلسطينية وعدالتها، وهم يتحسسون بما تعانيه غزة وأهلها ويتألمون كثيراً لذلك، لكنهم غير قادرين على خوض معركة عسكرية كما يطالب بها البعض، وذلك لأنهم ما زالوا يعانون من آثار الحرب التي شنتها إسرائيل عليهم في العام 2006. وايضا يعانون من 3 أزمات متراكمة مع بعضها البعض، سياسية واقتصادية والنازحين السوريين الموجودين في لبنان”.
ولفت في حوار مع قناة “الحدث – العربية”، الى ان “هذه العوامل تجعل من غير الممكن للبنان أن ينخرط أو أن ينزلق نحو المشاركة في هذه المعركة العسكرية لأنها ستؤدي بالنهاية إلى تدمير لبنان ولا تؤدي الى نتيجة فعلية على مسار العملية العسكرية. ولكن لبنان لا يزال يرى ويؤمن أنّ من واجبه الوطني والعربي أن ينخرط سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً إلى جانب اشقائه العرب في دعم القضية الفلسطينية”.ورأى أن “طرفين أساسيين معنيين باستعادة القضية الفلسطينية لأهلها ويجب أن يمارسا هذا الدور في عملية الاستعادة. ومن جهة أولى، هناك حاجة لتكوين موقف عربي جامع وموحّد، ومن جهة ثانية، هناك موقف يجب أن تتخذه حركة “حماس”، بأن تقرّ بالعودة إلى الحضن العربي”.وقال: “شهدنا الموقف العربي كيف أخذ شكله الصحيح على هذا الطريق من خلال المواقف التي اتخذتها جمهورية مصر العربية وأيضاً المملكة الأردنية الهاشمية في منع ما يسمى تصفية القضية عن طريق رفض ما يسمى التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء والأردن. كذلك، شهدنا ذلك الموقف العربي البارز الذي جرى في الاجتماع الذي عقد في الهيئة العامة للأمم المتحدة، وكيف استطاع هذا الموقف العربي المتضامن تحقيق هذا التصويت الكاسح من أجل وقف إطلاق النار. وشهدنا كيف جرى طرح القضية بهذا الشكل الصحيح في الأمم المتحدة من خلال هذا التضامن العربي”.ودعا السنيورة لـ”موقف عربي متضامن ترعاه المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية في هذا الشأن لما يتمتعان به من مزايا، وأيضاً من احترام ودور كبير في المنطقة العربية والعالم، وذلك من أجل الإسهام في استعادة القضية إلى الحضن العربي”.واوضح ان “ما يحصل على الساحة اللبنانية، هو مناوشات بين “حزب الله” وإسرائيل، وليس بالضرورة أن ما يجري يلتزم بما يسمى قواعد الاشتباك. والحقيقة أنه ليس هناك من قواعد اشتباك مكتوبة ولا محددة. الذي جرى مؤخراً هو أنَّ إسرائيل زادت من مدى تحرّشها بلبنان وقصفت مناطق شمال نهر الليطاني، وهي تقصف لبنان بالقنابل الفوسفورية التي تسببت بالكثير من الحرائق والدمار كما سقط جراء ذلك عشرات الشهداء. وعن قصف إسرائيل لمناطق شمال نهر الليطاني، وهو ما يقول عنه البعض أنه ينبغي احترامه بعدم تجاوز القصف نهر الليطاني نحو الشمال. هذا الأمر هو ما نخشى منه، وذلك بأن يجري بعد ذلك نوع من الاستدراج للبنان للمشاركة في هذه الحرب”. وقال: “لا بدّ لي هنا من أن أعود وأكرر أن الغالبية الساحقة من اللبنانيين لا ترى أن بإمكان لبنان أن ينخرط في هذه العملية العسكرية ليس لأن لبنان لا يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية. على العكس من ذلك، نحن نعلم أن لبنان وعلى مدى الخمسين سنة الماضية ضحّى كثيراً من اجل هذه القضية، وحيث تعرّض لبنان لستة اجتياحات إسرائيلية، وكان من نتيجة ذلك أن تعرّض لبنان للكثير من القتل والتدمير الذي لحق به. لذلك، فإننا لا نعتقد أن بإمكان لبنان الانخراط في هذه العملية العسكرية لأن ذلك سيجر عليه دماراً وضحايا بشرية كثيرة، ولاسيما وأنه لا تتوفر لدى لبنان ولدى اللبنانيين شبكات الأمان التي يحتاجها لتخطي الدمار الذي يمكن أن يحصل من جراء انخراطه في تلك الحرب”.وعن تحرك بعض الشباب في بيروت، اشار الى ان “حزب الله، وعلى مدى السنوات الماضية، عمد إلى إيجاد وتأسيس تنظيمات هامشية إلى جانبه، وبالتالي هو يستعين بها من وقت إلى وقت، وذلك على شاكلة ما يسمى “سرايا المقاومة”. وهذا الأمر يحصل أيضاً مع الجماعة الإسلامية والتي عملت إلى إعادة أحياء ما يسمى “قوات الفجر”. هذه القوى ليس لها عملياً أي قيمة عسكرية، وهي تعيش على الدعم الذي يقدمه لها حزب الله، وهي لا تتحرّك إلاّ من خلال ما يُطلبُ إليها أن تقوم به من قبل حزب الله. وهدف حزب الله من ذلك، ان يعطي صورة بأنه ليس وحيداً ضمن بيئته، بل هو يشمل جميع اللبنانيين، وأن جميع اللبنانيين منخرطين في هذه العملية العسكرية وهذا ليس صحيحاً”.وختم معتبرا ان “الرأي العام اللبناني المسيحي والإسلامي لا يؤيد الانخراط في عمل عسكري. وكذلك حال معظم اللبنانيين الشيعة، لأنهم أيضاً ذاقوا ماذا يمكن أن تعني هذه العملية العسكرية إذا حصلت بالنسبة لهم. وذلك استناداً إلى ما حصل وعانوا منه في العام 2006 والآن هناك أعداد كبيرة من اللبنانيين القاطنين على امتداد الحدود بين لبنان والأرض المحتلة. وكيف أنهم اضطروا الى الهجرة إلى الداخل اللبناني وهم يعانون الأمرّين. وبالتالي هذا الأمر يجب أن يكون واضحا أن اللبنانيين يريدون أن يقوموا بدورهم تجاه قضية فلسطين، ولكن سياسياً وإعلامياً وديبلوماسياً”.