الموعد الثاني لخطاب السيد حسن نصر الله في الحادي عشر من الشهر الجاري اقترب والكل ينتظر ماذا سيحمله من مواقف وربما خطوات للمرحلة المقبلة سيما بعد المجزرة المروعة التي اودت بحياة طفلات ثلاث وجدتهم .
Advertisement
في الحقيقة خطاب السيد الاخير، تبعته تحليلات وقراءات متعددة منها من اثتى عليه ومنها من اعتبره دون المتوقع، لكن على ذلك- واقله- لا يمكن الذهاب في النكران بعيدا من ان الحزب غيّر في قواعد سياسيته لناحية قرار السلم والحرب، ويبدو انه حتى الساعة يجهد في ضبط النفس وعدم الذهاب بعيدا في رده على الاعتداءات الهمجية المتكررة لاسرائيل على حدود لبنان واهله، مسجلا بذلك نقطة لصالح الدولة وتغليب قرارها وقرار الاجماع فيها في تحديد سياسة لبنان الخارجية على قرار فريق او طرف.
بالطبع هذا المنحى الجديد للحزب لم يولد من فراغ وانما ساهمت فيه عدة عوامل يتقدمها عدم اعلام واشراك حماس حزب الله وتحديدا جناحها المسلح “كتائب عز الدين القسام” في عملية ” طوفان الاقصى”، هذا عدا عن دخول معركة “طوفان الاقصى” شهره الثاني في ظل صمود واضح لفصائل المقاومة الفلسطينة المتزامن مع اكتفاء ذاتي غير مقرون باي طلب عون او مساندة من اي جهة كانت بما فيها حزب الله. وهذا له دلالات وحسابات كبيرة لدى الحزب، ان على مستوى حراكه كمقاومة اسلامية في المنطقة أو على مستوى حدود دوره فيها المستمد في الأصل من ايران، حيث كان التنسيق جاري بين الحزب و فصائل المقاومة الاخرى ان في العراق او اليمن. حتى ان تواجده في الميدان السوري كان مطلوبا ومشروعا بخلاف ما هو حاصل اليوم مع فصائل المقاومة الفلسطينية، على الرغم من انهما يتشاركا في نفس الهدف وهو مقاومة العدو الاسرائيلي واعتداءاته حتى تحرير فلسطين.
ولكن ماذا لو اعلمت حماس حزب الله بعملية “طوفان الاقصى” ، وماذا كان حزب الله ليفعل ؟
هو سؤال افتراضي يطرح، ولكن لا يمكن حتى استشراف الاجابة عنه، لان مسار المنطقة يتبدل بشكل تدريجي وحمم النار التي كانت مزروعة بين كبار الدول خفّ لهيبها بفعل المفاوضات الجارية والاتفاقيات الحاصلة بين عدة اطراف نافذة والتي يمكن اختصار نتائجها بالتزام واضح من ايران وبكفالة الصين بعدم التدخل في شؤون دول المنطقة.
وفي هذا الصدد تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الى الممكلة العربية بمعرض المشاركة في قمة الرياض لما لهذه الزيارة من دلالات وما ستسفر من نتائج. من هنا فان حزب الله سواء كان يعلم او لا يعلم فان تعاطيه مع “طوفان الاقصى” واعتداءات العدو الاسرائيلي الاستفزازية على جنوب لبنان سيبقى محصورا في اطار قواعد متوازنة وشديدة الدقة والحرفية رسمها لرده، وهو بكل حال قادر فيما لو اراد ان يذهب في معركته بعيدا ويحقق ضربة ثانية اقسى للعدو، لكنه اليوم ملتزم عدم الخروج عن تلك القواعد في هذه المرحلة، وهو يعول بكل حال على نتائجها لاسيما في الداخل اللبناني قاطعا الطريق على بعض الافرقاء السياسيين من الحديث مجددا بانه جر لبنان الى حرب كلفته البشر والحجر ابان حرب تموز العام 2006 من جهة، ومن جهة اخرى قد يكون ذلك خطوة الى الامام من الحزب نحو الدولة والحراك من خلالها وليس بمعزل عنها، كرسالة تطمين تمهد الطريق نحو الاستحقاقات العالقة.
على ذلك، ان حدة معارك الميدان تبقى محكومة بالمفاوضات الجارية على خط وقف اطلاق النار في غزة وحل ملف الاسرى والتجاذبات والمصالح التي ربما قد تزيد من تعقيداته او تطيل حله.