صدر عن كتلة الوفاء للمقاومة البيان التالي:
الحرب الصهيونيّة ضدّ غزّة وأهلها تجاوزت اليوم الخامس والأربعين، ولا يزال الأفق مقفلاً دون تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة.. فلا استطاع العدو أن يحرّر أسراه بالقوّة وأذعن مؤخراً لمنطق التفاوض حول هذا الأمر، ولا تمكّن من أن يسحق حماس أو أن يقضي على المقاومة ومنظومتها رغم كل الدمار الذي تسبّب به والاستهدافات التي طاولت قتل المدنيين والأطفال والنساء وتفجير المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات فضلاً عن البيوت والمتاجر…
وبالرغم من كل انتهاكات العدو الصهيوني للقوانين والقواعد والأنظمة الدولية وللقيم والأعراف الإنسانيّة، فقد فشل فشلاً ذريعاً في تبرير توحشه العدواني أو في كسب الرأي العام العالمي إلى جانبه.. خصوصاً بعد افتضاح أكاذيبه وادّعاءاته واتضاح فشله الاستخباري وعجزه الأمني وتخبّطه السياسي والإداري وتورط أجهزته في قتل المستوطنين.
رغم مسارعة الإدارة الأمريكيّة لاحتضان ورعاية العدو الصهيوني بعد الضربة القاصمة التي وجهتها له حركة حماس في 7 تشرين أول.. ورغم إطلاقها يد هذا العدو لاستباحة كل المحرّمات في الحرب على غزّة وشعبها.. ورغم توفيرها كل الدعم والمساندة له في حربه تخطيطاً وإشرافاً ومواكبةً، فإنّ الصهاينة كشفوا عن حقيقة طبيعتهم العنصريّة وظهروا أمام مرأى ومسمع العالم بأسره كعصاباتٍ إجراميّة متوحشة تحترف القتل وتخشى القتال وهي أخطر على البشريّة وأبعد ما تكون عن احترام القوانين أو الرضوخ لمنطق العدل أو الإقرار بحقوق الآخرين.
وإلى ذلك كله، فقد أكّد أيضاً تقاعس الدول ومنظماتها عن إقامة العدل أو حتى عن القيام بواجبها لوقف العدوان الصهيوني، أنّ المقاومة للدفاع عن الوجود والوطن ولتثبيت الحقّ وانتزاعه، ورفض الإذعان والخضوع للمعتدين، هو الخيار المتاح والطبيعي والمشروع للشعوب المظلومة والمضطهدة والمعتدى عليها.
وقد عبّر عن هذه الحقيقة، الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش حين قال “إنّ ما حصل في 7 تشرين لم ينشأ من فراغ”… مقراً، ولو ضمناً أو عبر زلّة لسان بأنّ الظلم والاحتلال المفروضين قهراً على الشعب الفلسطيني من قبل الغزاة الصهاينة يبرران حقه المشروع في المقاومة.
ولعل ما يؤكد مناهضة العدو الصهيوني للحق والحقيقة، هو استهدافه للشهود الصادقين من رسل الصحافة والإعلام الميدانيين الذين يسجّلون بالصوت والصورة وقائع الاعتداءات والانتهاكات الشريرة التي يقوم بها الصهاينة في السلم وفي الحرب، وليس تعمّده قتل المراسلين والمصورين الصحفيين والإعلاميين إلا الدليل على هذه الحقيقة الثابتة التي تدفعنا لإدانة العدو الصهيوني وشجب جرائمه المتكررة ضدّ الصحافة والإعلام والتي أودت بحياة العديد من المراسلين والمصورين الذين نال العديد منهم في غزة شرف الشهادة لهم ولعوائلهم، وفي لبنان أيضاً نال هذا الشرف بالأمس القريب عصام العبدالله من وكالة رويترز، فيما ناله اليوم إضافةً إلى المواطن حسين عقيل، الإعلاميان فرح عمر وربيع المعماري من قناة الميادين الفضائيّة التي لم يستطع العدو تحمّل صدقيّة أدائها في نقل وقائع عدوانه على غزّة ولبنان.
إننا إذ نحيي الإعلام الصادق والشجاع ووسائله وقنواته نتقدم منه ومن عوائل شهدائه بأحر وأسمى التبريكات.
وفي وضعنا اللبناني، نحيي بطولات المقاومين الشجعان الذين يكبحون هستيريا العدو وتوحشه ويبذلون دماءهم وأرواحهم دفاعاً عن لبنان وحمايةً لسيادته ونصرةً وتضامناً مع أهلنا الشرفاء والمقاومين البواسل في غزة فلسطين. ونوجّه تحية إجلالٍ لكل شهداء المقاومة وجرحاها ولكل الشهداء المدنيين المظلومين من إخواننا وأهلنا في لبنان وغزة الإباء.
وإذ تعبُرُ بالأمس ذكرى الاستقلال في وقتٍ تعاني فيه البلاد من عدة مشاكل منها الشغور في موقع رئاسة الجمهورية والتباينات حول الآلية الأنسب لمعالجة الشغور المرتقب في موقع قيادة الجيش، وغير ذلك من المشاكل التي تتسلل عبرها بعض التدخلات الخارجيّة المقيتة التي تحاول أن تملي إرادتها على بعض اللبنانيين، بعيداً عن المعاني الحقيقيّة للاستقلال والسيادة المطلوب التزامها بدل الاكتفاء بالتغنّي بهما أو المزايدة الكلامية بشأنهما.
إنّ كتلة الوفاء للمقاومة وانطلاقاً من مسؤوليتها تجاه قضايا الوطن والناس، تؤكد على:
ان العدوان الصهيوني المتوحش على غزّة وأهلها، جريمة إبادة جماعيّة موصوفة، تستدعي ملاحقة دولية وعامة للكيان الصهيوني ولأجهزته كافّة، كما تستدعي تحركاً فورياً سريعاً لتعليق عضويته في الأمم المتحدة وصولاً إلى إسقاط شرعيّته المزعومة وطرده منها.
و أنّ خيار المقاومة لتحرير الأرض المحتلة والدفاع عن الوجود والوطن هو حق طبيعي للشعوب. لا يجوز التنكّر له ولا المساس به.وتؤكد الكتلة موقفها الداعي إلى وجوب الإسراع في ملء الشغور الرئاسي، وتدارك الشغور المرتقب في موقع قيادة الجيش واعتماد الآلية الأنسب قانوناً وواقعاً لتقرير العمل بموجبها. والكتلة منفتحة للتوافق على أيٍّ من الخيارات المتاحة.
وتدعو هيئات المجتمع المدني للتنسيق مع السلطات والهيئات الرسميّة المختصة من أجل تنشيط الذاكرة وتحفيز الوعي حول المعاني الحقيقية الوطنيّة للاستقلال والسيادة، والعمل على تكريس مصداقية الالتزام بهما في الممارسة السياسة والسلطوية بالبلاد.