كتب احمد الايوبي في “نداء الوطن”: إستقبلت الأوساط الدينية والسياسية والاجتماعية بالترحيب قرار تعيين شيخ قراء طرابلس الشيخ بلال بارودي أميناً للفتوى في المدينة وقد عبّرت زيارات واتصالات وبيانات التهنئة والتأييد التي تتالت من النواب والهيئات والفاعليات الطرابلسية والشمالية والإسلامية من كلّ المناطق اللبنانية عن هذا الجوّ الناشئ بعد قرار التعيين باعتبار الشيخ بارودي شخصية عابرة للمناطق ويحظى بالاحترام لدى مختلف الشرائح السنية كما أنّه من الذين يحملون بجرأة ويعبّرون بقوّة عن الشراكة الإسلامية المسيحية ويعملون على تعزيزها.
في أبعاد القرار يمكن القول إنّه تأخّر زمنياً لأنّه كان يُفترضُ ملء الشغور في منصب أمين الفتوى بعد إنجاز انتخابات الإفتاء في 18-12-2022 وانتخاب الشيخ محمد إمام مفتياً لطرابلس والشمال، وكان متوقعاً تعيين الشيخ بارودي بالاستناد إلى موقعه الدعوي كشيخ قراء وكأحد العلماء القلة المواظبين على الحركة المسجدية الدؤوبة على مدار الأسبوع ولأنّه نال منفرداً 30% من أصوات الهيئة الناخبة في مواجهة تحالف سياسي عريض التقى فيه المتناقضون لمنع وصوله إلى سُدّة الإفتاء.
الملاحظة الأهمّ في هذا السياق هي أنّ انتخابات الإفتاء لم تترك أيّ تأثير سلبي على العلاقة بين الشيخين إمام وبارودي بل أظهرا الكثير من التماسك والتعاون والتفهّم والتفاهم والالتفاف حول موقع الإفتاء، الأمر الذي قطع الطريق على جهاتٍ كانت تحفر لإثارة الشقاق بينهما في سبيل إضعاف الدور الديني والوطني لدار الفتوى في طرابلس.
يحظى الشيخ إمام باحترام واسع في مختلف الأوساط بالنظر لشخصيته المتميّزة بالسماحة والتقوى واللطف والسعي للخير العام، كما يمتلك الشيخ بارودي حضوراً وازناً بالنظر لتاريخه الدعوي إماماً لمسجد السلام الذي تعرّض للتفجير الإرهابي، على يد النظام السوري، مع مسجد التقوى في آب 2013، ولمواقفه الجريئة الحازمة دفاعاً عن الحقوق ورفضاً للسلاح غير الشرعي وتمتيناً للشراكة الإسلامية المسيحية، مع تسجيل أنّه لم ينتسب إلى أيّ تيارٍ سياسي أو تجمّع ديني سوى دار الفتوى والتزم بحصر نشاطه في إطارها وفيها سجّل حضوره المتواصل في تشجيع الحراك الديني المتفاعل واستضافته مجالس النور التي أطلقها أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي والمخصّصة لقراءة المراجع الدينية في الحديث النبوي ونقلها على طريق السلف إلى الأجيال المتعاقبة.
يشكِّل الشيخان محمد إمام وبلال بارودي ثنائياً متكاملاً بإمكانه أن يحقّق النجاح والتقدّم بمؤسسات دار الفتوى من خلال التكامل وحسن توظيف الطاقات وفتح المجال للشورى والتعاون مع المجتمع المدني والشراكة مع القطاع الخاص في تنمية الأوقاف الإسلامية وصولاً إلى استعادة الدور التاريخي لدار الفتوى في طرابلس مدينة العلم والعلماء وهذا ما ينتظره أهل المدينة من قيادتها الدينية بعد أن أخفقت أغلب قياداتها السياسية في إعادة الاعتبار لمعقل السنة في لبنان على جميع المستويات.