كتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”: عاملان جديدان أدخلهما السيد نصر الله في خطابه الأخير، أولهما تقصّده تسليط الضوء بالمعنى السوسيو- پوليتيك، أنّ الفلسطينيين في فلسطين هم بالإنتماء أولاد أرض، يموتون حيث ينتمون، أمّا اليهود على أرض فلسطين فقد جمعوا حول سردية ميتولوجيّة عنوانها أرض الميعاد، وبالتالي هم ينتمون الى شعار الأرض، وليس للأرض، وهذا هو الفارق الذي سيجعل اسرائيل تخسر معركتها ومبرّر جودها.
أما العامل الثاني والمهم فتركيزه على تلك البقعة الجغرافية المسماة «غوش دان» التي تضمّ ثلاثة أرباع إسرائيل ومصافي نفط ومصانع كبرى ومؤسسات حكومية بشهادة جنرال إسرائيلي كان حذّر نتنياهو من أن تؤدي أي حرب مع «حزب الله» إلى تدميرها. وإعادة التذكير بها في سياق التهديد بحرب شاملة وشرسة يضعها في صلب الأهداف المقبلة متى أرادت اسرائيل توسيع عدوانها على لبنان.
منذ لحظة وقوع عملية الاغتيال في الضاحية سارعت الجهات المسؤولة إلى نقل رسائل غربية متفرقة إلى «حزب الله» بأنه ليس المقصود بالاستهداف ولا حتى الخروج عن قواعد الإشتباك المتفق عليها، وانما تصفية الحساب مع منفذي عملية السابع من اكتوبر، وعليه كان ردّ نصر الله أنّ «هذا الكلام على من يمرق؟ على الأطفال، على الجبناء؟» قاصداً الردّ على الداخل والخارج.
من حديث أمينه العام المتشعب الرسائل، يبدو أنّ خيار الحرب لدى «حزب الله» تقدّم في الحسابات، ويحدّده الميدان، لكنّه لن يكون المبادر لشنّها فيقدّم هدية إلى رئيس وزراء اسرائيل الذي يقود حرباً فاشلة مقارنة بالأهداف التي حدّدها للحرب، وليس من حيث الدمار الذي لحق بغزة وأعداد الشهداء الذين سقطوا. في حساباته أنّ الكلمة للميدان، وإن حاول نتنياهو الشروع في الحرب، فهو قد يحدّد بدايتها، لكن نهايتها لن تتوقف على قرار منه. فالحرب المقبلة إن وقعت ستكون حرباً بلا ضوابط ولا سقوف، وستكون حرباً قاضية، ذلك أنّ «حزب الله» يعتبر أنّ نهاية إسرائيل لم تعد بعيدة، ورداً على المشكّكين بردّه على اغتيال العاروري وآخرين، فهو يعتبر أنّ الردّ واقع من خلال جبهة الجنوب الحامية والأهداف التي تحقّقها ضربات المقاومة، وسيتحدث عنها السيد اليوم بالتفصيل، لكن هذا لا يلغي أنّ رداً قاسياً وموجعاً سيكون في موعد يختاره الأمين العام بما يتناسب ووقع عملية الاغتيال ومكان وقوعها. فالكلمة اليوم للميدان وما سيشهده في غضون الآتي من الأيام، والخيارات ستكون صعبة ومرهقة و»حزب الله» في أعلى جهوزيته لخوض الحرب وينتظرها لعلمه أنّ خوضها يكون أفضل حالاً من الواقع الراهن.