فرصة ذهبية قبل موعد التسوية

14 مارس 2024
فرصة ذهبية قبل موعد التسوية


تستطيع القوى المسيحية أن تفرض نفسها على الساحة السياسية بشكل أفضل مما هي عليه اليوم، وذلك من خلال إيجاد قواسم مشتركة في ما بينها، وطرح عناوين جامعة على طاولة المفاوضات التي ستنشأ بشكل مباشر بين القوى السياسية اللبنانية أو بشكل غير مباشر بالتوازي مع انتهاء الحرب على غزّة وإطفاء جبهات الإسناد المُشتعلة من حولها في المنطقة.


لكن الواقع المسيحي يبدو اليوم ضعيفاً جداً، حتى لو تمكّنت القوى المسيحية من تحديد مطالب واضحة أمام شركائها في الوطن، الا أن واقعها المأزوم بعد العهد الأخير جعلها الى حد كبير مربكة في كيفية لملمة أزماتها والخروج منها باندفاعة قويّة تفرضها على الساحة المحليّة بشكل يصبح معه من الصعب تجاوزها.

ترى مصادر سياسية مطّلعة على الوضع السياسي الداخلي، أنه حتى وإن استطاعت القوى المسيحية تخطّي خلافاتها والتوازنات الداخلية التي يتسبب بها بطبيعة الأحوال تشرذم الأحزاب وخلافاتها في ما بينها وعقدها تحالفات متناقضة بهدف الوصول الى السلطة أو تحقيق اهداف حزبية وسياسية، فإنّ الواقع الديمغرافي سيؤثّر بلا شكّ على التوازنات والقوة السياسية لهذا الطرف أو ذاك، وتحديداً المسيحيين الذين تعرضوا لأكثر من انتكاسة في السنوات الاخيرة.

وتُضيف المصادر بأن الواقع المسيحي الراهن بعد ثورة 17 تشرين والأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ أعوام ولا تزال تعصف حتى اليوم بلبنان، بالاضافة الى انفجار مرفأ بيروت، تعرّض لموجة هجرة خلال سنوات قليلة أدّت الى تراجع إضافي في الواقع الديمغرافي، الامر الذي وصفته المصادر <<بالخطير>> على المستوى السياسي لأنّ من شأنه أن ينعكس على الواقع الانتخابي مهما تدخّلت عمليات التصويت في الاغتراب التي تسعى اليها بعض الاطراف لإحداث توازن ما.

لذلك فإن القوى المسيحية اليوم امام تحدٍّ جدّي وكبير خصوصاً بالتوازي مع حصول تسوية في المنطقة تستتبع عملية المشاورات التي تهدف الى الوصول لقواسم مشتركة بين القوى المعنية، إذ إن المسيحيين اليوم أمام فرصة ذهبية ليكونوا جزءاً لا يتجزّأ من التسوية المقبلة في الساحة اللبنانية ولكن ذلك لن يحصل قبل تحقيق عدّة أهداف أولها الحوار في ما بينهم والتوافق على عناوين واضحة وتجميع أوراق القوة واستخدامها بالسرعة اللازمة.