يعتبر القطاع الزراعي أكثر القطاعات الاقتصادية تأثرا بتغير المناخ، إذ أنه يعاني، بشكل مباشر، بالتغيرات التي تطرأ على درجات الحرارة وهطول الامطار. وتزيد محدودية موارد المياه والاراضي في لبنان، فضلاً عن توسع رقعة المدن، من التحديات التي تواجه تنمية هذه الموارد في المستقبل.
وفي حديث لـ”لبنان 24″، أشار رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك الى أن “طقس لبنان معتدل والتغيرات المناخية لم تحدث فيه أية كارثة حتى الآن، والقطاع الزراعي غير معرض للنكبات جراء التغير المناخي كما يحصل في دول أخرى، فلدينا مياه واذا انخفضت التساقطات لعام فهذا أمر طبيعي، لان المياه الجوفية كفيلة بأن تعوض الخسائر، وبالنسبة للحرارة فالتغيرات تحصل باستمرار وما من جديد”.
وبالنسبة لغلاء المنتجات الزراعية يقول: “سبب الغلاء هو بكل بساطة عدم قدرة المزارع على النهوض بمفرده بالقطاع الزراعي”.
ويضيف: “أولى مشاكل القطاع الزراعي الرئيسية تبدأ بتلوث مياه الري بمياه الصرف الصحي بما أن معظم نفايات القرى في لبنان ترمى في مجاري الانهر، والمشاكل الاخرى هي في عدم وجود مصرف للانماء الزراعي، وبالتالي لا امكانية للمزارع أن يقترض وأن يستثمر بزراعة أرضه، ولا يوجد ادارة وارشاد حول استثمار الاراضي الزراعية، مثلا في البقاع لا يعرف عن اي نظام معتمد للزراعة حتى الآن، فمنذ عام 2002 تقدمنا باقتراح الى الغرف الزراعية والسجل الزراعي ووضعنا الية حول كيفية ادارة خصوبة التربة للحفاظ عليها للاجيال المقبلة، ولكن منعنا من استكمال العمل”.
ومن جهته، حذر وزير البيئة ناصر ياسين من تقلبات الطقس، قائلاً: “إذا لم نتأقلم مع التغييرات المناخية سنكون في ظروف صعبة حول ما يتعلق بالامن الغذائي والصحة وقطاع السياحة”، مشيرا إلى أن “موجات الحر ستتضاعف خلال السنوات المقبلة. وقد نعرف اياما أكثر جفافاً و قد نشهد تقلبات في أحوال الطقس ما يحتم علينا إدارة أفضل لمواردنا الطبيعية وللتربة والمياه والغابات”.
تأثيرات تتخطى البيئة
الأحداث المناخية الأخيرة كشفت كيف أن حقوق الإنسان ترتبط ارتباطا وثيقا بتغير المناخ الذي يتجاوز بتأثيره على البيئة كما يقول رئيس حزب البيئة العالمي الدكتور ضومط كامل في حديث صحافي.
ويشدد كامل أن “الآثار السلبية للتغيرات المناخية لا تقتصر على لبنان، بل تطال كل الدول العربية، وسبق أن أدرج تقريرا لمنظمة “غرين بيس” المغرب والجزائر ومصر ولبنان وتونس والإمارات العربية المتحدة، ضمن الدول المهددة بالتأثير المدمر للتغير المناخي”.
ويعرّف التغير المناخي كما يشرح العميد السابق لكلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، البروفيسور تيسير حميّة بأنه “اختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة والرياح وتساقط الأمطار، التي تميز كل منطقة على الأرض”.
وينتج ذلك كما يقول عن “الزيادات الحاصلة في نسبة تركيز الغازات المتولدة عن عمليات الاحتراق في الغلاف الجوي، وتشير بعض الدراسات الحديثة، إلى أن البلدان الاستوائية والمتوسطية التي تنتمي لها المنطقة العربية، تميل إلى أن تكون الأقل إصدارا للغازات الدفيئة، ومع ذلك تعتبر البلدان العربية الأكثر تأثرا ومعاناة من التقلبات المناخية”.
ولا يوجد أي دولة أو إقليم بمنأى عن التغير المناخي العالمي، كما يقول وزير الزراعة، عباس الحاج حسن، مضيفا في حديث صحافي أن “الدول العربية ومن ضمنها لبنان تطالها تأثيرات التغير المناخي بشكل مباشر وستطالها سلبياته في المستقبل القريب، والتي تشمل المتساقطات والتصحر والغطاء النباتي الذي فقدناه وتغيير سلوكيات الغذاء وتراجع الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي، لذلك لا بد من التخفيف من استهلاك المياه لأن حدة الأزمة كبيرة جداً”.