ويقول جيسوب في مقاله إنه من المفيد أيضًا أن الكثير من التجارة العالمية لا تزال تتم بالدولار. ويتم تسعير أسعار السلع الأساسية بالعملة الأميركية، بما في ذلك النفط والمعادن والحبوب، ويتم الترحيب بالدولار كوسيلة للدفع في أي مكان في العالم تقريبًا.. ومع ذلك، بدأت الشقوق في الظهور.
وأحد هذه العوامل الذي ظل ينمو لبعض الوقت هو التنويع التدريجي من جانب البنوك المركزية، التي كانت تعمل على خفض حصة احتياطيات العملة الأجنبية التي تحتفظ بها في الأصول الأميركية (سندات الخزانة في الأساس).
تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن هذه النسبة انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً عند 59 بالمئة في نهاية العام 2020، مقارنة بـ 71 بالمئة في العام 1999.
مشتريات الذهب
وكجزء من هذا الاتجاه، قامت البنوك المركزية بإضافة المزيد إلى ممتلكاتها من الذهب. وكان بنك الشعب الصيني في المقدمة، حيث أظهرت البيانات الرسمية أن شهر أبريل كان الشهر الثامن عشر على التوالي من صافي المشتريات. ويشتبه المطلعون على الصناعة في وجود قدر كبير من عمليات الشراء السرية من قبل السلطات أيضًا.
ويضيف: “قد يكون الأمر ببساطة أن بنك الشعب الصيني مستثمر ذكي، يستفيد من الجاذبية التقليدية للذهب باعتباره ملاذ آمن، ووسيلة للتحوط ضد التضخم، ووسيلة لتنويع المخاطر.. ربما كانت السلطات الصينية تلعب بشكل جيد للغاية مع السوق الصاعدة”.
والصين ليست وحدها. وفقًا لأحدث البيانات الرسمية، اشترت تركيا بالفعل عددًا أكبر من الذهب في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام (حوالي 30 طنًا متريًا) مقارنة بالصين (27 طنًا)، ولم تتأخر الهند (18.5 طنًا) كثيرًا.
وثمة مزايا استراتيجية واضحة تجنيها الصين -بشكل خاص- من تنويع مصادر أصولها، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بشأن تايوان وتزايد عدوانية بكين في بحر الصين الجنوب، على حد وصف المقال.
وكما زعم ماثيو هندرسون في صحيفة التلغراف، فإن التحول إلى الذهب ساعد الصين على بناء احتياطي آمن من العقوبات الأميركية. ولقد اتخذت روسيا هذه الخطوة بالفعل، وقد تحذو دول أخرى حذوها.
وفي السياق، قد يكون مخزون الصين من الذهب أيضاً بمثابة تحذير من أن البلاد قد تستخدم حيازاتها الكبيرة من سندات الحكومة الأميركية كسلاح. وأي تهديد بالتخلص من هذه السندات من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، ليس فقط في الولايات المتحدة بل وأيضاً في بقية العالم الغربي.
علاوة على ذلك، قد تكون الولايات المتحدة أسوأ عدو لنفسها، إذ تعكس القوة الأخيرة للاقتصاد والأسواق جزئيًا التحفيز المالي الهائل الذي بدأ في عهد الرئيس ترامب واستمر في عهد الرئيس بايدن.
وهذا أمر -في تقدير كاتب المقال- لا يمكن أن يفلت منه إلا بلد يصدر العملة الاحتياطية المهيمنة في العالم، ولكن صبر المستثمرين الدوليين لا يمكن اعتباره أمرا مفروغا منه.
وتقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه بسبب العقوبات الأميركية المتوالية، والإجراءات المتسارعة التي تؤثر على الاقتصاد الصيني في سياق محاولة إضعافه، تحاول بكين في المرحلة الحالية تقليص حصتها في سندات الخزانة الأميركية.
وتضيف: “الصين تحاول الصين تقليص استثماراتها في هذه الأذون رغبة منها في إضعاف سطوة الولايات المتحدة عليها من خلال هذه الإجراء، لذلك فإن بكين تتجه إلى شراء الذهب بكميات كبيرة كمخزن للقيمة وبديل استثماري قوي وناجح يعزز من قدرة اقتصاد الصين على مواجهة الأزمات العالمية والتي تعد الولايات المتحدة جزءاً كبيراً منها من خلال سياساتها المختلفة وفرض العقوبات على كل من يخالفها الرأي أو ينافسها اقتصاديًا وتكنولوجيًا”.