ذكرت صحيفة “The Washington Post” الأميركية أن “الجيش الإسرائيلي يقوم بتحصين ممر استراتيجي يقسم غزة إلى قسمين، كما ويقوم ببناء القواعد والاستيلاء على المباني المدنية وتدمير المنازل، وفقا لصور الأقمار الصناعية وغيرها من الأدلة المرئية، وهو جهد يقول محللون عسكريون وخبراء إسرائيليون إنه جزء من مشروع واسع النطاق لإعادة تشكيل القطاع وترسيخ الوجود العسكري الإسرائيلي هناك. إن ممر نتساريم هو طريق يبلغ طوله أربعة أميال جنوب مدينة غزة ويمتد من الشرق إلى الغرب، ويمتد من الحدود الإسرائيلية إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد جعلت حماس من الانسحاب الإسرائيلي من المنطقة مطلباً مركزياً في مفاوضات وقف إطلاق النار.ولكن حتى مع استمرار المحادثات على مدى الشهرين الماضيين، ظلت القوات الإسرائيلية تشكل مواقعها. وقد تم إنشاء ثلاث قواعد عمليات أمامية في الممر منذ شهر آذار، وهي توفر أدلة حول خطط إسرائيل”.
Advertisement
وبحسب الصحيفة، “تصر إسرائيل على أنها لا تنوي إعادة احتلال غزة بشكل دائم، والتي سيطرت قواتها عليها لمدة 38 عاما حتى انسحابها في عام 2005، لكن بناء الطرق والبؤر الاستيطانية والمناطق العازلة في الأشهر الأخيرة يشير إلى الدور المتزايد للجيش الإسرائيلي مع تعثر الرؤى البديلة لغزة ما بعد الحرب. ولم يصدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سوى القليل من الخطط الملموسة “لليوم التالي”، لكنه تعهد مرارا وتكرارا بالحفاظ على السيطرة الأمنية “إلى أجل غير مسمى” على القطاع.وبالإضافة إلى شن غارات مستقبلية من الخارج، قد تحتاج القوات الإسرائيلية إلى “التواجد داخل” غزة لضمان تجريد حماس من السلاح، حسبما قال نتنياهو في إحدى المقابلات”.
وتابعت الصحيفة، “بالإضافة إلى التأثير في المفاوضات، فإن السيطرة على الممر تمنح الجيش الإسرائيلي مرونة، مما يسمح للقوات بالانتشار بسرعة في كل أنحاء الجيب، كما أنها تتيح لها القدرة على الحفاظ على السيطرة على تدفق المساعدات وحركة النازحين الفلسطينيين، وهو ما يقول إنه ضروري لمنع مقاتلي حماس من إعادة تجميع صفوفهم. ويقول خبراء عسكريون إن هذه الخطوة جزء من عملية إعادة تشكيل واسعة النطاق وطويلة المدى لجغرافية غزة، تذكرنا بالخطط الإسرائيلية السابقة لتقسيم غزة إلى كانتونات يسهل السيطرة عليها”.
وبحسب الصحيفة، “كان محور نتساريم من بين الأهداف الأولى للقوات الإسرائيلية بعد غزوها لغزة ردا على الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول، والمضي قدما لتقسيم القطاع إلى قسمين. ويقول الجيش الإسرائيلي إن الطريق يتيح للمركبات العسكرية السفر من أحد جانبي القطاع إلى الجانب الآخر في سبع دقائق فقط، مما يتيح للجنود الوصول بسرعة ودون عوائق إلى شمال غزة ووسطها.وقال مسؤول عسكري إسرائيلي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه تم استخدامه كقاعدة عمليات لهجمات الجيش الإسرائيلي الأخيرة في الزيتون، شمال غزة. ويقسم الممر الطريقين الرئيسيين الوحيدين بين الشمال والجنوب في غزة: طريق صلاح الدين، في وسط المنطقة، وطريق الرشيد على طول الساحل.وبدأ الجيش الإسرائيلي ببناء قواعد عمليات أمامية في كلا النقطتين في أوائل شهر آذار”.
وبحسب الصحيفة، “أشارت إسرائيل إلى أنها قد تكون مستعدة للانسحاب من الممر على المدى القصير. وينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماس الأسبوع الماضي على انسحاب تدريجي من المنطقة. وفي اليوم الثاني والعشرين، يجب على الجيش الإسرائيلي الانسحاب بالكامل من منطقة ممر نتساريمو”تفكيك المواقع والمنشآت العسكرية بالكامل”، كما جاء في نص القرار. لكن من المرجح أن يكون الجيش الإسرائيلي قد حصل على ضمانات بإمكانية عودته إلى نتساريم، حتى لو أُجبر على المغادرة لبضعة أشهر خلال وقف إطلاق النار، كما قال مايكل هورويتز، رئيس قسم الاستخبارات في لو بيك إنترناشيونال، هي شركة استشارات في مجال الأمن وإدارة المخاطر مقرها الشرق الأوسط. وأضاف أن بناء بؤر استيطانية متعددة وطرق وعمليات تطهير واسعة النطاق “يشير إلى أن هذا قد يصبح دائما”.”
وتابعت الصحيفة، “يقول محللون عسكريون إن فترة طويلة من الاحتلال العسكري تبدو محتملة بشكل متزايد، في ظل غياب خطط أخرى للحكم في غزة ما بعد الحرب. لقد اعترضت إسرائيل على الاقتراح الأميركي بعودة السلطة الفلسطينية، ويبدو أن هناك القليل من التأييد الإقليمي لقوات الأمن العربية. إن وجود القوات الإسرائيلية على المدى الطويل لن يحظى بشعبية كبيرة في غزة. ولكن مع عودة حماس إلى المناطق الشمالية التي طهّرها الجيش الإسرائيلي بالفعل، فإن الاحتلال العسكري أصبح الآن موضع مناقشة علنية”.