نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية تقريراً جديداً قالت فيه إن “حزب الله يشكل التهديد الرئيسي والأكثر إلحاحاً لإسرائيل”.
وقال التقرير الذي ترجم إنّ حرب السيوف الحديدية بدأت من وجهة النظر الإسرائيلية يوم 7 تشرين الأول الماضي، كحدث كارثي ضمن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وأضاف: “إن المخاوف التي كانت موجودة في الأيام القليلة الأولى للحرب من أن الهجوم المروع الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول كان في الواقع المرحلة الأولى من هجوم منسق بين حزب الله وحماس وإيران على إسرائيل، قد تبددت في غضون أيام قليلة، ويرجع ذلك جزئياً إلى قيام قوات الاحتياط التابعة للجيش الإسرائيلي والتي انتشرت في الشمال، بايقاف أي نية من هذا القبيل من قبل محور الممانعة بقيادة إيران وحزب الله، خصوصاً أن تلك الخطوة كانت تعد فرصة لتعميق الأضرار التي لحقت بإسرائيل”.
وأكمل: “لذلك، بدأت الحرب عندما كان هدفها الأساسي من وجهة نظر إسرائيلية هو إسقاط حماس عسكرياً وحكومياً وتحرير المختطفين، من منهم على قيد الحياة ومن لم يبق. لقد اعتُبرت الحملة النارية التي أطلقها حزب الله في الشمال والحوثيون في الجنوب بمثابة أحداث ثانوية، تهدف إلى مساعدة حماس في حربها وإجبار إسرائيل على تقسيم قوات الجيش الإسرائيلي في 3 ساحات بما في ذلك الضفة الغربية”.
واستكمل: “كانت النظرة الاستراتيجية في إسرائيل هي أن حماس يجب أن تُهزم أولاً عسكرياً ومدنياً في غزة، وعندما يحدث ذلك سيتم ردع حزب الله أيضاً وسيوافق على قبول تسوية سياسية تُبعد “قوة الرضوان” وصواريخها المضادة للدبابات عن الحدود الإسرائيلية شمالاً حتى نهر الليطاني بمسافة حوالى 10 كيلومترات في المتوسط”.
وأردف: “لكن خلال الأشهر الأخيرة، وخاصة منذ الهجوم الإيراني على إسرائيل في نيسان، انقلبت الأمور، ولقد تحولت الحرب من حدث فلسطيني إسرائيلي عنيف للغاية، بل ومميت، إلى حرب إقليمية شاملة، ستكون لنتائجها آثار أمنية استراتيجية، بل وحتى وجودية، على إسرائيل ومواطنيها”.
وتابع: “علاوة على ذلك، في الأشهر الأخيرة، أصبح حزب الله، الذي يشكل رأس حربة نظام الوكيل الإيراني، التهديد الرئيسي الذي يجب على إسرائيل إزالته بشكل عاجل، ليس فقط لأن حزب الله أفرغ الجليل الشمالي من سكانه وزرع الدمار والحرائق في هذه المنطقة، بل لأنه يحتجز أيضاً نحو 50 ألف إسرائيلي كرهائن لا يستطيعون العودة إلى منازلهم إلا إذا سمح لهم أمين عام حزب الله حسن نصرالله والمرشد الإيراني علي خامنئي بذلك”.
وأكمل: “من وجهة نظر عسكرية أيضاً، فقد انقلبت الأمور، في حين أن الجيش الإسرائيلي، من خلال مناوراته في قطاع غزة، يقترب من التغلب على القوة العسكرية لحماس، كما أنه يعمل على منع انتفاضة في الضفة الغربية. أما في الساحة الشمالية، يكاد يكون الجيش الإسرائيلي غير قادر على تحقيق أي هدف استراتيجي مهم حالياً، وبالتأكيد ليس هدفاً من شأنه أن يدفع حزب الله إلى المطالبة بوقف إطلاق النار”.
وقال: “خلافاً لتوقعات الجيش الإسرائيلي، فإن مشهد الدمار والخراب في قطاع غزة لا يردع التنظيم اللبناني ورعاته الإيرانيين، والدليل على ذلك أنه رداً على كل ضربة موجعة من جانب إسرائيل، فإن حزب الله يُصعد ردوده النارية”.
وأكمل: “إذا لم تنهِ إسرائيل الصراع في الشمال بقرار واضح يعيد الردع، ليس فقط تجاه حزب الله، بل تجاه إيران أيضاً، فقد نواجه هجمات متكررة في سنوات ليست طويلة تهدف إلى إنهاك دولة إسرائيل عسكرياً، وخاصة معنوياً. مع هذا، فإن هذا الإتجاه سيتفاقم عندما تمتلك إيران قريباً سلاحاً نووياً أو القدرة على إنتاج مثل هذا السلاح في غضون أسابيع قليلة”.
وقال: “خلاصة القول هي أنه على إسرائيل تغيير أهداف الحرب، كما إن هزيمة حماس العسكرية وإطلاق سراح المختطفين لن يكونا كافيين بعد الآن. الشمال هو الشيء الرئيسي حالياً، كما أن الاتفاق لن يكون كافياً. الوضع الذي خلقه حزب الله في الأشهر الماضية في الشمال يتطلب أيضاً تغييراً جوهرياً في ترتيب الأولويات الأمنية وأهداف الحرب”.
وتابع: “إن إبعاد حزب الله عن الحدود إلى مسافة 10 كيلومترات أو حتى أكثر قليلاً، في وضع لا يُردع فيه حزب الله والإيرانيين، لا يغير شيئاً على صعيد التهديد الاستراتيجي في جنوب لبنان. وحتى لم تم بناء نظام دفاعي على الحدود الشمالية، فكل ذلك لن يقضي على التهديد الحقيقي المتمثل بحرب شاملة وترسانة الأسلحة النووية والصواريخ والطائرات من دون طيار التابعة لحزب الله وإيران. نعم، الحرب الحالية أدخلت إيران إلى المعادلة عند الحدود الشمالية، وبالتالي فإن أي ترتيب دبلوماسي، أو بدلاً من ذلك حملة عسكرية محدودة في الشمال بما في ذلك مناورة برية، سيكون بمثابة الباراسيتامول لسرطان معمم ومزمن”.
واستكمل: “يجب أن يكون الهدف الرئيسي للحرب هو خلق الردع في الشمال وتحسين الوضع الأمني، سواء في غزة أو في الشمال مع لبنان، مما سيسمح لسكان قطاع غزة والحدود اللبنانية بالعودة إلى منازلهم”.
وقال: “في الشمال، إذا قدّر الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية أن حزب الله يمكن هزيمته خلال فترة قصيرة من الزمن من خلال هجوم جوي وبري شامل على كامل الأراضي اللبنانية، فيجب تنفيذ ذلك الآن، وسيضطر الجزء الخلفي من الجبهة الإسرائيلية لاستيعاب وابل الصواريخ القوية والطائرات من دون طيار لعدة أسابيع”.
وتابع: “من الأفضل أن يحدث ذلك الآن وليس بعد عامين أو ثلاثة أعوام، عندما يصبح لدى حزب الله صواريخ أكثر دقة، وربما تمتلك إيران أسلحة نووية، وسيضطر سكان الشمال إلى الإخلاء مرة أخرى بعد ترميم أنقاض الحرب الحالية بشق الأنفس”.
وأضاف: “لكن إذا توصل الجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع إلى نتيجة مفادها أن إسرائيل غير قادرة على تقليل تهديد صواريخ حزب الله والطائرات من دون طيار والصمود في وجه هجوم إيراني آخر – في مثل هذه الحالة، فمن الأفضل التوصل إلى اتفاق حدودي الآن على غرار القرار 1701، وإعداد وتجهيز الجيش الإسرائيلي بطريقة تسمح له بالتعامل بنجاح وفي وقت قصير مع التهديد المشترك الذي يشكله إيران وحزب الله في غضون سنوات قليلة”.