إعادة هيكلة اليوروبوندز قبل آذار 2025 تجنباً لدعاوى حملة السندات ضدّ الدولة

24 يونيو 2024
إعادة هيكلة اليوروبوندز قبل آذار 2025 تجنباً لدعاوى حملة السندات ضدّ الدولة


حددت شروط سندات اليوروبوندز لحملة السندات فترة 5 سنوات للمطالبة بالفوائد و10 سنوات للمطالبة بأصل الدين منذ تاريخ التوقّف عن الدفع الذي اعتمد في 9 آذار 2020 بعد إعلان حكومة الرئيس السابق حسان دياب أن لبنان سيتخلف عن سداد ديونه للمرة الأولى في تاريخه، من دون مباشرة أي مفاوضات لإعادة هيكلة الديون بالعملات الأجنبية. ومن حينه اعتبرت السندات مستحقةً بكاملها حيث بلغت قيمة هذه السندات حوالي 31.8 مليار دولار ويضاف إليها الفوائد التي تستحق سنوياً بمعزل عن تاريخ استحقاق السند.

ويدقّ معنيون بالشأن الاقتصادي ناقوس الخطر، من جراء ما يمكن أن يقدم عليه الدائنون قبل آذار 2025، فبعد خمسة أعوام من عدم المطالبة الرسميّة بالدفع يمكن أن يسقط حقهم في الفائدة والتي تقدر حتى الآن بنحو 10 مليارات دولار.

إن سندات اليوروبوند هي سندات دين بالعملات الأجنبية وهي تمثّل إحدى أدوات الدين التي تصدرها الحكومات للإقتراض، بحيث تمثّل القيمة الإسميّة للسند المبلغ الذي اقترضته الحكومة عند الإصدار، والذي يُفترض أن تسدده لحامل السند عند الاستحقاق وطبعاً تختلف تواريخ الإستحقاق للسندات بحسب تاريخ الإصدار، على أن يتم تسديد الفوائد المحددة سلفًا بشكل دوري. خلال هذه المدّة، التي يمكن أن تمتد لسنوات طويلة، أي بين إصدار السند واستحقاقه، يمكن تداول السندات وفق قيمتهم السوقيّة، التي تختلف عن القيمة الإسميّة.

والجدير ذكره أن تقلّب أسعار السند في السوق، بمعزل عن القيمة الإسميّة التي ستسدد عند الاستحقاق، يعتمد، بحسب استاذ الاقتصاد بلال علامة على عوامل عدّة أبرزها:

1-تبدّل مستوى المخاطر في الدولة

2-تقلّب عوامل العرض والطلب على السند نفسه.

3- تبدّل أسعار الفوائد العامّة في السوق وطبعاً ليس نشاط الحركة الإقتصادية الظرفية أو الآنية لأي دورة إقتصادية.

غالبًا ما يؤدّي ارتفاع مخاطر ديون دولة معيّنة، وفق علامة، إلى انخفاض أسعار سنداتها السياديّة في السوق، لتراجع الطلب عليها، ولترقّب المستثمرين فارقًا (أي ربحًا) أعلى بين قيمة شراء السند السوقيّة، وقيمة تسديده الإسميّة عند الاستحقاق، من أجل التعويض عن ارتفاع المخاطر. أمّا ارتفاع أسعار الفوائد بشكل عام في السوق، فيخفّض من قيمة السندات السوقيّة أيضًا، ليتلاءم الفرق (أي مجددًا، الربح) بين سعر الشراء وقيمة تسديد السند عند الاستحقاق، مع نسبة الفوائد الجديدة المرتفعة في السوق، خصوصًا أن المبلغ الذي تدفعه الحكومة لحامل السند كفوائد سيبقى ثابتًا بمعزل عن تبدل الفوائد الرائجة في السوق.

منذ تاريخ التوقف عن الدفع في آذار 2020 كان يتوجب على الدولة اللبنانية، كما يقول علامة، إعادة هيكلة السندات السيادية من خلال مفاوضة حاملي السندات حسب الشروط الواردة في عقود سندات اليوروبوندز والتي تتيح للدولة إجبار أقلية حاملي السندات على قبول إعادة الهيكلة في حال تمكّنت الدولة من نيل موافقة حاملي نسبة 75% من سندات اليوروبوندز في كل سلسلة (على أساس التصويت لكل سلسلة على حدة)، لكن ذلك لم يحصل ولم تستطع الدولة حتى الآن جدولة سلاسل السندات وحصر حامليها ربما لأسباب تتعلق بعجز ما أو لعدم وجود إرادة جدية لمفاوضة حاملي السندات أو لعدم رغبة في إعادة الهيكلة.

الجدير ذكره مثلاً، وفق علامة، أن المصارف اللبنانية كانت تحمل من سندات يوروبوندز في شهر شباط 2020، أي قبل شهر من التوقّف عن الدفع، نحو 11.6 مليار دولار. ومنذ ذلك الوقت انخفضت القيمة الدفترية لما تحمله المصارف من سندات اليوروبوندز إلى نحو 2.2 مليار دولار، وهو نتيجة اتخاذها مؤونات على هذه السندات حيث ساهمت هذه المؤونات في إطالة عمر المصارف مع جعلها قادرة على التجاوب مع تعاميم المصرف المركزي المتعلقة بإعادة الرسملة وضرورة دفع فتات من الودائع المحتجزة لديها بالعملة الأجنبية.

يبقى الترقب سيد الموقف لشكاوى الدائنين عبر المحاكم الدولية والتي يمكن أن تصدر أحكاماً صارمة ضد الدولة اللبنانية وممتلكاتها في الخارج، فمن المرجّح رفع دعاوى ضدّ الدولة قبل 9 آذار 2025، لأنه بعد هذا التاريخ سيبدأ حاملو السندات بفقدان حقّهم بالفائدة، إلا في حال تمّت إعادة هيكلة اليوروبوندز قبل هذا التاريخ علماً بأن لا مدة محددة لمقاضاة الدولة اللبنانية عن القيم الإسمية للسندات.

منذ شهرين تقريباً تجري عمليات بيع لبعض سندات اليوروبوندز وقد شملت سندات بقيمة إسمية تبلغ 2 مليار دولار. علماً أنه قياساً على أسعار سوق السندات، فإن المبالغ الفعلية المدفوعة لشراء هذه السندات وصلت إلى 140 مليون دولار. وتبرير حصول هذه العمليات،بحسب علامة، هو قرب موعد الاستحقاق القانوني لهذه السندات في شباط المقبل. وفسرت حركة البيع والشراء هذه بوجود جهات حاملة للسندات لا ترغب في رفع دعاوى على الحكومة اللبنانية، في المقابل هناك جهات تسعى إلى هذا الأمر، مثل الصناديق الكاسرة. وقد ازدادت هذه الحركة مع حلول شهر حزيران، إذ ارتفع سعر السند إلى نحو 7.3 سنتات للدولار الواحد، وهو ما يمثّل ارتفاعاً بنسبة 7.12% خلال شهر واحد. يكمل هذا الارتفاع، وفق علامة، المسار الصعودي لسعر اليوروبوندز منذ بدايات السنة الحالية، إذ كان السعر قد بلغ في شهر شباط نحو 5.7 سنتات للدولار الواحد، ثم بدأ يرتفع منذ ذلك الوقت.

وليس بعيداً، يعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي أن: “كل حاملي سندات اليوروبوند من المفترض ان يتم التعامل معهم بالطريقة نفسها، بمعنى إن افترضنا اننا قرّرنا حذف نسبة من قيمة السندات فذلك سينطبق على حاملي السندات في الخارج والداخل أيضا”