الصين قد تكون الرابح الأكبر في حرب أوكرانيا

25 يونيو 2024
الصين قد تكون الرابح الأكبر في حرب أوكرانيا


ذكرت صحيفة “The Atlantic” الأميركية أنه “قبل عام، أخبر الزعيم الصيني شي جين بينغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الصين “تقف دائما إلى جانب السلام”. ولكن الصين لم تشارك في القمة الدولية الأخيرة التي رعتها سويسرا والتي انعقدت سعياً إلى التوصل إلى حل سلمي للحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا، وأصبح غياب الصين أكثر وضوحا بسبب العرض الكبير الذي قدمته بكين للتوسط في تسوية بين المتحاربين.وكان عذر شي هو أن كافة الأطراف لم تكن ممثلة بشكل صحيح في القمة، أو بعبارة أخرى، الطرف الروسي، الذي لم تتم دعوته”.

Advertisement

وبحسب الصحيفة، “لقد أصبحت علاقة شي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وثيقة للغاية بحيث لا يتوقع أي شخص أن يؤخذ الزعيم الصيني على محمل الجد باعتباره صانع سلام. لقد اختفى منذ فترة طويلة أي أمل في أن يستخدم شي نفوذه لدى بوتين كوسيلة للمساعدة في إنهاء الحرب، وبدلاً من ذلك، يتحول التركيز في العواصم الغربية الآن إلى الدور الذي تلعبه الصين فعلياً في الصراع، كمساعد للمجهود الحربي الروسي. وفي هذا السياق، تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها واقعاً مؤلماً، فالحرب المطولة في أوروبا تناسب مصالح شي بشكل جيد. في الواقع، يتحرر شي من نظام الأمن العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يأمل في تدميره، من أجل استبداله بنظام عالمي يتمحور حول الصين، ويمكنه أن يترك العبء الثقيل المتمثل في حل الأزمة الأوكرانية لواشنطن في حين يستغلها لتحقيق مصالح الصين. وفي الوقت الحالي، يبدو هذا النهج فعالاً”.
وتابعت الصحيفة، “إذا انتصر بوتين في حربه، فإن شي لديه شريك سيحقق النصر ضد الغرب المكروه ويعزز القوة العالمية للأنظمة الاستبدادية. وحتى لو فشل بوتين في تأمين مثل هذا الانتصار الصريح، فإن شي سوف يساعد روسيا على استنزاف الموارد العسكرية والمالية للولايات المتحدة وحلفائها، في حين يعمل على تقريب دولة بوتين الضعيفة والغنية بالموارد إلى فلك الصين. وفي الواقع، لا يعترف شي وحكومته بمساهمتهم في الحرب الوحشية التي استمرت 28 شهراً. ورسميا، لا تزال بكين تروج للحاجة إلى محادثات السلام. لكن تصرفات شي تقول شيئا مختلفا تماما.واتهم زعماء مجموعة السبع، في قمتهم هذا الشهر، دعم الصين لروسيا بأنه “يمكّن” موسكو من مواصلة الحرب، ودعوا بكين إلى التوقف عن إرسال المكونات والمعدات التي يمكن أن ينتهي بها الأمر في الأسلحة الروسية”.
وبحسب الصحيفة، “لا يزال صنّاع السياسات يعتقدون أن الصين لم تكن تدعم حرب بوتين بشكل مباشر، من خلال تزويد القوات المسلحة الروسية بالأسلحة. وكشف زيلينسكي مؤخرًا أن شي وعده شخصيًا بأن بكين لن تبيع أسلحة لبوتين، لكن الصين لا تستطيع التهرب من مسؤولية مساعدة بوتين بشكل غير مباشر، من خلال دعم الاقتصاد الروسي الغارق بالعقوبات. ووصل إجمالي التجارة بين البلدين إلى مستوى قياسي بلغ 240 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 26 بالمئة مقارنة بالعام السابق. وارتفعت صادرات الصين إلى روسيا بنسبة 64 بالمئة منذ عام 2021، قبل بدء الحرب في أوكرانيا. وتتم معظم تجارتهم بالعملة الصينية، اليوان، وليس بالدولار الأميركي”.
وتابعت الصحيفة، “بالنسبة لروسيا، أصبحت هذه التجارة شريان الحياة. وتشكل البضائع الصينية 38% من إجمالي الواردات الروسية، في حين تشتري الصين 31% من إجمالي الصادرات الروسية. واشترت الصين ما يقرب من نصف صادرات النفط الخام الروسية منذ أن حظرها الاتحاد الأوروبي في عام 2022. في الواقع، لا يمكن المبالغة في أهمية الدعم الاقتصادي الذي تقدمه الصين. وكتبت ألكسندرا بروكوبينكو، الزميلة في مركز كارنيغيروسيا أوراسيا، الشهر الماضي: “إن قرار بكين بمواصلة التعامل مع موسكو، أنقذ الكرملين من كارثة اقتصادية وسياسية”. حتى الآن، أفلت شي من كل هذا دون تكلفة تذكر، سواء بالنسبة للصين أو لنفسه. إلا أن الأمر قد يتغير، فقد هددت دول مجموعة السبع بفرض عقوبات إضافية تستهدف المؤسسات المالية الصينية وغيرها من الشركات التي تساعد روسيا في الحصول على العتاد الحربي.وبالفعل، فرضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر الماضي عقوبات على الشركات الصينية التي تعتقد أنها تساعد روسيا في إعادة بناء إمداداتها العسكرية”.
وبحسب الصحيفة، “قد لا تكون مثل هذه التصرفات كافية لإرغام شي على تغيير موقفه. هناك احتمال كبير أن تؤدي معاقبة الصين إلى إحداث تأثير معاكس، وإقناع شي بأن الشراكة مع بوتين للتغلب على القوة العالمية الأميركية هي المسار الصحيح للصين. في الحقيقة، للصين مصلحة قوية في استقرار روسيا السياسي والاقتصادي، وأي شيء قد يعرض هذا الوضع الراهن للخطر يمكن أن يشكل تهديدا أمنيا كبيرا على طول الحدود الشمالية الطويلة للصين. وكلما زاد اعتماد روسيا على التجارة مع الصين، زاد نفوذ شي على بوتين، وزادت قدرته على الضغط على موسكو لدعم طموحات ومصالح بكين العالمية”.
وتابعت الصحيفة، “في المقام الأول من الأهمية، يشكل دعم شي لروسيا جزءا من استراتيجية جيوسياسية أكبر بكثير وطويلة الأمد لإعادة تشكيل النظام العالمي الحالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها. ويرى شي أن بوتين شريك مهم في حملته لبناء كتلة بديلة من الدول النامية تستطيع الصين قيادتها ضد القوى الغربية. وفي الواقع، يتبع شي النهج نفسه في التعامل مع أزمة غزة. وتعلن بكين عن دعمها للقضية الفلسطينية لجذب أتباعها في العالم العربي، وتلقي باللوم على السياسة الأميركية في الاضطرابات، لكنها تعتمد بعد ذلك على واشنطن لقيادة المفاوضات للتوصل إلى حل. وعلى نحو مماثل، في البحر الأحمر، رفض شي التعاون مع الولايات المتحدة وشركائها لاستعادة النظام بعد أن عطل الحوثيون المتمركزون في اليمن التجارة الدولية من خلال مهاجمة طرق الشحن الحيوية. لذلك، قد تكون بكين الرابح الأكبر من آلام كييف”.