تأتي محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في غمرة سباق محموم بين حملته ونظيرتها التي تسعى لإعادة انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن لولاية ثانية.
وقد اتسم السباق بين الرجلين بالقوة، حيث تبادلا الانتقادات بشدة خلال حملة انتخابات الرئاسة عام 2020، وحتى خلال المناظرة الأخيرة بينهما، والتي أثرت في حملة بايدن بشكل كبير، وطرحت تساؤلات حول قدرته على المواصلة ضد خصم قوي مثل ترامب.
وتصف حملة بايدن الرئيس السابق دونالد ترامب بكونه خطرا على الولايات المتحدة، معتمدة على ما حدث في السادس من كانون الثاني 2020، عند مهاجمة أنصاره مبنى الكابيتول في مسعى لمنع التصديق على فوز بايدن في الانتخابات.لكن حادثة إطلاق النار على ترامب، السبت، خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، قد تغير من حدة خطاب حملة بايدن، وفق مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق، لاري كورب.
كورب الذي يشغل الآن منصب كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي، قال لموقع “الحرة” إن الخطاب الحاد الذي اتسمت به حملة بايدن حيال ترامب، خلال الفترة الأخيرة، سيخف نوعا ما بعد محاولة اغتياله.
وأشار إلى أن “أي كلمة تقال في خضم ما يحدث الآن من تصعيد ستحسب على الجهة التي تتفوه بها”. وأضاف “أفترض أن تخف حدة التصريحات سواء من مؤيدي بايدن، من العاملين معه في البيت الأبيض، أو حملته عمومًا”.
يذكر أن بايدن ألقى كلمة، الأحد، ندد فيها بمحاولة اغتيال منافسه، وقال إنه يشعر بالامتنان لأن ترامب يتعافى من جروحه الناجمة عن الحادث.
وقال أيضًا إنه أمر بإجراء تحقيق للوقوف على ما حدث في بنسلفانيا.
وفي حديثه في البيت الأبيض، قال بايدن إنه أمر جهاز الخدمة السرية بمراجعة جميع الإجراءات الأمنية الخاصة بالمؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي بولاية ويسكونسن الذي يبدأ الاثنين، حيث ستتم تسمية ترامب رسميًا مرشحًا رئاسيًا للحزب لمواجهة بايدن في انتخابات تشرين الثاني المقبل.
في هذا الصدد، كشف كورب، أن حملة بايدن كانت تنوي إطلاق إعلانات ضد ترامب، وذلك بالموازاة مع تسميته رسميًا مرشحًا للجمهوريين هذا الأسبوع.
وقال إنه متأكد أن حملة بايدن “ستغير نهجها” بعد حادثة محاولة الاغتيال لأن انتقاد ترامب شخصيًا الآن لا يخدمها.
من جانبه، أشار إيلي بريمر، وهو مخطط استراتيجي في الحزب الجمهوري، إلى أن التغيير الحقيقي الذي سيطرأ “سيكون على نطاق المشهد السياسي ككل ولن يقتصر فقط على خطاب حملة بايدن أو نهجها”.
وفي حديث لموقع “الحرة”، لفت بريمر إلى أن المشهد السياسي الأميركي، كان منشغلًا خلال الأسابيع التي تلت المناظرة بين الرئيس الحالي وسلفه، على قدرة بايدن على متابعة السباق والتململ الذي حصل في حملته بين مؤيد له ومناوئ “لكن الخطاب الآن سيدور حول ترامب ومحاولة اغتياله، وأسبابها الحقيقية”.
وبالعودة إلى ما سيتغير في حملة بايدن بعد حادثة بنسلفانيا، قال بريمر “أعتقد أن حملة بايدن ستحاول التركيز على انتقاد مشروعه السياسي أكثر من انتقادها لشخصه”.
ثم تابع “لا يمكن أن تستمر حملة بايدن في شيطنة الرئيس السابق والقول إنه خطر، هذا لن يلقى آذانًا صاغية بعد الآن، باعتباره هو من كان في خطر أمس”.
في السياق، قال تحليل لوكالة بلومبرغ، الأحد، إن حملة بايدن أصبحت الآن محدودة في كيفية تعاطيها مع ما حدث إذ أن اندلاع العنف السياسي يحبط جهودها للدفاع عن سياسات بايدن، إذ أن ذلك “يقوض فرضية أساسية في رئاسته، وهي أنه سيعيد الحياة الطبيعية إلى المشهد السياسي الوطني”.
الوكالة شددت على أن الصعوبة التي ستطال عمل الحملة تتعلق بالزيادة المحتملة في عدد مؤيدي ترامب بعد محاولة اغتياله، مستشهدة بأمثلة سابقة.
جاء في التقرير “قد تمر أيام أو أسابيع قبل أن يتم نشر استطلاعات الرأي العام لتقييم تأثير الحادثة، لكن الرئيس السابق رونالد ريغان شهد زيادة كبيرة في الدعم عندما أطلق عليه الرصاص وأصيب في عام 1981”.
لذلك، يرى لاري كورب، أن حملة بايدن ستسعى لعدم انتقاده شخصيًا خلال الأيام والأسابيع المقبلة، “بل ستتحاشى وصفه بالمرشح المدان مثلًا.. والخطر على الأمة، إلى غير ذلك، من العبارات التي تمس شخصيته أكثر من سياساته”.
كورب شدد على أن حملة بايدن التي ستحاول تفادي انتقاد ترامب على المستوى الشخصي، ستحاول التأكيد في المقابل على ضرورة “لجم الخطاب السياسي من أي عبارات تجييش للمواطنين”.
وأوضح أن ذلك سيكون بمثابة سلاح ذو وجهين، الأول لبيان أنها تتأقلم مع المستجدات، والثاني هو ترك ترامب ليكون السبّاق لانتقاد بايدن شخصيًا “كما فعل دائمًا” على أمل ألا تتأثر الحملة سلبيا بما حدث لترامب “الذي سيستغل ذلك لصالحه”.