“قتل الطيور المهاجرة غير قانوني في لبنان، ولكن تنفيذ القوانين ضعيف ويتم إطلاق النار على الطيور لأجل المتعة فقط”، بهذه الجملة بدأت صحيفة the guardian تقريرها عن قتل الطيور المهاجرة في لبنان دون حسيب أو رقيب.
Advertisement
الخراطيش الفارغة متناثرة في مرج على جبل تربل في شمال لبنان، والوادي يقع على طول أحد أكثر الطرق إزدحاماً في العالم للطيور المهاجرة. قمة الجبل، المتأثرة بالرياح العاتية، تخلق ممرًا طبيعيًا يشجع الطيور المرهقة من الرحلات الطويلة بين إفريقيا وأوراسيا على الطيران على إرتفاعات منخفضة.
هذه الطيور على إرتفاع منخفض هي أهداف سهلة للصيادين، يقول ميشيل سوان، مدير جمعية الطيور المهاجرة اللبنانية، معتبرًا أننا “ورثنا هذه الثقافة من أجدادنا”، وأكد أن “أجدادنا كانوا وما زالوا مخطئين”.
وفقًا لمنظمة “بيردلايف” الدولية، يتم قتل 2.6 مليون من أصل 2 مليار طائر سنوياً بشكل غير قانوني أثناء مرورها فوق لبنان خلال هجرتها الموسمية بين أوراسيا وأفريقيا.
يحظر القانون اللبناني صيد الطيور المهاجرة، لكن غياب تطبيق القانون، والأزمة المالية التي تعاني منها الدولة،والحرب على الحدود الجنوبية، تعني أن هناك موارد قليلة مخصصة لتنفيذ قوانين الصيد.
من بين الآلاف من الطيور التي يتم إطلاق النار عليها، لا يتم أكلها بل تُترك على الأرض، وإعتبر سوان أنه يتم إصطيادها من أجل المتعة فقط.
وإذا لم تمت الطيور بسرعة، فإنها غالباً ما تعاني من موت بطيء ومؤلم، حيث تأكلها الديدان وهي لا تزال حية.
ويوثّق العديد من الصيادين عملية قتل الطيور بمقاطع فيديو على الإنترنت، وهناك مخاوف من أن وسائل التواصل الاجتماعي تدفع للقتل.
على تيك توك، يشارك الصيادون مقاطع فيديو إطلاق نار على الطيور، أحيانًا بإستخدام أسلحة عسكرية.
“إنهم يذبحون الطيور من أجل حصد الإعجابات. لو لم يكن لديهم مكان لنشر هذه الفيديوهات، لما كانوا اطلقوا النار على هذه الطيور”، يقول سوان.
وتيك توك يعتبر تلك المقاطع ليست ضد سياسات النشر على المنصة، ما يشجّع القتل.
كان سوان صيادًا سابقًا، لكن مشاهدة القتل الجماعي للطيور حولته إلى ناشط في مجال الحياة البرية. يقول إنه كل عام، يموت شخص أثناء الصيد.
في وقت سابق من هذا العام، قُتل صبي مراهق على دراجة نارية عن طريق الخطأ أثناء صيد بالقرب من زغرتا.
ويخبر سوان بأن أحد أصدقائه مات أثناء محاولته حماية الطيور.
اليوم، ينتظر سوان مرافقة احدى الوحدات الثلاث لمكافحة الصيد العشوائي التي تم تعيينها مؤخرًا لمنطقة جبل تربل من قبل قوى الأمن الداخلي.
مصدر أمني، أعلن إنه على الرغم من نقص الأفراد، فإن الصيد العشوائي هو أولوية بالنسبة لقوى الأمن الداخلي ويتم إعتقال الصيادين ومصادرة أسلحتهم.
في السنوات الأخيرة، تم رصد عدة أنواع من الطيور التي توجد عادة في المناطق الصحراوية في أفريقيا والخليج لأول مرة في لبنان، ما يشير إلى أن أزمة المناخ تؤثر على مسارات هجرة هذه الطيور.
الدكتور نابغ غزال أسود، مدير البرنامج في الصندوق الدولي لرعاية الحيوان، يقول: “لم يتم الإبلاغ عن هذه الأنواع من قبل في هذه المناطق الشمالية، ويمكن تبرير ذلك أساساً من خلال التغير المناخي حيث تم دفعها بعيدًا عن نطاقاتها الطبيعية”.
يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تغيير إتجاه الرياح الدافئة والعواصف، مما يتسبب في إنحراف الطيور عن مسارات هجرتها.
وقتل الطيور الجارحة يؤثر سلبًا على النظام البيئي في لبنان، حيث تخدم هذه الطيور في السيطرة على القوارض. وبدون هذه الطيور، يضطر المزارعون لإستخدام سم الفئران لحماية محاصيلهم.
فؤاد عيتاني، رئيس جمعية حماية الطيور في لبنان، يقول إن هناك “414 نوعًا من الطيور مسجلة في لبنان، بما في ذلك 48 نوعًا ذات أهمية كبيرة للحفاظ عليها، جميعها يتم اصطيادها “.
وإعتبر عيتاني أن “إيقاف الصيد العشوائي أمر حيوي للحفاظ على النظم البيئية المحلية والعالمية، حيث تساهم تلك الطيور في الحفاظ على التوازن البيولوجي من خلال أدوارها الأساسية بلقيح النباتات، ونشر البذور.
“يمكن أن يؤدي فقدان هذه الطيور إلى تقليل التلقيح، وإنخفاض في تنوع النباتات”.
وفي السياق، دعت جمعية الطيور المهاجرة اللبنانية(Lamb) إلى تصنيف منطقة تربل-زغرتا “منطقة مهمة للطيور والتنوع البيولوجي من قبل “بيردلايف إنترناشونال”، ولكن حتى الآن لا تمويل لحماية المنطقة.
إبراهيم خضر، مدير بيردلايف إنترناشونال في الشرق الأوسط، يقول إنه لا يمكن تصنيف المنطقة من دون بيانات.
على طريق جبل تربل، يقضي الناشطون البيئيون ساعات لمحاولة إنقاذ الطيور المهاجرة وإنتقاء الديدان من أجسادها، بعض الطيور تتعافى تمامًا والبعض الآخر لن يطير مرة أخرى وربما يبقى في المأوى لبقية حياتهم. “هذا عبء أحيانًا”، يقول سوان. “كلما زاد العدد، زادت النفقات.”
السفارة البولندية تدعم سوان منذ عام 2015 وشجعته على تأسيس جمعية الطيور المهاجرة اللبنانية كمنظمة غير حكومية.
“الطيور كنز عالمي”، يقول برزيميسلاف نيسولووسكي، السفير البولندي في لبنان. “إنها لا تنتمي لدولة واحدة – إنها مسؤولية عالمية”.