تشبه الحداد.. كيف يتعامل اللبنانيون مع الأزمات؟

29 يوليو 2024
تشبه الحداد.. كيف يتعامل اللبنانيون مع الأزمات؟


أنهك التوتر الأمني المقترن مع حرب اقتصادية مستمرة منذ سنوات عقول اللبنانيين وما تبقى من نفسياتهم المحطّمة. فالتعامل مع الأزمات بشتى أنواعها، فنّ صعب جداً لا يدركه الجميع، وليس بالطريقة نفسها حتماً، كما أن تحديد الأثر النفسي لكل مأساة حدثت مؤخراً في لبنان أمر معقد للغاية. فكيف يمكن إذاً العيش بطريقة سليمة نفسياً في خضم هكذا دوامة تدور ولا تنتهي؟

التأثير الذي ينجم نتيجة أي أزمة لا يمكن تعميمه على الجميع بشكل واحد، إذ يتشكل نتيجة شخصية الفرد الخاصة والتجارب التي مرّ بها منذ طفولته، بحسب الإختصاصية في علم النفس العيادي، الأستاذة الجامعية وأمين عام الجمعية اللبنانية لعلم النفس كارول سعادة.
وشددت سعادة في حديث لـ”لبنان 24″ على أن طرق التعامل مع الضغط النفسي تظهر لدى الإنسان مع بزوغ الأزمة، فإمّا يتجّه نحو الحلول والاستراتيجيات الفعالة، أو نحو الإستثمار العاطفي والانفعالي من خلال الحزن، الخوف، الغضب وسواها.
وأشارت إلى أن الأزمة تؤثر على الشخص بحسب تفاصيلها وحجمها، وبحسب آلية الشخص الدفاعية وكيف أن الكل يحاول المحافظة بطريقة دفاعية على تماسك “الأنا” بوجه الأزمات.
وفي هذا الإطار، قالت سعادة إن العديد من الأفراد يعيشون الأزمة من خلال النكران، أو يتجهون إلى تحويل الألم الى مكان آخر، ما قد يخلق نوعاً من “الإسقاط” على أشخاص محيطين.
ولفتت سعادة الى ان التجارب السابقة التي نمرّ بها في خلال حياتنا تعكس مدى قدرتنا على التحمل ، بالإضافة إلى مدى تمتّعنا بالمرونة النفسية التي من شأنها أن تمنع عنا القلق الزائد والاكتئاب الذي قد يتحوّل الى مرض مزمن مع الوقت.
وقالت إنه إذا كانت الأزمة ناجمة عن خسارة كبرى ومفاجئة أثرت على حياته العملية والشخصية اليومية، يمرّ الانسان بمراحل صعبة “تشبه الحداد” أولها الرفض والغضب والنكران وتصل في حالات كثيرة إلى الإكتئاب الذي قد يقوده الى الانتحار.
إلا أن سعادة دعت لمواجهة الاكتئاب، لافتة إلى ضرورة التعبير عن المشاعر التي يمر بها الفرد من خلال اللجوء الى اختصاصيين، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على حياة صحية جسدياً ونفسياً.

ولأن الصحة النفسية هي ركن أساسي من حياة الإنسان السليمة، كانت منظمة الصحة العالمية قد طرحت دمج الرعاية الصحية النفسية في الرعاية الصحية الأولية لأنها الطريقة الأفضل لسد الفجوات في علاج الصحة العقلية في لبنان .
ولأننا في لبنان، لا يزال تنفيذ هذه التوصية في مراحله الأولى بسبب الافتقار إلى أنظمة معلومات متماسكة للصحة العقلية، فضلاً عن  عدم القدرة على التنسيق بين خدمات الصحة العقلية ومقدميها – بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية. وتؤدي هذه العوائق إلى ازدواجية الجهود وفجوات في تقديم الخدمات.
وسيبقى السؤال الأبرز، متى يصبح هذا الأمر مدماكاً رئيسياً من مداميك الدولة اللبنانية الواقفة دوماً على صفيح ساخن؟