اسباب تمنع التصعيد.. واخرى تفرضه

29 يوليو 2024
اسباب تمنع التصعيد.. واخرى تفرضه


بعد حادثة مجدل شمس، اظهرت المعطيات التقنية والعسكرية انها ناتجة عن سقوط صاروخ دفاع جوي اسرائيلي بعد خطأ في اعتراض صواريخ “حزب الله”، اذ ان الحفرة التي ظهرت في موقع الحدث صغيرة جدا ولا يمكن ان تكون نتيجة انفجار صاروخ “فلق ١ ” الذي يحمل رأساً حربياً كبيرا وشديد التفجير، حتى ان تل ابيب لم تعرض ايا من بقايا الصاروخ او المسيرة التي قيل ان “حزب الله” اطلقها وهذا يضعف الرواية الاسرائيلية التي اصر صانعو القرار في تل ابيب على ترويجها والتسويق لها مما طرح اسئلة كثيرة.

فهل تريد تل ابيب حقا توسعة الحرب على لبنان؟ واذا كان الامر للتهويل فكيف يلزم رئيس الحكومة الاسرائيلية نفسه بالتصعيد خصوصا ان تراجعه سيضعفه امام الرأي العام الاسرائيلي؟ ولكن اذا لم يتراجع كيف يمكن ان يضمن مستوى الحرب بعد ان اعلن “حزب الله” مرارا بأنه لن يلتزم بالنسق الاسرائيلي للحرب، اي انه سيذهب بعيدا في التصعيد العسكري في حال قررت تل ابيب توسيع المعركة، وعليه فإن امكانية تدحرج المعركة تكاد تكون متساوية مع امكانية استمرارها ضمن المستوى الحالي الذي يسيطر على الجبهة منذ اشهر.

تقول مصادر مطلعة ان اسباب عدم التصعيد الاسرائيلي تجاه لبنان كبيرة، اولها معارضة الجيش الاسرائيلي الذي يعاني من اضرار كبيرة وفائقة في بنيته التنظيمية والعسكرية مما يجعله غير مؤهل لخوض اي حرب واسعة مع “حزب الله” تحديدا، خصوصا انه استخدم معظم امكاناته او الاصح كشف عنها خلال الاشهر السابقة في الوقت الذي لم يكشف الحزب الا عن جزء بسيط من امكاناته العسكرية وهذا قد يكون احد اسباب الردع التي تجعل اسرائيل مترددة في القيام بأي خطوة مجهولة النتائج.

وترى المصادر ان تصريحات ايران الرسمية والتي خرجت عن المألوف وهددت بدخول الحرب الى جانب “حزب الله” اكثر من مرة في حال تعرضه لحرب اسرائيلية، ناهيك عن تهديد الحزب بحرب اقليمية جدية تدخل فيها سوريا والعراق واليمن ومقاتلين من اكثر من دولة، كل ذلك قد يجمد الحراك الاسرائيلي العسكري ويجعل تل ابيب غير مستعدة لخوض الحرب خصوصا في ظل انشغال الولايات المتحدة الاميركية بالانتخابات الرئاسية ما يجعل انخراطها المباشر بأي مواجهة اكثر صعوبة.

وتعتبر المصادر انه في مقابل ذلك فإن نتنياهو لا يستطيع وقف الحرب اذ يرى فيها حرباً وجودية لاسرائيل وله شخصيا، وعليه فإن التصعيد هو السبيل الوحيد لابقاء المعركة مشتعلة ومنع اي محاولة جدية من معارضية لايقافها او الضغط عليه، من هنا يصبح فتح جبهة كاملة مع لبنان يخدم توحيد الرأي العام الاسرائيلي والجيش الاسرائيلي خلف القيادة السياسية وينهي اي احتمالات تمرد شعبية كانت مؤشراتها قد بدأت تظهر وهذا بدوره يعطي رئيس الحكومة الاسرائيلية وقتا اضافيا في انتظار وصول الرئيس السابق دونالد ترامب الى البيت الابيض.

في الساعات المقبلة سيظهر التوجه العام لاسرائيل خصوصا ان “حزب الله” بنفيه العلني والمباشر لقصف مجدل شمس جعل من اي عملية او استهداف اسرائيلي للبنان يقع ضمن خانة كسر قواعد الحرب المعمول بها وعليه فإن الامر سيستدعي رداً علنياً ومباشراً لردع تل ابيب. اذن قد نكون امام مرحلة ومستوى جديد من الاشتباك في لبنان الا في حال تمكن الاميركيون من منع اسرائيل من القيام بأي عمل عدواني كبير على لبنان واكتفائها بالقصف التقليدي لبعض المناطق التي ليس لها اي اهمية بغض النظر عن عمق هذا الاستهداف.