ذكرت وكالة “Bloomberg” الأميركية أن “الشرق الأوسط وصل إلى منعطف متفجر آخر. ومن المؤكد أن المنطقة ستتأثر في الوقت الذي تخطط فيه إيران ووكلاؤها، ولا سيما حزب الله والحوثيون،للانتقام من سلسلة الهجمات الإسرائيلية الجريئة الأخيرة. من جانبها، تسعى الولايات المتحدة جاهدة لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتحاول يائسة تجنب حرب أكبر وأكثر تدميراً. والمفارقة هنا هي أن أحد الأسباب التي تدفع إسرائيل الآن إلى ضرب العديد من الأعداء بهذه القوة هو أن الدولة اليهودية تفقد الثقة في قدرة أميركا على إدارة الشرق الأوسط”.
Advertisement
وبحسب الوكالة، “إن سلسلة الاغتيالات التي شنتها إسرائيل في الأسبوع الماضي والتي استهدفت كلا من رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية والمسؤول البارز في حزب الله فؤاد شكر، تشكل تحديا، وتوضح أن تحولاً مهماً يجري الآن في الاستراتيجية الإسرائيلية. ويعتقد العديد من محللي ومسؤولي الأمن القومي في إسرائيل أن الوضع الاستراتيجي أصبح خطيراً، وهم يشعرون بالقلق من أن الحرب في غزة يمكن أن تكون مقدمة لمعركة أكبر مع التحالف الذي تقوده إيران. وفي كلتا الحالتين، سوف تكافح إسرائيل من أجل البقاء إذا لم تغير قواعد هذه اللعبة العنيفة”.
ورأت الوكالة أن “الوابل الأخير من الهجمات ما هو إلا محاولة لتحقيق هذه الغاية. إن اغتيال هنية في طهران ليس مجرد ضربة لحماس، إنما تحذير من أن إسرائيل قادرة على ضرب الأهداف الأكثر حساسية والأشخاص الأكثر أهمية حتى في قلب إيران. في موازاة ذلك، إن قصف الحديدة يضر باقتصاد الحرب الحوثي، كما أنه يوضح ما يمكن أن يفعله الجيش الإسرائيلي على الأرجح بمحطات تصدير النفط الإيرانية في مقاطعة بندر عباس. أما اغتيال شكر فيحط من شأن القيادة العسكرية لحزب الله، ويظهر أن إسرائيل ستتجاهل “الخطوط الحمراء” من خلال مهاجمة بيروت”.
وبحسب الوكالة، “تهدف هذه الاستراتيجية الأكثر عدوانية إلى ردع أعداء إسرائيل من خلال استغلال بعض مزاياها الرئيسية، أي القدرة على الضرب بدقة على مسافات طويلة والقدرات السرية اللازمة لتحييد الأهداف الخاضعة لحراسة جيدة، وهذا يظهر أن إسرائيل لا تزال تتفوق على كل أعدائها. ويكمن الخطر بطبيعة الحال في أن إسرائيل، من خلال ضرب العديد من الأعداء المسلحين تسليحاً جيداً في وقت واحد، تخاطر بمنحهم سبباً أعظم للرد بشكل موحد، وبالتالي التعجيل بحرب إقليمية أكبر وأقبح تأمل في تجنبها”.
وتابعت الوكالة، “يعكس هذا النهج أيضاً نوعاً من الإحباط تجاه أقرب أصدقاء إسرائيل. من المؤكد أن الإسرائيليين يقدرون المساعدات التي قدمتها أميركا منذ 7 تشرين الأول، وهم يعرفون أنهم بحاجة إلى أميركا إلى جانبهم في أي مواجهة مع طهران، ولكنهم يدركون في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة تفتقر إلى أي استراتيجية فعّالة لمواجهة البرنامج النووي الإيراني أو وقف تطويقها لإسرائيل. لقد أكد القصف الإسرائيلي للحديدة ببساطة على حقيقة أن واشنطن كانت تشن، ولكنها لم تنتصر، في حرب انتقامية متقطعة مع الحوثيين لعدة أشهر. والمفارقة هنا هي أن إسرائيل أصبحت أكثر اعتماداً على القوة الأميركية منذ السابع من تشرين الأول، ولكنها أقل اقتناعاً بقدرة أميركا على ممارسة هذه القوة بفعالية”.
وأضافت الوكالة، “إن الشعور بالإحباط لا يقتصر على إسرائيل فحسب. وبحسب ما ورد، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن غاضب من أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باغتيال شكر وهنية بعد رحلته الأخيرة إلى واشنطن. وتسعى إدارة بايدن الآن إلى تخفيف أي رد انتقامي من محور المقاومة الذي تقوده إيران، ثم العودة إلى تأمين وقف إطلاق النار في غزة، والذي، كما يعتقد الرئيس، سيقلل التوترات في كل أنحاء المنطقة. يريد العديد من القادة الاستخباراتيين والعسكريين الإسرائيليين وقفاً قصير الأمد لإطلاق النار، لكن من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن “خفض التصعيد” الذي يسمح لطهران وحلفائها بمواصلة بناء قدراتهم، والاستعداد للجولة التالية من القتال، ليس خياراً جيداً نحو السلام على الإطلاق”.
وختمت الوكالة، “بعد مرور ما يقرب من عام على السابع من تشرين الأول، يبدو أن إسرائيل تستعد لمرحلة أكثر حدة من هذا الصراع الإقليمي المتعدد الجبهات، حتى لو أنه سيتم تجنب الصدام الشامل هذه المرة”.