ذكرت مجلة “Financial Times” البريطانية أنه “عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين تركيا وروسيا، فإن حلف شمال الأطلسي يواجه مشكلة أكبر من قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس-400. فالأمر الأهم يتمثل بمحطة أكويو للطاقة النووية. ويحب أردوغان أن يطلق على المنشأة، التي تبنيها شركة روساتوم المملوكة للدولة الروسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، “أول محطة للطاقة النووية في تركيا”. في الواقع، تعود ملكية المنشأة إلى روسيا كما أنها تتحمل كل المخاطر المالية والتشغيلية ومخاطر البناء”.
وبحسب المجلة، “تغطي الحزمة الشاملة التي تقدمها موسكو أعمال البناء والتشغيل وتدريب الأفراد، وتأمين الوقود النووي المستهلك، وكلها أمور جذابة للغاية بالنسبة لوافد نووي جديد مثل تركيا. إن عقود البناء والتملك والتشغيل باهظة الثمن بالنسبة لموسكو، ولهذا السبب لم تنفذها روسيا إلا في أكويو وهي مترددة في استخدامها مرة أخرى. ولكن لا بد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يتصور أن الفوائد المترتبة على امتلاك بنية أساسية استراتيجية في إحدى دول حلف شمال الأطلسي تفوق المخاطر المالية، وربما هو على حق”.
وتابعت المجلة، “إن الافتقار إلى الشفافية حول هذه العملية، والمخاطر البيئية، وسجل السلامة السيء لشركة روساتوم، يثير قلق ملايين السكان المحليين. وقد تستخف الدول الغربية بشأن هذه المخاوف لا بل وقد تثني على تحول تركيا نحو الاقتصاد الأخضر، لكن هذه المنشأة تُشكل مشكلة طويلة الأمد للناتو. وقد أشاد أردوغان بمشروع أكويو باعتباره خطته لتقليل اعتماد تركيا على الطاقة، وبالتالي على روسيا. ولكن بدلاً من القيام بذلك، فإن عقود البناء والتملك والتشغيل تربط تركيا وروسيا معًا على مدى القرن المقبل، من خلال دورة تشغيل متوقعة مدتها 60 عامًا”.
وأضافت المجلة، “تعارض أحزاب المعارضة التركية المشروع.ولحماية هذا الاتفاق، وقع أردوغان على اتفاقية حكومية دولية مع بوتين، الأمر الذي جعل من المستحيل دستورياً أن تعترض عليها حكومة ما بعد أردوغان. وهذا يعني أن روسيا، المعروفة باستخدام الطاقة كسلاح جيوسياسي، ستتمتع بالسيطرة المباشرة على البنية التحتية الاستراتيجية في إحدى دول الناتو لمدة 100 عام، بغض النظر عمن يتولى السلطة. وهذا ليس كل شيء. وتقع محطة أكويو للطاقة النووية بالقرب من قاعدة إنجرليك الجوية، التي تضم أكبر منشأة لتخزين الأسلحة النووية في حلف شمال الأطلسي ومركزًا لدعم مهام التحالف. ويقع المصنع أيضًا على مقربة من منشأة رادار الدفاع الصاروخي الباليستي التابعة لحلف شمال الأطلسي في كوريسيك”.
وبحسب المجلة، “قد تقوم تركيا ببناء رادار آخر لحماية المنشأة.ويخشى المحللون العسكريون ومسؤولو الدفاع من أنه بما أن محطة أكويو للطاقة النووية تابعة لروسيا، فقد تطلب موسكو تشغيل هذا الرادار وإرسال قوات لتوفير الأمن. وقال يانكي باغجي أوغلو، الأميرال المتقاعد ونائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض والمسؤول عن الدفاع الوطني، لكاتب المقال إن أردوغان يجب ألا يسمح بحدوث ذلك. لقد تجاهل الغرب إلى حد كبير استخدام روسيا للطاقة النووية لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية طويلة الأمد مع الدول ذات الأهمية الاستراتيجية. وفي حين تعرضت تركيا لانتقادات وتم فرض عقوبات عليها بسبب شرائها نظام إس-400، التزمت الدول الغربية الصمت بشأن أكويو. لكن تركيا تريد الآن بناء مفاعل نووي ثانٍ، وها هي روسيا تساعدها في تحقيق هذا الهدف”.
وختمت المجلة، “من أجل حرمان موسكو من الأصول الجيوسياسية وتهدئة المخاوف المتعلقة بسلامة السكان المحليين والبيئة، يجب على الغرب أن يفعل المزيد لمطابقة الشروط المواتية لموسكو. إن الضغط على بنوك التنمية الغربية لحملها على التخلي عن إحجامها عن تمويل مشاريع الطاقة النووية سيكون بمثابة بداية عظيمة”.
