انتفض الشعب اللبناني بكل أطيافه، وطوائفه، ومناطقه، سهلاً وجبلاً، شمالاً وجنوباً، شيباً وشباباً، عمالاً وموظفين، مدنيين وعسكريين، أطباء ومهندسين، وقضاة ومحامين، وأساتذة وتلاميذ، ومظلومين ومكلومين، انتفضوا جميعاً بوجه الظلم والجوع، والقهر والاستبداد، والتسلط والفساد، وسرقة الوطن ومقدراته، وتحطيم الآمال عند كل الأجيال، وكان شعارهم محاربة الفساد والفاسدين، واسترجاع الوطن المنهوب دون شفقة أو رحمة من طبقة التيارات والأحزاب ومن طبقة أمراء الطوائف الذين استغلوا الطوائف التي تعتبر مصدر غنى للبنان إلى تفرقة بغيضة، واستعمال الدين والطائفة لمكاسب سياسية أثيمة….
وبدل أن يكون الدين حاكماً على ضمائرهم أصبح محكوماً لغرائزهم وشبقهم لسرقة لبنان الجميل… وكان شعار الثوار المدوي (كلن يعني كلن لا نستثني أحداً منهم) إلى أن تدخل أتباع الطوائف وأزلام الزعماء…. وبدأوا بإستثناءات من يقدسونهم ويعظمونهم أكثر من تقديس الذات الإلهية…. لأنهم وبسبب جهلهم وعصبيتهم يسكتون عند سب الله تعالى أو دين الله…. ويثورون عند التعرض لزعيمهم…. وكأنه ليس بشراً يخطئ ويصيب…… ويُسأل ويحاسب….. ما دام قد تولى شأناً عاماً… وذلك في بدايات الانتفاضة وبعد استقالة رئيس الحكومة متجاوباً مع مطالب ثورة الشباب مبتعداً عن إصرار بقية السلطة على الاستمرار في الحكم والسلطة، وإخراج أنفسهم من شعار الثورة…. مع أن الكل يقر ويعلم بأن الشعب هو مصدر السلطات…. وبدأوا جميعاً بتسليط سهامهم على رئيس الحكومة والحكومة التي هم فيها شركاء أساسيون، ولهم كلمة الفصل فيها… منذ عقود خلت…. وكأنهم لم يتشاركوا برمي يوسف في البئر…. وبدأت البدعة السيئة في السياسة لجهة تسمية رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة خلافاً للدستور وللواقع…..
وأصبحنا كمن أحضر عربة الحصان ولا يوجد حصان أصلاً…. وبدأت المشاورات قبل الاستشارات… وكأن النواب والكتل السياسية أحجار شطرنج أو أحجار بناء يضعها معلم العمار كيف يشاء متناسياً دورهم الأساس في تسمية رئيس الحكومة ومتجاهلاً مخطط المهندس الذي وضع خارطة البناء (الدستور) ليكون متماسكاً قوياً جميلاً ينبهر به كل من يراه…. ولكن كان البناء دون هندسة صحيحة… ودون استشارات ملزمة….. وذلك كمن يبني على جرف هارٍ…. فكلما ارتفع البناء تساقط… أو كبيت العنكبوت الذي تمحوه الرياح….
ومن المعلوم والمحقق أن موقع رئيس الوزراء في لبنان هو للمسلمين السنة تحديداً بحسب الدستور وليس علمانياً لا دين له…. والمسلمون بكل مذاهبهم يأتمرون بأمر الدين ويحافظون عليه وعلى أتباعه وحقوقهم في هذا الوطن… وهذا هو الأساس والصحيح….. وأما العلماني فلا علاقة له بالدين وأهله… ولذلك هو غير معني بالمحافظة عليه وعلى أهله…
ولا يحق له أن يُسَمَّى أو يترشح لهذا الموقع…. لهذا كله أدعو كل السياسيين من رؤساء حكومات سابقين وحالي ونواب ووزراء سابقين وحاليين وكل الشخصيات من مفتين وقضاة وأئمة وعلماء وأعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى سابقين وحاليين ووجهاء ومؤسسات إسلامية أن يكون لهم اجتماع في دار الفتوى دار المسلمين خاصة واللبنانيين عامة برعاية مفتي الجمهورية اللبنانية لتسمية رئيس الحكومة الذي نختاره نحن…. ولا يفرض علينا فرضاً وإملاءً…. وكأننا أيتام لا مرجعية لهذه الأمة تستطيع أن تأخذ قرارها…. والتي ظن الآخرون واعتقدوا أنها دون راعٍ… أو تفرقت كلمتها…. وضاعت هيبتها…. ويمكن ابتلاعها بسهولة……. ولهذا أقول وبصوتٍ عالٍ نحن شركاء أساسيون في هذا الوطن… بل نحن من حفظ الجوار… وتمسك بالعيش المشترك والوطن الواحد الحرّ الأبيّ…. وراعى حقوق كل اللبنانيين بكل طوائفهم ومذاهبهم ومناطقهم وحقوقهم…… اللهم إني قد بلغت… اللهم فاشهد.