بين اعتصام العسكريين المتقاعدين الذي ادى الى ارجاء جلسة مجلس الوزراء لبدء مناقشة الموازنة، والغارات الإسرائيلية التي استهدفت عمق البقاع الغربي، لا جديد على الخط الرئاسيّ بانتظار 14 أيلول موعد لقاء سفراء اللجنة الخماسية وما سيسبقه من زيارات سيقوم بها بعض السفراء بعيداً عن الإعلام للأفرقاء السياسيين.
واليوم يبدأ الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل زيارة الى لبنان، تستمر يومين. وسيلتقي بوريل، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وآخرين.
وثمة معلومات تشير الى أن الموفد الفرنسي جان إيف لودريان سيزور بيروت مجدداً في وقت قريب .
الى ذلك لم ينعقد مجلس الوزراء أمس، بسبب التحرّك الاعتراضي للعسكريين المتقاعدين الذي حاصر السراي ومنع الوزراء من الوصول. فأرجئت الجلسة الى موعد لاحق بحسب ما أعلنت الأمانة العامة للمجلس في بيان بسبب عدم اكتمال النصاب.
وكتبت” النهار”: لو توافر النصاب وانعقدت جلسة مجلس الوزراء أمس، لربما كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فاجأ الوزراء بقالب حلوى عليه ثلاث شمعات إحياءً للذكرى الثالثة لصدور مراسيم تشكيل هذه الحكومة في العاشر من أيلول عام 2021. ولكن الحكومة الميقاتية الثالثة، التي بدأت اليوم السنة الرابعة من عمرها الذي يعدّ قياسياً وتجاوز عمر ولاية حكومة الرئيس تمام سلام التي عمرت سنتين وعشرة اشهر، وجدت نفسها كحكومة “هرمة” حين حاصرها العسكر المتقاعد برعاية العسكر العامل، ولم يقبل الرئيس ميقاتي أي اجراءت من شأنها التسبب بصدام بين رفاق الجندية القدامى والعاملين.
في أي حال نجح العسكريون المتقاعدون في تطيير جلسة الحكومة التي كانت مقررة صباح أمس، بعدما حاصروا السرايا الحكومية وأقفلوا كل مداخلها. ولكن أحداً لم يبرر معنى إقفالهم الباب أو منع المسار أمام مفاوضات بين وفد يمثلهم والحكومة في حين كشف النقاب أن الحكومة تعدّ مشروع قانون من ضمن الموازنة أو خارجها لتحقيق ما أمكن من مطالبهم. وتالياً لن يكون التحرك الاحتجاجي والاعتصام وقطع الطرق يشي بأنه سيكون الأخير ما دامت الحلقة المفرغة هي التي تتحكم بالسرايا وفي وسط بيروت، إلا بداية ستليها تحركات أخرى. إذ أن الحكومة لا تستطيع إقرار سلسلة رتب ورواتب وتكرار تجربة عام 2017 التي مثلت أحد أسباب الانهيار المالي، والمتقاعدون العسكريون، بحسب تأكيداتهم، لن يقبلوا إلا أن تعود رواتبهم إلى ما دون نصف قيمتها للعام 2019. وبين هذين الحدين تسير الأزمة أسوة بالأزمات المتراكمة على كاهل اللبنانيين منذ 5 سنوات.
مجلس الوزراء لم ينعقد إذاً بسبب التحرك الاعتراضي للعسكريين المتقاعدين الذي حاصر السرايا ومنع الوزراء من الوصول، فأُرجئت الجلسة إلى موعد لاحق بحسب ما أعلنت الأمانة العامة للمجلس في بيان بسبب عدم اكتمال النصاب. وكان الرئيس ميقاتي حضر إلى مكتبه باكراً جداً وباشر التحضير للجلسة وذكر أن تواصلاً حصل بينه وبين قائد الجيش العماد جوزف عون الذي نبّه إلى محاذير أي صدام محتمل بين الجيش والمتقاعدين، وأن ميقاتي شدد بدوره على محاذرة أي صدام، بما فهم أن الرجلين اتفقا على ضرورة تجنب أي اجراء يؤدي إلى خروج التحرك عن طابعه السلمي. ولم يصل من الوزراء إلى السرايا إلا وزراء الداخلية بسام مولوي، والصناعة جورج بوشكيان والاتصالات جوني قرم، والشباب والرياضة جورج كلاس. وقال بوشكيان: “فتحنا باب الحوار. ونأسف لما يحصل. لقد تم التواصل بعد إلغاء جلسة مجلس الوزراء مع اللواء المتقاعد نقولا مزهر، كما تواصلت معه شخصياً وهو حاول الدخول إلى السرايا، ولكن المعتصمين وللأسف لم يسمحوا له بذلك”. أضاف: نحن نتعاطى مع مؤسسة هي رابطة متقاعدي الجيش اللبناني، إنهم يطالبوننا بالحوار معهم، ونحن نعرف وجعهم وكذلك دولة الرئيس والحكومة، ونحن مع ايجاد حل لمطالبهم، ومنفتحون للتفاوض، لكنّ السؤال مع من نتفاوض؟ عندما يرفضون مجيء اللواء مزهر للتفاوض معنا ولدينا طروحات لحل قضيتهم، فمع مَنْ نتكلم، إذا لم يكن هناك من يود التكلم معنا، وما هي الغاية من ذلك؟”.
وكتبت” الاخبار”: بعد أشهر من تعليقهم التظاهرات، نفّذ العسكريون المتقاعدون أمس تهديدهم بعدم السماح للحكومة بعقد جلستها، وبدأوا حراكهم في الصباح الباكر بعد التجمع في نقاط جرى الاتفاق عليها مسبقاً، وأقفلوا كل الطرق المؤدية إلى السراي الحكومي الذي لم يتمكّن سوى أربعة وزراء من الوصول إليه، هم وزراء الاتصالات جوني القرم والصناعة جورج بوشكيان والرياضة جورج كلاس والداخلية بسام المولوي، بعد وصول الرئيس نجيب ميقاتي في الصباح الباكر. وشهدت ساحة رياض الصلح في وسط بيروت توتراً بعد إقدام العسكريين المتقاعدين على اجتياز الحواجز الحديدية والاقتراب من السراي وإحراق الإطارات. وبعد التأجيل الرسمي لجلسة مجلس الوزراء، تجمّع العسكريون المتقاعدون في ساحة رياض الصلح ورفضوا المغادرة وفتح الطرق المقطوعة قبل إيفاد الرئيس ميقاتي ممثلاً عنه لمفاوضتهم. وأصدروا بياناً، طالبوا فيه الحكومة بـ«إدراج بند تصحيح الرواتب والأجور بنداً أولَ، وتعميم خطة تصحيح الأجور قبل 48 ساعة من تاريخ انعقاد الجلسة».
وأكّد المستشار الإعلاميّ لرئيس الحكومة فارس الجميّل أن من حق المواطنين التعبير عن مطالبهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، بما في ذلك تحرك العسكريين، لكنه تساءل إن كان تعطيل جلسة مجلس الوزراء يحقق هدفهم. وأوضح أن تعطيل الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب أدّى إلى تأجيل مناقشة بعض المطالب الأساسية والحلول المؤقّتة بانتظار إقرار الموازنة. ونفى الجميّل الشائعات حول عقد جلسة ثانية للحكومة، مشيراً إلى أن ذلك يعتمد على المشاورات التي يجريها الرئيس ميقاتي. وأضاف أن جلسات متتالية كانت مقرّرة لمناقشة الموازنة، «لكنّ الأمور تغيّرت مؤقتاً».
وأشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما جرى من تطيير لجلسة مجلس الوزراء خدم المجلس الذي لو انعقد لكان فجر أزمة كبرى مع حراك العسكريين المتقاعدين وأوصل إلى مكان لا يرغب به أحد.
وقالت المصادر أن رسالة هذا الحراك وصلت إلى المعنيين وهناك أفكار يتم تداولها بشأن مطالب العسكريين وتصحيح رواتبهم وفق صيغة تنصفهم، لكن كل ذلك بانتظار الضوء الأخضر من الجهات المعنية لاسيما وزارة المال.