فريق الدفاع عن سلامة مرتاح لإجراء التحقيق.. استجواب شاهد ومقابلة الأسبوع المقبل

16 سبتمبر 2024
فريق الدفاع عن سلامة مرتاح لإجراء التحقيق.. استجواب شاهد ومقابلة الأسبوع المقبل

استمع قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي إلى افادة المحامي ميشال تويني بصفة شاهد في ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ولم تدم الجلسة اكثر من نصف ساعة. ولم يحضر باقي الشهود الذين جرى استدعاؤهم، فيما حضر عدد من المحامين الذين مثلوا المصرف المركزي الذي اتخذ صفة الادعاء في هذه القضية.

وأفاد مصدر قضائي ‏بأن القاضي حلاوي «قرر إجراء مواجهة ما بين سلامة وتويني الخميس المقبل، والاستماع إلى الشهود».‏
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن جلسة الخميس «ستكون مكثّفة، بحيث يستمع قاضي التحقيق في الجلسة ‏نفسها إلى مدير دائرة القطع والعمليات الخارجية في البنك المركزي نعمان ندّور، ومدير الشؤون القانونية في المصرف ‏بيار كنعان، لشرح النقاط الواردة في تقرير هيئة التحقيق الخاصة والتي تحتاج إلى تفسير»، مشيراً إلى أن حلاوي ‏‏«طلب الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أو من ينوب عنه، فارتأى الأخير انتداب ندوّر وكنعان ‏لهذه المهمّة».‏ 
ونقلت«الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة هذا الملفّ، أن «فريق الدفاع عن ‏سلامة راضٍ عن الإجراءات التي يتبعها القاضي حلاوي والتي تخدم مصلحة موكلهم». ورأت المصادر أن «الأسئلة التي ‏طرحها قاضي التحقيق على الحاكم السابق خلال استجوابه يوم الاثنين والتدقيق بكلّ التفاصيل الواردة في تقرير ‏لجنة التحقيق الخاصة وكلّ مستند قدّمه الحاكم ووكيله القانوني مارك حبقة، أعطى انطباعاً بأن حلاوي يتعاطى مع ‏الملفّ بمسؤولية عالية وبخلفيّة قانونية بعيدة عن أي اعتبار آخر».‏
 وقالت المصادر: «لو أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار أمهل سلامة لتقديم مستنداته إلى حين الاستماع ‏إلى الشهود، لما كان اتخذ قراراً بتوقيفه».

وكتب رضوان عقيل في” النهار”: من جانب المؤيدين لمحاكمة سلامة، فإن لبنانيين كثرا ومودعين عربا وأجانب لا يكترثون لقضيته، على أهميتها، لأن عيونهم وقلوبهم تسأل عن مصير الـ 100 مليار دولار التي تبخرت في أكبر فوضى مالية لا يتحمل مسؤوليتها سلامة وحده. هذا الكلام يدور في أوساط مسيحية وخصوصا في بكركي التي تقول إنها لا تعارض القضاء في التحقيق مع سلامة في الملف المطروح الآن، على أن يأخذ كامل صلاحياته ويؤدي الدور المطلوب منه إلى النهاية “شرط ألا تطاول سلامة قضايا أخرى كانت السلطات السياسية الرئاسية والحكومية والحزبية، مسيحية وإسلامية، مسؤولة عن كل الخيارات والقرارات التي اتخذها مصرف لبنان في شأنها، بموافقة الحكومات المتعاقبة والتي لم تلق معارضة في البرلمان”.
هذه الرسالة وصلت بالبريد السريع في الأيام الاخيرة إلى قضاة، فضلا عن الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري اللذين يرددان أنهما لا يتدخلان في مجريات التحقيقات. وتقول المصادر الكنسية هنا إن ما يرفض اتخاذه الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، اتخذه الحاكم السابق بموافقات من السلطتين التنفيذية والتشريعية ومن نواب الحاكم المتعاقبين، فضلا عن جهات قضائية كبيرة في الدولة كانت على تماس مباشر مع سلامة وشاهدة على القرارات.
وتطلق هذه المصادر رسالة تحذيرية: “لا تحمّلوا سلامة كل مصائب البلد ليكون كبش فداء، في مقابل تبرئة كل من تعاقب على الطبقة السياسية من عام 1992 إلى اليوم”.
وفي زحمة الضغوط الملقاة على القضاء ومطالبته بكشف كل ما في حوزته، ثمة من يتوقع أن الأحكام النهائية القضائية قد تصب في مصلحة سلامة، فيخرج بإثباتات أن الأموال التي حولها لحسابه بواسطة مساعدين من محامين ومصرفيين لا غبار عليها، مع التذكير بأن نوابا ووزراء وقضاة وعسكريين قد استفادوا من “جنة القروض الفلكية”. ويتحسس هؤلاء رقابهم خشية افتضاح أمرهم أمام اللبنانيين، علما أن محظيين تمكنوا من تحويل مبالغ كبيرة في الأيام ال 15 الشهيرة التي أقفلت فيها المصارف أبوابها في منتصف تشرين الأول 2019.
وثمة من يأمل أن يكون سلامة الضحية التي تقدم على المذبح المالي. ولا مانع إذا اضطر الأمر إلى تقديم ضحايا أخرى، شرط عدم المس بـ”الحيتان الكبار” وحلقاتها الضيقة التي التهمت بطونها ثروات المواطنين المعذبين، في وقت يعتقد فيه كثيرون من المعنيين، سياسيين وقضاة، أن لفلفة الملفات صناعة لبنانية.
 
وكتبت سابين عويس في” النهار”: في جردة الحساب للتجربة التي خاضها على رأس حاكمية مصرف لبنان يلمس بعض من التقى سلامة عدم الاعتراف بأي أخطاء أو ارتكابات تُنسب إليه، وكأنه يعيش في حالة إنكار تام للواقع أو لحجم الاتهامات الموجهة إليه أو حتى لخطورتها. يعلق أحد أصدقائه على ما تردّد أخيراً بأنه بكى عندما وُضعت الأغلال في يديه وسيق متهماً إلى السجن، بالقول “أقطع رأسي إن كان هذا الكلام صحيحاً. رياض لا يمكن أن يبكي، ولا يمكن أن أصدق ذلك حتى لو رأيته بأمّ عيني”. لكنّ الواقع ليس كذلك، لأنه في الحقيقة فشل في إخفاء حالته النفسية وخانته دموعه التي انهمرت على وجهه، عاكسة حجم الخوف والقلق، خصوصاً أنه توجّه مطمئناً إلى مكتب المدعي العام التمييزي على أساس خلوّ الملفّ من أيّ دلائل ليفاجأ بأن التحقيقات كانت في مكان آخر كليّاً. لم يكن ليظن أن ملفّ الاستشارات والعمولات التي لا تتجاوز ٤٠ مليون دولار يمكن أن تسوقه إلى السجن، فيما كل الاتهامات والدعاوى الأخرى تتجاوز مئات الملايين من الدولارات، وهي لا تزال في إطار التحقيق.

تعكس تعليقات أصدقائه القدرة العالية التي كان يمتلكها سلامة حيال إظهار مكامن قوته، وعدم السماح للآخرين بتلمّس أي مواقع ضعف أو استسلام يمتلك هو وحده التوقيت الملائم لتنفيسها. هو حتماً يعي الآن أنه بات وحيداً في معركته، بعدما تراجعت كل وسائل الدعم السياسي التي توافرت له على مدى عام كامل. ينقل عنه بعض الزوار اقتناعه بأن توقيفه يعود إلى أسباب سياسية محضة، تماماً كما كانت الحملة عليه، رافضاً الاعتراف بكل ما يطلق ضده من اتهامات، يضعها في خانة الاستهداف السياسي. لا يعترف بالمستندات والقرائن التي يواجه بها. يذهب أبعد في اتهاماته ليرى أن الاستهداف لا يقتصر على الداخل بل هو خارجي ويحمّل مسؤوليته للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي توسّط لدى الأميركيين لرفع الغطاء عنه، على ما تذكر رواية الزوّار (التي لا يمكن التأكد من مدى صحّتها).

من المنزل المطلّ على البحر إلى زنزانة من بضعة أمتار، تسعى إلى توفير الحدّ الأدنى من الرفاهية التي لا تقارن حتماً برفاهية حياته السابقة. على الأقل، لم تحرمه الباحة الخارجية على صغر مساحتها، من الاستمتاع بتدخين السيجار أو قراءة بعض الكتب التي طلبها وسط سؤال يُطرح اليوم في الأوساط المختلفة، حيال مصير الرجل الذي حكم لبنان بنقده الوطني، وتحكّم بمدّخرات شعبه، محققاً لنفسه شعار الاستقرار حتى سقطت الشعارات والجوائز (المدفوعة على الغالب). هل التوقيف وسرية التحقيق لحمايته وإنقاذه أم لإسقاطه؟ وهل سيبقى سلامة متماسكاً أم تخونه أعصابه وربما صحّته؟؟