هل لا يزال السلام ممكنا بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟

3 أكتوبر 2024
هل لا يزال السلام ممكنا بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟

وسط هجمات متبادلة بين إسرائيل وحزب الله على عدة جبهات، مخاوف من حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط بعد هجوم إيراني على إسرائيل بالصواريخ، ومضي نحو عام على الحرب في غزة دون أفق لوقف إطلاق النار، هل لا يزال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ممكنا؟

 

 

يعتقد محللون تحدثوا لموقع “الحرة” أن فرص السلام لا تزال ممكنة لكن بشرط.

وتزايدت احتمالات اندلاع حرب شاملة في المنطقة بعد مهاجمة إيران الثلاثاء إسرائيل بعشرات الصواريخ والمسيرات، وتبادل مندوبا إيران وإسرائيل في الأمم المتحدة التهديدات بالثأر، الأربعاء، إذا تعرض أي منهما لهجوم من الطرف الآخر، وذلك خلال اجتماع لمجلس الأمن.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام المجلس المكون من 15 عضوا “يجب أن تتوقف هذه الدوامة القاتلة من العنف المتبادل. الوقت ينفد”.

 

وأبدى المتخصص في إدارة النزاعات في جامعة “جونز هوبكنز” للدراسات الدولية، البروفيسور دانيال سيروير تفاؤله بأن تحقيق السلام وتطبيع العلاقات لا يزال ممكنا بشرط “وقف الحرب”.

وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن هذا يتطلب من إسرائيل “الموافقة على مسار يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، وهو ما لن يقبل به رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو”.

وذكر سيروير أن الدول العربية والإسلامية “أعلنت بوضوح أنها مستعدة لضمان أمن إسرائيل، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث حقا في ظل وجود حزب الله أو حماس”، ناهيك عن الحاجة إلى “إصلاحات جادة في السلطة الفلسطينية لتحقيق السلام” وأن تكون إسرائيل “مستعدة للتخلي عن الضفة الغربية وغزة لصالح السلطة”.

وعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء اجتماعا بعد أن قصفت إيران إسرائيل بالصواريخ.

 

وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون للمجلس “إسرائيل ستدافع عن نفسها. سنتخذ إجراء. وأؤكد لكم أن العواقب التي ستواجهها إيران بسبب أفعالها ستكون أعظم بكثير مما يمكن أن تتخيله”.

مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس يرى أن “السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قائم، في ما يتعلق بمناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية. رغم مشاهد العنف والتلاسن المستمر” بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية.

 

وقال مصري وهو عضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي لموقع “الحرة” أن “التنسيق الأمني والإداري مستمر على كل المستويات، وأما على مستوى التبادل التجاري والثقافي فحدث ولا حرج”.

 

ودعا مصري إلى التمييز “بين توقف المفاوضات بخصوص المسار الانفصالي، المعروف إعلاميا بحل الدولتين، وحالة الحرب التي انتهت عملياً بالقضاء على ما عرف بالانتفاضة الثانية عام 2005”.

وعلى مدار العام الماضي، تبنى مجلس الأمن أربعة قرارات بشأن الحرب في غزة وكان آخرها في حزيران عندما أيد اقتراح وقف إطلاق النار الذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن.

عامر السبايلة، وهو أستاذ جامعي ومحلل جيوسياسي أردني يرى أن “السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لم يعد أولوية اليوم، خاصة مع فتح إسرائيل للصراع على جبهات متعددة، إذ يسعى نتانياهو للحرب على جميع الجبهات”.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، خلدون البرغوثي، أن الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة “لم تكن تسعى لسلام يضمن الحياة الكريمة للفلسطينيين، بل أرادت فقط ضمان إسرائيل مقابل استمرار سيطرتها على معظم الأرض من ناحية، والخلاص من عبء الاحتلال على الإنسان الفلسطيني”.

وزاد في حديث لموقع “الحرة” أن “الفلسطينيين سعوا للسلام آملا بالوصول إليه في نهاية فترة الحكم الذاتي عام 1999، بينما سعى الإسرائيليون إلى مواصلة سياسة الاستيطان وتوسيع السيطرة على الأرض التي يفترض أن تصبح دولة فلسطينية”.

ويؤكد البرغوثي أن نتانياهو لطالما كان مناهضا للإسرائيليين الداعمين للسلام، ويتبع نهجا للقضاء على إي إمكانية لحل الدولتين.

لم تؤد الحرب في قطاع غزة التي اندلعت في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الاول، إلا إلى مزيد من تصاعد العنف الذي يسود الضفة الغربية منذ عامين.

 

التطبيع مع دول عربية

في أيلول من 2023، كانت السعودية وإسرائيل على عتبة تطبيع علاقتهما برعاية أميركية. لكن اندلاع الحرب العنيفة في غزة بعد هجوم غير مسبوق لحماس على إسرائيل في 7 تشرين الاول الماضي دفع السعودية إلى تعليق المفاوضات. وانتقدت الرياض إسرائيل مرارا وطالبت بوقف الحرب، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية، مصري أن “التواصل مع إسرائيل لم يعد من المحرمات مع الكثير من الدول العربية”، مشيرا إلى “تنامي العلاقات حتى من دون التطبيع”.

وقال “قبل مذابح السابع من تشرين الاول، كانت إسرائيل على وشك أن تطبع علاقاتها مع السعودية وعدد من الدول الإسلامية التي تسير في فلكها، وفقا لتصريحات صدرت آنذاك من الرياض، ناهيك عن زيارة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين الإسرائيليين إلى المملكة في الأسابيع التي سبقت الحرب، الشيء الذي دفع محور إيران بالدفع نحو خطة التدمير الشامل لمساعي السلام الإقليمي”.

 

وقلل مصري من أهمية ما يحصل من حرب حالية “لأن العلاقات بين الدول تدار وفقا لإستراتيجيات ورؤى بعيدة المدى، لذلك كلي إيمان بأن المياه سوف تعود إلى مجاريها بعد إخماد الحريق الذي أشعلته طهران. لذلك ينبغي الانتهاء من مهمة القضاء على حماس وحزب الله بأسرع وقت”.

من جانبه يرى السبايلة أن “ملف التطبيع، ينطبق عليه ما ينطبق على ملف السلام، فهو ليس بأولوية لإسرائيل”.

 

وقال إن “إسرائيل تتعامل حاليا على أنها في مواجهة خطر وجودي، واتفاقات السلام أو التطبيع لن تكون قائمة إلا إذا ارتبطت بوقفها للحرب”.

المحلل الفلسطيني، البرغوثي يرى أن إسرائيل أضاعت “فرصة التطبيع قبل التصعيد الحالي، وليس بسببه، لكن التصعيد يعزز طي صفحة التطبيع كما يتخيله نتانياهو، وذلك سواء في ظل سياساته في حكوماته السابقة بشكل عام، وفي ظل حكومته الحالية بشكل خاص”.


وأعلنت السعودية إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، وفق ما قال وزير الخارجية السعودي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين في نيويورك أواخر أيلول.

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إطلاق التحالف، مضيفا “إننا اليوم باسم الدول العربية والإسلامية وشركائنا الأوروبيين نعلن إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”.

وكانت السعودية إحدى الدول الموقعة إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى عربية وغربية على بيان دعا قبل يومين الى وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان بين إسرائيل وحزب الله لإفساح المجال للدبلوماسية.

هل أضاع نتانياهو عقودا من الجهود الدبلوماسية؟

 

 

وخلال الأيام الماضية زادت المخاوف من اتساع الحرب، وأثرها على الجهود الدبلوماسية الدولية لإرساء السلام في المنطقة، والتي قد يقوضها التصعيد الحاصل في الشرق الأوسط.

ويرى البروفيسور سيروير أن نتانياهو لم يكن “معنيا بالسلام أو الجهود الدبلوماسية”، وأهدافه كانت تتمثل بـ “منع إقامة دولة فلسطينية، والحرب مع إيران”، وأضاف “يبدو أنه حقق كلا الأمرين في وقت واحد”.

وزاد أن الفترة المقبلة ستكون مهمة للمنطقة، حيث “لا يملك أحد في الشرق الأوسط الموارد اللازمة لخوض حروب طويلة ومتواصلة، وإيران ليست في أفضل حالاتها”.

من جانبه يؤكد الأكاديمي مصري أن نتانياهو لم يقوض الجهود الدبلوماسية السابقة، وقال “رغم تحفظي على الكثير من أطروحاته، إلا أنه ينبغي أن نعترف بأن الرجل أبدى قدر كبير من المرونة مقارنة بمن سبقوه على رأس حزب الليكود”.


وحمل الطرف الآخر مسؤولية عدم التوصل إلى حل، إذ أنه “لم يكن مهيئا للقبول بأي حل والدليل على ذلك هو أن فشل مفاوضات الحل النهائي وقع في عهد حكومة حزب العمل عام 2000…” وما تبعها من حكومات.

ويتفق السبايلة أن حكومة نتانياهو كان لها مساع وتحركات دبلوماسية في ملف تطبيع العلاقات من خلال اتفاقات “إبراهيم”، ولكنها لم تعد “تنظر للسلام أو التطبيع على أنه أولوية في الداخل الإسرائيلي، حيث تروج الحكومة اليمينية الإسرائيلية فكرة استمرار وجود خطر أمني في الداخل الإسرائيلي ومن الخارج أيضا”.

واعتبر المحلل الفلسطيني البرغوثي أن فرصة “السلام أصبحت خلف ظهورنا، وحمامة السلام في القبر منذ سنوات، بسبب السياسات التي كرستها إسرائيل”.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لمجلس الأمن الأربعاء إن دعم بلادها لإسرائيل دفاعي.

وأضافت “دعوني أوضح: سيتحمل النظام الإيراني مسؤولية أفعاله. ونحذر بشدة من قيام إيران أو حلفائها بأي أعمال ضد الولايات المتحدة، أو أي أعمال أخرى ضد إسرائيل”. (الحرة)