الحرب تتكرر مع اختلاف المشهد الاقتصادي… تداعيات خطيرة وسط الفراغ

7 أكتوبر 2024
الحرب تتكرر مع اختلاف المشهد الاقتصادي… تداعيات خطيرة وسط الفراغ
تالا الحريري صحافية لبنانية

منذ 5 سنوات تتصدر “الأزمة الاقتصادية في لبنان” عناوين الصحف والمقالات، وهو الحال منذ العام 2019 حتى يومنا هذا.

إذ يشهد لبنان أزمة اقتصادية خانقة واكبها انهيار لسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، رفع للدعم، غلاء فاحش، احتكار، تقلص الرواتب أو عدم تقاضيها، غياب الكثير من المستلزمات الاساسية والكثير الكثير…
ومنذ قرابة سنة يشهد جنوب لبنان تخبطاً وذلك تزامناً مع بداية حرب غزة في 7 أكتوبر، إلى أن دخل لبنان الحرب رسمياً منذ حوالي 10 أيام. فإلى أين يذهب الوضع الاقتصادي؟

اختلاف مشهدية الحرب بين عام 2006 و2024
في الواقع تختلف مشهدية الحرب الحالية عن حرب 2006، فما زال مطار رفيق الحريري الدولي وكافة البنى التحتية تعمل بشكل طبيعي. وحسب تقديرات البنك الدولي، فإنّ حرب 2006 كلّفت لبنان خسارة تقدَّر بـ10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع أضرار مباشرة وغير مباشرة بلغت 3.1 مليار دولار، أمّا اليوم لا تمويل، لا سيولة ولا هبات وأي ضرر أُلحق أو سيلحق بلبنان وأبنيته التحتية سيستغرق وقتاً كثيراً لإصلاحه، عدا عن التداعيات الأخرى.
ومع ذلك كيف هو الوضع الاقتصادي في ظل حرب 2024؟ وكيف اختلفت المشهدية بين عام 2006 و2024؟
أشار الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد جابر لموقع “بيروت نيوز” إلى أنّه “لا يوجد أي شبه بين الوضع الاقتصادي والسياسي عام 2006 مقارنة مع عام 2024، ففي عام 2006 كان هناك رئاسة جمهورية وحكومة وسيولة عالية لدى المصارف، وكان القطاع المصرفي قطاع واعد.

كما استطعنا حينها الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط وبالتالي جذب الاستثمارات الخليجية إلى السوق المالية.

وفي عام 2006 كان هناك نمو اقتصادي واعد بين 4-5% وكان هناك استقرار في سعر صرف العملة الوطنية إضافة إلى مساعدات عربية وخليجية تلقاها لبنان أثناء حرب تموز، هذا ما كان يعطينا نفس لنتحدى الصعوبات”.

وتابع: “أما فيما يخص الحرب الحالية، كما هو واضح هناك فراغ رئاسي، حكومة تصريف أعمال، انهيار الليرة وخسارة 90% من قدرتها الشرائية، أزمة معيشية واقتصادية خانقة، إضافة إلى أزمة انسانية نعيشها اليوم والتي تمثلت بنزوح ما يفوق مليون مواطن لبناني من عدة مناطق.

كمان أنّ احتياطات مصرف لبنان تراجعت عن تلك في عام 2006، هناك خسائر كبيرة لدى القطاع المصرفي، الناتج المحلي شهد تراجع فاق الـ50% من قيمته، معدلات التضخم مرتفعة، وأعداد كبيرة من السكان دخلت في خط الفقر.

واليوم يعاني لبنان أيضاً من نقص في المواد الاساسية والادوية نتيجة هذه الحرب، وربما خطة الحكومة كانت متأخرة خصوصاً أنها كانت تعلم بأن الحرب على لبنان هي من قِبل عدو غاشم. فقد شهدنا تدمير للقرى في الجنوب، واقتصاد الجنوب هو اقتصاد زراعي حيث تم تلف المحاصيل وحرق الاراضي والمواسم، إلى جانب هجرة ونزوح سكان الجنوب واقفال المصانع والمحلات التجارية. وكما الحال في الضاحية الجنوبية حيث تم تفريغ المنطقة من أهلها وانهيار المباني والمؤسسات والمحلات، وهذا ما ينتج أزمة اقتصادية في هذه المرحلة”.

تداعيات حرب 2024 على الاقتصاد والمجتمع اللبناني
وفي السياق نفسه، أوضح جابر أنّ “الحرب ستنتهي وسندخل في أزمة إيواء المواطنين الذين فقدوا بيوتهم وأرزاقهم.

نحن في لحظة مصيرية تحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون بين الجميع، نحتاج إلى خلية أزمة وإدارة هذه الأزمة بشكل سليم وعلينا التنسيق مع منظمتي الصحة والاغذية العالمية والمجتمع الدولي لمواجهة هذه الأزمة الانسانية التي قد تترك انعكاسات سلبية في المرحلة المقبلة.

لبنان يحتاج إلى دعم دولي لاعادة بناء اقتصاده وهذا يتطلب الاستثمار في إعادة تأهيل البنى التحتية للحد من الانهيار الاقتصادي.

فنحن نعاني منذ عام 2019 من أزمات خانقة، وقد تفاقمت هذه الأزمات من دون أن تعالج الحكومة أي منها، والخوف اليوم من أن تفشل هذه الحكومة في تأمين الحد الأدنى لحماية أهلنا النازحين”.

وطرح جابر تساؤلات عديدة عن احتمالية توزيع المساعدات بالشكل المناسب أو وجود آليات للتوزيع أم أنّنا سندخل مرة جديدة في استغلال الفرص واساءة في توزيع هذه المساعدات.

تضامن شعبي رغم محدودية الموارد المتاحة
كما شدد على “حاجة لبنان بالدرجة الأولى إلى انتخاب رئيس جمهورية يستطيع أن يخاطب المجتمع الدولي ويتعهد أمامه بتعهدات سياسية واقتصادية ونحتاج إلى حكومة تستطيع أن تواجه هذه الأزمة وبحاجة أيضاً إلى احتضان شعبي لانقاذ أهلنا النازحين.

فأمام الاهمال الرسمي الذي شهدناه، قابلنا تضامن شعبي أظهر فيها المواطن اللبناني ارادة قوية في تنظيم جهود الاغاثة والانقاذ على الرغم من محدودية الموارد المتاحة لديه”.

المصدر خاص: بيروت نيوز