كتب جوني منيّر في” الجمهورية”: إيران، التي باتت على تماس مباشر مع جموح نتنياهو، بدت قلقة من استغلال نتنياهو للظروف والسعي لضرب منشآتها النووية، وهو ما شجّع عليه ترامب وسط ضعف إدارة بايدن. فكانت زيارة عرقجي المفاجئة لبيروت من أجل إعادة لملمة صفوف الثنائي الشيعي وإجهاض ما توصل إليه نظيره الفرنسي.
وعدا أنّ لقاءه بالرئيس نجيب ميقاتي لم يكن ودياً، فإنّ تصريحه من عين التينة كان معاكساً لما التزم به بري مع ميقاتي، وحيث أعاد الربط بين جبهتي لبنان وغزة. وقيل إنّ عرقجي عمل على نسف الإقتراح الفرنسي بشقيه: فصل لبنان عن غزة والشروع في الإنتخاباتالرئاسية. لكن الواقع المريع الذي يطاول لبنان وعلى وجه الخصوص المناطق ذات الغالبية الشيعية، حمل حزب الله وللمرّةالأولى منذ تأسيسه على التمايز في البند المتعلق بالربط بين غزة ولبنان، وبخلاف البند المتعلق بالإستحقاق الرئاسي الذي عاد الى المربّع الأول. من الواضح أنّ طهران عملت على تجميع أوراقها مجدداً لكي لا تصبح وحيدة في مواجهة نيات نتنياهو تجاه منشآتها النووية. وعامل القلق الإضافي لدى طهران سببه توافق جميع القوى السياسية الإسرائيلية على توجيه ضربة لها وضدّ حزب الله أيضاً. فمثلاً كتب نفتالي بينيت، رئيس الحكومة السابق والمعارض لنتنياهو بكل قراراته تقريباً، على وسائل التواصل الاجتماعي، بأنّ إسرائيل تتمتع الآن بأعظم فرصها منذ 50 عاماً لتغيير وجه الشرق الأوسط، ما يحتم التحرك لتدمير البرنامج النووي الإيراني ومرافق الطاقة «فلدينا المبررات والأدوات، فإيران أصبحت مكشوفة بعدما أصبح حزب الله وحماس مشلولين .»ولذلك، جاء عرقجي الى بيروت بهدف إجهاض الحل الفرنسي الأميركي. وهو توجّه الى الخليج طالباً الدعم خصوصاً لمصلحة حزب الله في مقابل استكمال إصلاح العلاقة الخليجية مع حزب الله. لكن الجواب الخليجي جاء بارداً ومفضلاً البقاء خارج النزاع القائم. وأعقب هذا الأفق المقفل تهديد المسؤول العسكري في كتائب حزب الله العراقي بحرق المنشآت النفطية في المنطقة. لكن التهديد بدا ضعيفاً، وهو لم يقلق الخليجيين كثيراً. في هذا الوقت عمدت إسرائيل الى زيادة قواتها عند الحدود مع لبنان لتصل الى أربع فرق، ما أوحى بقرب التحرّك الواسع. ووفق كل ما سبق، فإن الإستنتاج واضح بأنّ الجهود الفرنسية لأخذ لبنان الى تسوية تمّ وضعها جانباً. وتراجع التفاؤل الذي كان ساد الإجتماع الذي عقده سفراء الخماسية في قصر الصنوبر الأربعاء الماضي وبقي بعيداً من الإعلام. وقد يكون الحل في حاجة إلى تصعيد جديد يسمح بإنضاج الأجواء على رغم من أنّ الأوضاع في لبنان باتت مزرية، خصوصاً على المستوى الإجتماعي. ووفق أوساط ديبلوماسية فرنسية، فإنّ بارو عندما التقى قائد الجيش عرض أمامه المبادرة التي يحملها، ولكن من دون التطرّق الى أي تفاصيل أو أسماء رئاسية، وكانت نصيحة العماد جوزف عون بأنّ المسار الفعلي لنجاحها يقتضي الشروع أوًلًا بوقف إطلاق النار، وهو ما لم يحصل.