منذ سنوات طويلة وحدّ اليوم لم يبخل الجيش بتقديم دمه وأغلى ما يملك ليحيا لبنان.. تاريخه المشرف أثبت دائمًا ولاءه للوطن الذي ارتفع وعاش بفضل قرابين التضحية التي قدّمتها عناصر استشهدت لاجل هذا الوطن. وعلى الرغم من إمكانات الجيش المحدودة، إلا أن العزيمة، والغيرة الوطنية، أثّرت ولعبت دورها في تاريخ الجيش القديم والمعاصر.
وعلى خطّ العدوان الإسرائيلي الإجراميّ المستمر على قرى وبلدات لبنانية، ومنها العاصمة بيروت، طالت شظايا هذا الهجوم الجيش، إذ أجبرت آلات القتل الإسرائيلية ما يقارب 45 فردًا يرتبطون بالجيش ارتباطًا مباشرا على النزوح من أماكن القصف، ليتحملوا هم أيضا تبعات حرب إجرامية، بعد أزمة اقتصادية كان الجيش من أبرز ضحاياها، ليزيد عبء النزوح تحديًا جديدًا على كاهل المؤسسة العسكرية، خاصة على صعيد العائلات المرتبطة بعناصر الجيش، التي اضطرت لترك منازلها بحثًا عن مناطق أكثر أمانا، وبعيدًا عن مناطق الصراع، التي تشهد حملة تدمير واسعة.
وعلى صعيد النزوح، لا تزال الجهات المعنية تعمل بالقدرات المتوافرة لديها على تأمين مراكز إيواء لكافة النازحين، إذ حسب المعلومات، تم إيواء تقريبًا كافة من نزحوا من الجنوب وبيروت والبقاع.
النزوح بطبيعة الحال أثّر على الجيش بشكل مباشر، خاصة وأن عناصر الجيش بمجملهم كانوا يعانون من أزمة اقتصادية خانقة أثّرت على قدرتهم الشرائية، على الرغم من المساعدات المتتالية والدعم الذي كانوا يتلقوه، ما وضع عددًا كبيرًا منهم في موقف صعب خلال هذه الأزمة، خاصة وان معاشهم الشهري لا يكفي قيمة الإيجارات المرتفعة التي تشهدها مناطق النزوح.
مصادر تواصل معها “لبنان24” أكّدت أنّ قيادة الجيش استنفرت منذ اللحظة الاولى من خلال لجان طوارئ وُجدت لكي تنظم عملية إيواء عائلات العسكريين، وذلك من خلال مراكز خاصة تم تامينها لهم. وتؤكّد هذه المصادر أن لجانا خاصة موزعة على مختلف المناطق اللبنانية مهمتها تأمين احتياجات العسكر كافة تعمل بشكل متواصل ومن دون أي انقطاع عن الميدان. كما وتم إشغال مراكز خاصة بالجيش كمراكز للإيواء.
وتشير المصادر إلى تشكيل لجان أخرى تعمل بشكل يومي على تلقي وتوزيع المساعدات لعناصر وعائلات الجيش في مختلف مراكز الإيواء، عدا عن التقديمات الأخرى التي يستلمها الجيش من قبل الجهات المانحة.
وبعيدًا عن المدارس التي يتواجد في داخلها أيضا عدد كبير من عائلات أفراد الجيش، برز من جانب آخر قيام عائلات عدّة في مختلف المناطق اللبنانية باستقبال عائلات افراد الجيش بشكل مجاني داخل بيوتهم. ففي إحدى البلدات الكبرى، تواصل “لبنان24” مع أحد العناصر الذي أشار إلى أنّ عائلة فتحت منزلها بشكل مجاني أمامه وأمام عائلته المكونة من زوجته وابنتيه وأمّه، مشيرا إلى أنّه يتقاسم المنزل مع هذه العائلة التي رفضت أن يغادر لأي مركز إيواء آخر.
والأمر هذا لا يقتصر على عائلة واحدة، إذ علم “لبنان24” أن عددًا من العائلات فتحت منازلها بشكل مجاني أمام عائلات عناصر الجيش، وقرّرت مساندتهم كرد جميل لتضحياتهم التي قدّموها على مدار السنوات.
وأكّدت معلومات “لبنان24” أن عددًا كبيرا من الجمعيات قرّر الدخول على خط إغاثة عائلات أفراد الجيش، إذ يتم التنسيق بشكل متواصل لناحية تأمين احتياجات هذه العائلات في ظل الظروف التي يمرون بها.