هل تتمكن إسرائيل من إسقاط النظام الإيراني؟

31 أكتوبر 2024
هل تتمكن إسرائيل من إسقاط النظام الإيراني؟

ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أن “الضربة الإسرائيلية التي طال انتظارها على إيران انتهت أخيراً، وإذا وثقنا بالتحليل الإسرائيلي لما بعد الهجوم، فإن الأمر سار على ما يرام. فبعد أن استسلمت إسرائيل للضغوط الأميركية التي منعتها من مهاجمة المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية، والتي كان من الممكن أن تؤدي إلى تصعيد هائل وارتفاع حاد في أسعار النفط، ركزت إسرائيل بدلا من ذلك على الأهداف العسكرية. لقد نجح أسطولها المكون من مائة طائرة في تدمير نظام الدفاع الجوي الإيراني من طراز إس-300 بالكامل، وخفض إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية بنسبة 80%، وضرب أنظمة الدفاع الجوي في محيط مدينة عبادان، وهي مركز لإنتاج النفط. ولم يتسبب هذا الهجوم الجوي في أضرار مادية فحسب، بل وأرسل أيضا رسالة واضحة إلى إيران مفادها أنه في المرة القادمة، ومع تحطيم الدفاع الجوي الإيراني، قد تقترب إسرائيل أكثر من المواقع الحساسة”.


وبحسب الصحيفة، “لا شك أن إيران تجد نفسها في وضع غير مرغوب فيه. فعلى مر السنين، بنت وسلحت مجموعة من الوكلاء حول إسرائيل، من حزب الله في لبنان إلى حماس في قطاع غزة، والحوثيين في اليمن، والفصائل الشيعية في العراق وسوريا. وكان تفكير إيران أن وكلاءها لا يمكنهم استنزاف إسرائيل فحسب، بل وأيضاً جعل تدخلها المباشر في الاشتباكات مع إسرائيل غير ضروري، خشية تعريض نفسها للانتقام الإسرائيلي. ولكن الأمور اتخذت منعطفاً مختلفاً، ومن عجيب المفارقات أن إيران تجد نفسها مضطرة إلى حماية أولئك الذين كان من المفترض أن يحموها. وعلى هذا الاساس، عندما وجهت إسرائيل ضربات مروعة إلى وكلائها، وخاصة حماس وحزب الله، وأذلت إيران باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي من حماس، في طهران، شعرت إيران بأنها ملزمة بمهاجمة إسرائيل. وكان عدم الاستجابة للتحديات الإسرائيلية ليصورها، وخاصة في نظر معارضيها في الداخل، وكأنها نمر من ورق”.

وتابعت الصحيفة، “إن ما يزيد الأمور سوءاً بالنسبة لإيران هو أنها في الوقت الذي ترغب فيه في تحسين علاقاتها بالغرب تجد نفسها في صدام مباشر مع الولايات المتحدة. والواقع أن الولايات المتحدة لم تكتف في الأيام التي سبقت الهجوم الإسرائيلي على إيران بالتخطيط مع إسرائيل للأهداف الإيرانية التي ينبغي مهاجمتها، بل وافقت واشنطن أيضاً على إرسال قوات أميركية إلى الأراضي الإسرائيلية للمساعدة في حالة الانتقام الإيراني. والآن تتحول كل الأنظار من إسرائيل إلى إيران لمعرفة خطوتها التالية. فهل سترد على الهجوم الإسرائيلي الأخير؟ وإذا فعلت، فما هو نوع رد الفعل الذي ستتخذه؟ هل ستهاجم إسرائيل ذاتها، أو ربما تضرب الأهداف اليهودية في الخارج؟ كل هذه أسئلة كبيرة مفتوحة”.

وأضافت الصحيفة، “في غضون ذلك، تتنافس في إسرائيل ثلاث مدارس فكرية: الأولى تعتقد أنه إذا ردت إيران، فيتعين على إسرائيل أن ترد كما فعلت في الماضي، ولكن دون المبالغة في الرد. والهدف العام، وفقاً لهذه المدرسة الفكرية، ينبغي أن يكون “الرد بالمثل”، بمعنى التركيز بدلاً من ذلك على الجبهات الأخرى، وخاصة لبنان وغزة، حيث يتم احتجاز الرهائن الإسرائيليين لأكثر من عام الآن. وترى المدرسة الفكرية الثانية أنه إذا ردت إيران، فيتعين على إسرائيل أن تستغل فرصة فريدة لإزالة تهديد استراتيجي بقصف منشآتها النووية. وسوف يتطلب مثل هذا الهجوم إقناع واشنطن ليس فقط بالمساعدة في الدفاع، بل وأيضاً بالمشاركة في العملية نفسها، لأن إسرائيل، إذا شنت هجوماً بمفردها، لا يمكنها إلا أن تتسبب في إلحاق الضرر بالمنشآت النووية الإيرانية ولكن لا يمكنها أن تدمرها. أما المدرسة الفكرية الثالثة فتركز ليس فقط على الجوانب العسكرية للرد الإسرائيلي المحتمل على إيران، بل وعلى الأمور السياسية أيضاً، وتدعو إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتخلص من النظام الإيراني، مرة واحدة وإلى الأبد، وانهياره. ويمكن تحقيق ذلك من خلال شن هجوم مباشر على النظام الإيراني وهو ما من شأنه، وفقاً للتفكير الإسرائيلي، أن يعزز المعارضة الإيرانية للنظام ويؤدي إلى انهياره من الداخل”.

وبحسب الصحيفة، “في الوقت الحالي، يبدو أن المدرسة الفكرية السائدة في إسرائيل هي المدرسة الأولى، ويبدو أن الابتهاج الإسرائيلي الخافت نسبياً في أعقاب هجومهم الناجح يشير إلى أنهم يفضلون البقاء بعيداً عن الأضواء، وهو ما قد يقنع إيران بعدم الرد. وهناك أمران قد يدفعان الإسرائيليين إلى تبني خيارات أكثر تطرفاً، مثل مهاجمة المنشآت النووية أو ضرب النظام نفسه. الأول يتعلق بقوة وحجم الرد الإيراني إذا حدث. والثاني يتعلق بوجهة نظر الإدارة الأميركية المنتخبة حديثاً. ولكن المؤكد هو أن الحرب بين إسرائيل وإيران، التي ظلت لسنوات طويلة في الخفاء، أصبحت الآن في العلن، وسوف تكون حرباً طويلة للغاية”.